منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - مســــائل هامّة في الاســــتغفار ...
عرض مشاركة واحدة
قديم 2011-08-31, 23:20   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
علي الجزائري
عضو محترف
 
الصورة الرمزية علي الجزائري
 

 

 
الأوسمة
المشرف المميز لسنة 2013 وسام التميز 
إحصائية العضو










افتراضي

فصل في المقصود أن الاستغفار والتوبة يكونان من كلا النوعين

والمقصود أن الاستغفار والتوبة يكونان من كلا النوعين، وأيضا فالاستغفار والتوبة مما فعله وتركه،
في حال الجهل قبل أن يعلم أن هذا قبيح من السيئات، وقبل أن يرسل إليه رسول، وقبل أن تقوم
عليه الحجة، فإنه سبحانه قال: { وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولا } .
وقد قال طائفة من أهل الكلام والرأي: إن هذا في الواجبات الشرعية غير العقلية. كما يقوله من يقوله
من المعتزلة وغيرهم: من أصحاب أبي حنيفة، وغيرهم: مثل أبي الخطاب . وغيره، على أن الآية عامة:
لا يعذب الله أحدًا إلا بعد رسول.
وفيهما دليل على أنه لا يعذب إلا بذنب، خلافًا لما يقوله: المجبرة أتباع جهم: أنه تعالى يعذب بلا ذنب،
وقد تبعه طائفة تنسب إلى السنة: كالأشعري وغيره، وهو قول القاضي أبي يعلى وغيره،
وقالوا: إن الله يجوز أن يعذب الأطفال في الآخرة عذابًا لا نهاية له من غير ذنب فعلوه، وهؤلاء يحتجون
بالآية على إبطال قول من يقول: إن العقل يوجب عذاب من لم يفعل، والآية حجة عليهم أيضا
حيث يجوزون العذاب بلا ذنب، فهي حجة على الطائفتين.
ولها نظائر في القرآن كقوله: { وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِك الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا } ،
وقوله تعالى: { لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ }
وقوله: { كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا
وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللهُ مِن شَيْءٍ إِنْ أَنتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ كَبِيرٍ }
. وما فعلوه قبل مجىء الرسل كان سيئًا
وقبيحًا وشرّا، لكن لا تقوم عليهم الحجة إلا بالرسول. هذا قول الجمهور.
وقيل: إنه لا يكون قبيحًا إلا بالنهي، وهوقول من لا يثبت حسنا ولاقبيحًا إلا بالأمر والنهي. كقول جهم
والأشعري ومن تابعه من المنتسبين إلى السنة. وأصحاب مالك والشافعي وأحمد: كالقاضي أبي يعلى،
وأبي الوليد الباجي، وأبي المعالي الجويني وغيرهم، والجمهور من السلف والخلف على أن ما كانوا
فيه قبل مجيء الرسول من الشرك والجاهلية شيئًا قبيحًا، وكان شرّا. لكن لا يستحقون العذاب إلا بعد
مجىء الرسول؛ ولهذا كان للناس في الشرك والظلم والكذب والفواحش ونحو ذلك ثلاثة أقوال: قيل:
إن قبحهما معلوم بالعقل، وأنهم يستحقون العذاب على ذلك في الآخرة، وإن لم يأتهم الرسول،
كما يقوله المعتزلة، وكثير من أصحاب أبي حنيفة. وحكوه عن أبي حنيفة نفسه،
وهو قول أبي الخطاب، وغيره.
وقيل: لا قبح، ولا حسن، ولا شر فيهما قبل الخطاب، وإنما القبيح ما قيل: فيه لا تفعل، والحسن ما قيل:
فيه افعل، أو ما أذن في فعله، كما تقوله الأشعرية، ومن وافقهم، من الطوائف الثلاثة.
وقيل: إن ذلك سيئ، وشر، وقبيح، قبل مجيء الرسول؛ لكن العقوبة إنما تستحق بمجيء الرسول.
وعلى هذا عامة السلف، وأكثر المسلمين، وعليه يدل الكتاب والسنة، فإن فيهما بيان أن ما عليه الكفار
هو شر وقبيح، وسيئ قبل الرسل، وإن كانوا لايستحقون العقوبة إلا بالرسول. وفي الصحيح أن حذيفة
قال: يا رسول الله، إنا كنا في جاهلية وشر، فجاءنا الله بهذا الخير، فهل بعد هذا الخير من شر؟ قال:
«نعم، دعاة على أبواب جهنم، من أجابهم إليها قذفوه فيها».