منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - أسباب هجرة بني هلال وبني سليم إلى تونس في القرن الخامس
عرض مشاركة واحدة
قديم 2008-12-27, 12:40   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
riadh2008
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية riadh2008
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

((تابع للمقال))

أسباب هجرة القبائل الهلالية إلى تونس:

إن النزوح والانتجاع والإرتحال ضرورة تفرضها طبيعة البيئة التي تكيفت معها نفسية هذه القبائل العربية وأصبح يطبع كيانها، وكان تنقل القبائل لأسباب ضرورية ولظروف قاسية فرضتها قسوة البيئة إضافة إلى الطبيعة القبلية المقاتلة التي كانت تلك المجموعات تتميز بها. كما أن انتشار العرب في الأرض من جزيرتهم كانت في فترات متقدمة، وارتبط الانتشار بالعديد من الأسباب منها الفتح الإسلامي، إذ خرج العرب ينشرون ديانتهم وأوغلوا في البلاد وفتحوا الأمصار. كما أنه “لم يكن زجر عمر ليوقف تيارهم فانساحوا في الأرض حتى نصبوا أعلامهم على ضفاف نهر الكنج شرقا وشواطئ المحيط الأطلسي غربا، وضفاف نهر لورا شمالا وأواسط إفريقيا جنوبا وملؤوا الأرض فتحا ونصرا، واحتلوا مدائن كسرى وقيصر وأقاموا في المدن"[96].

والقبائل التي نشرت الإسلام خارج الجزيرة العربية قبائل مضر وكذلك القبائل العدنانية والقحطانية وأشار إلى ذلك جرجي زيدان "والقبائل التي قامت بنصرة الإسلام ونشره قبائل مضر وأنصارها من العدنانية والقحطانية"[97]. وكان انتشار العرب بعد ظهور الإسلام بالمهاجرة، وكذلك هم هاجروا بأهلهم وخيامهم وأنعامهم حبا للعيش في البلاد العامرة، وعلى سبيل الذكر لا الحصر فقد هاجرت بطون من خزاعة إلى مصر والشام في صدر الإسلام وذلك بسبب جدب الأرض وقلة الأعشاب لحيواناتهم" وكذلك كانت تفعل العرب كلما أصابها جدب، حتى عرفت عندهم أعوام خاصة فيها يخرجون إلى مصر والشام وتلك الأعوام يسمونها أعوام الجلاء"[98].



أ) الأوضاع الاقتصادية في مصر في عهد المستنصر: (427 هـ ـ 487 هـ)

أبو تميم معد الملقب بالمستنصر بالله المولود سنة 420 هـ هو الخامس من خلفاء مصر من بني عبيد ولي الخلافة بعد موت أبيه الظاهر لإعزاز دين الله، وذلك في منتصف شعبان سنة 427 هـ وكان عمره يوم ولي الخلافة سبعة سنين وسبعة وعشرون يوما و"إمتد سلطان الفاطميين في القسم الأول من عهد المستنصر على بلاد الشام وفلسطين والحجاز وصقلية وشمال إفريقية وكان اسمه يذاع على كافة منابر البلاد الممتدة من الأطلسي غربا إلى البحر الأحمر شرقا"[99]. وبقي المستنصر بالله في الخلافة ستين سنة وأربعة أشهر وفي ظل خلافته لم تتمتع مصر طوال هذه المدة بالرخاء والطمأنينة غير مدة قصيرة، سرعان ما جرت فيها أحداث سياسية واقتصادية واجتماعية أدت إلى تزعزع مركز الخلافة الفاطمية.

وعن المجاعات التي حدثت في عهد المستنصر بالله الفاطمي ينقل لنا الراضي دغفوس عن المقريزي "قد تخللتها مجاعات أعنف وأشد نذكر من بينها مجاعة سنة 444هـ 1052م ثم مجاعة 447هـ 1055م ومجاعة سنة 457هـ 1065م"[100]. وترجع أسباب تلك المجاعات حسب ما أورده المقريزي إلى "قصر مياه النيل منذ سنة 444هـ ثم قلة الغلات في المخازن التجارية آنذاك"[101] لقد ارتفعت الأسعار في خلافة المستنصر وخاصة خلال وزارة اليازوري ويرجع ذلك الغلاء إلى تراجع مياه النيل وخاصة سنة 444هـ وخلو المخازن السلطانية من التموين. فاشتدت الأزمة "وكان لعريف الخبازين دكان يبيع الخبز بها ومحاذيها دكان آخر لصعلوك يبيع الخبز بها ايضا، وسعره يومئذ أربعة أرطال بدرهم وثمن. فرأى الصعلوك أن خبزه قد كان يبرد فأشفق من كساده فنادى عليه أربعة أرطال بدرهم ليرغب الناس فيه فانثال الناس عليه حتى بيع كله لتسامحه، وبقي خبز العريف كاسدا فحنق العريف لذلك، ووكل به عونين من الحسبة أغرماه عشرة دراهم"[102].وعن أسباب مجاعة 444هـ فإنها تعود بصفة خاصة إلى القرارات التي اتخذها الوزير اليازوري وذكر ذلك المقريزي: "فلما مر قاضي القضاة أبو محمد اليازوري عن العرافة ودفع إلى الصعلوك ثلاثين رباعيا من الذهب فكاد عقله يختلط من الفرح، ثم عاد الصعلوك إلى حانوته فإذا عجنته قد خبزت فنادى عليها خمسة أرطال بدرهم فمال الزبون إليه وخاف من سواه من الخبازين برد أخبازهم فباعوا كبيعة فنادى ستة أرطال بدرهم فأدتهم الضرورة إلى إتباعه، فلما رأى إتباعهم له قصد نكاية العريف الأول وغيظه بما يرخص بسعر الخبر فاقبل يزيد رطلا رطلا والخبازون يتبعونه في بيعه خوفا من البوار حتى بلغ النداء عشرة أرطال بدرهم وانتشر ذلك في البلد جميعه وتسامع الناس به فتسارعوا إليه، فلم يخرج قاضي القضاة من الجامع إلى والخبز في جميع البلد عشرة أرطال بدرهم"[103]. و يبين ما سلف أثر النيل على الحياة المصرية وخاصة عند تراجعه وقصره وانعكاس ذلك على الاقتصاد والمجتمع المصري. فكلما قصر النيل تقل الحبوب وترتفع الأسعار فيعم الغلاء والمجاعة ويؤدي ذلك إلى تذمر اجتماعي ومن ثم فوضى سياسية. كما أن مصر شهدت وباء نكبت به وجميع الأمم الإسلامية وهو الممتد من 446 ـ 456هـ، فلقد أعدمت في ذلك الحين الأقوات مما اضطر الناس لأكل القطط والكلاب وأكل بعضهم بعضا، "حتى إنه جلا من مصر خلق كثير لما حصل بها من الغلاء الزائد عن الحد، والجوع الذي لم يعهد مثله في الدنيا، فإنه مات أكثر أهل مصر وأكل بعضهم بعضا"[104] "وليس أدل على الفوضى التي سادت مصر في ذلك العهد من تقلد أربعين وزيرا الوزارة في تسعة سنوات بعد قتل اليازوري في سنة 450هـ، ثم عاد القحط والغلاء وما أعقبه من الوباء والموت في سنة 459هـ، وظلت الحال كذلك إلى سنة 464هـ"[105].










رد مع اقتباس