منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - سلسة الرد على شبهات دعاة التكفير
عرض مشاركة واحدة
قديم 2008-12-29, 14:37   رقم المشاركة : 43
معلومات العضو
جمال البليدي
عضو محترف
 
الصورة الرمزية جمال البليدي
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الشبهة السادسة والعشرون:إستدلالهم بقصة الرجل الذي نكح زوجة أبيه

وقد إستدل الخوارج بما رواه الخمسة وغيرهم عن البراء بن عازب ولفظه عند أبي داود والنسائي قال:" لقيت – وعند النسائي أصبت – عمي ومعه راية ، فقلت له أين تريد؟ قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى رجل نكح امرأة أبيه فأمرني أن أضرب عنقه وآخذ ماله " وعند الترمذي وابن ماجه ورواية للنسائي أنه " خاله " . ، وأخرجه النسائي والطحاوي من حديث معاوية بن قرة عن أبيه وفيه " وأصفى ماله "
قالو(الخوارج) :ففي هذا الحديث ما يفيد صراحة بأن الرجل قتل كافراً لأنه أخذ ماله وهذا بمجرد عمل عمله ، فكيف بمن يحكم بغير ما أنزل الله ، ويضع له محاكم ، ويلزم الناس بالرجوع إليها ؟ أو بمن يضع الربا ويحميه ؟ وهكذا...

والجواب على هذه الشبهة:

على فرض ثبوت الحديث فإنه في حق من استحل محرماً، فإن هذا الرجل المتزوج بامرأة أبيه قد استحل فرجها وإلا فمن المعلوم أن مجرد الزواج بزوجة الأب ليس كفرا حتى يستحل صاحبها ذلك.

لذلك قال الطحاوي -رحمه الله- (المعاني3/149):
"...ذلك المتزوج فعل ما فعل، ذلك على الاستحلال كما كانوا يفعلون في الجاهلية؛ فصار بذلك مرتداً، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يفعل به ما يفعل بالمرتد" ا.هـ.
وقال الشوكاني -رحمه الله- (النيل7/131):
"والحديث فيه دليل على أنه يجوز للإمام أن يأمر بقتل من خالف قطعياً من قطعيات الشريعة –كهذه المسألة-، فإن الله تعالى يقول: (ولا تنكوا ما نكح آباؤكم من النساء) ولكنه لا بُدَّ من حمل الحديث على أن ذلك الرجل الذي أمر صلى الله عليه وآله وسلم بقتله عالمٌ بالتحريم وفعله مستحلاً؛ وذلك من موجبات الكفر"ا.هـ.

أقول:
وفي كلام الإمام الشوكاني -رحمه الله- ما يُشعِر بالأصل القائل:
(تُردُّ الأمور المتشابهة إلى المحكم من النصوص).

وقد يقول قائل: وكيف علم النبي صلى الله عليه وسلم إستحلاله وعلمه بالتحريم حتى كفره؟

فيقال: هذا السؤال خاطئ في حدا ذاته لأنه من المعلوم بداهة أن أوامر النبي صلى الله عليه وسلم وتشريعاته ناتجة عن وحي من الله تعالى الذي لا تخفى عنه خافية وهو علام الغيوب

قال تعالى(وما ينطق عن الهوى إن هوى إن هو إلا وحي يوحى)

وعن حسّان بن عطيّة أحد ثقات التابعين الشاميّين قال: "كان جبريل ينـزل على النبيّ صلى الله عليه وسلم بالسنّة كما ينـزل عليه بالقرآن"([1]) وفي رواية إضافة قوله: "ويعلّمه إيّاها كما يعلّمه القرآن"([2]).

ومسألة الإستحلال أمر غيبي إلا أن يصرح العبد بإستحلاله إما بلسانه اوقلمه وهذا مالم يحصل في هذه الحادثة فقد جاء في الرواية الأخرى((بَيْنَا أَنَا أَطُوفُ عَلَى إِبِلٍ لِي ضَلَّتْ إِذْ أَقْبَلَ رَكْبٌ أَوْ فَوَارِسُ مَعَهُمْ لِوَاءٌ - فَجَعَلَ الأَعْرَابُ يَطِيفُونَ بِي لِمَنْزِلَتِي مِنْ النَّبِيِّ ص- إِذْ أَتَوْا قُبَّةً فَاسْتَخْرَجُوا مِنْهَا رَجُلاً [فَمَا سَأَلُوهُ وَلاَ كَلَّمُوهُ] [عَنْ َشْيءٍ] فَضَرَبُوا عُنُقَهُ فَسَأَلْتُ عَنْهُ فَذَكَرُوا أَنَّهُ أَعْرَسَ بِامْرَأَةِ أَبِيهِ [فَبَعَثَ إِلَيْهِ رَسُولُ الله ص فَقَتَلَه])

فأفاد قوله(فَمَا سَأَلُوهُ وَلاَ كَلَّمُوهُ) أن النبي عليه الصلاة والسلام علم أن الرجل (1)إستحل (2)وكان عالما بالتحريم لذلك كفره وأمر بقتله مرتدا –والله أعلم- .


----------------------------
([1]) فتح الباري 13/305 - سنن الدارميّ - المقدّمة - باب السنّة قاضية على كتاب الله 1/117 حديث 594.

([2]) تحفة الأشراف 13/ 161 الحديث 18490.