منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - كِـ،ـتَآبُ العواصـِفْ لِ: جُـبْرآن خليـ،ـلْ جـُبرآن
عرض مشاركة واحدة
قديم 2011-09-08, 10:14   رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
الـ،ـمُحبهـْ لربهـ،ـآا
عضو جديد
 
الصورة الرمزية الـ،ـمُحبهـْ لربهـ،ـآا
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

رؤيا

عندما جن الليل وألقى الكرى رداءه على وجه الأرض تركت مضجعي وسرت نحو البحر قائلا في نفسي : البحر لا ينام . وفي يقظة البحر تعزية لروح لا تنام .
بلغت الشاطئ وكان الضباب قد انحدر من أعالي الجبال وغمر تلك النواحي مثلما يوشي النقاب الرمادي وجه الصبية الحسناء . فوقفت محدقا الى جيوش الأمواج مصغيا الى تهاليلها ، مفكرا بالقوى السرمدية الكامنة ورائها ، تلك القوى التي تركض مع العواصف وتثور مع البراكين وتبتسم بثغور الورود وتترنم مع الجداول .
وبعد هنيهة التفت فإذا بثلاثة أشباح جالسين على صخر قريب وأغشية الضباب تسترهم ولا تسترهم ، فمشيت نحوهم ببطء كأن في كيانهم جاذبا يستميلني قسر ارادتي .
ولماا صرت على بعد بضع خطوات منهم وقفت شاخصا بهم كأن في المكان سحرا أجمد ما بي من العزم وأيقظ ما في روحي من الخيال .
في تلك الدقيقه وقف أحد الأشباح الثلاثه ، وبصوت خلته آتيا من أعماق البحر قال :
-الحياة بغير حب كالشجرة بغير أزهار ولا أثمار .
والحب بغير جمال كأزهار بغير عطر ، وأثمار بغير بذور ... الحياة والحب والجمال – ثلاثة أقانيم في ذات واحدة مستقله مطلقه لا تقبل التغيير ولا الانفضال .
قال هذا وجلس في مكانه .
ثم انتصب الشبح الثاني ، وبصوت يماثل هدير مياه غزيرة قال :
-الحياة بغير تمرد كالفصول بغير ربيع . والتمرد بغير حق كالربيع في الصحراء القاحله الجرداء ... الحياة والتمرد والحق – ثلاثة أقانيم في ذات واحدة لا تقبل الإنفصال ولا التغيير .
ثم انتصب الشبح الثالث ، وبصوت كقصف الرعد قال :
-الحياة بغير الحرية كجسم بغير روح . والحرية بغير الفكر كالروح المشوشة ... الحياة والحرية والفكر – ثلاثة أقانيم في ذات واحدة أزلية لا تزول ولا تضمحل .
ثم وقف الأشباح الثلاثة ، وبأصوات هائلة قالو معا :
-الحب وما يولده . والتمرد وما يوجده . والحرية وما تنميه – ثلاثة مظاهر من مظاهر الله . والله ضمير العالم العاقل .
وحدث إذ ذاك سكوت مفعم بحفيف أجنحة غير منظورة وارتعاش أجسام أثيرية . فأغمضت عيني مصغيا إلى صدى الأقوال التي سمعتها . ولما فتحتهما ونظرت ثانية لم أرَ غير غير البحر متشحا بدثار الضباب ، فاقتربت من الصخرة حيث كان الأشباح الثلاثة جالسين فلم أر إلا عمودا من البخور متصاعدا نحو السماء .










رد مع اقتباس