منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - الحجة القاطعة في الرد على من كفر المُقَنِّن بدعوى المنازعة
عرض مشاركة واحدة
قديم 2011-06-27, 22:56   رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
جمال البليدي
عضو محترف
 
الصورة الرمزية جمال البليدي
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الشبهة الثانية: المقنن قد جعل نفسه طاغوتا يتحاكم إليه الناس وكل طاغوت الكافر

والجواب على هذا :
(( إن هذا الاستدلال غير صحيح وبيان خطإه من وجهين :

الوجه الأول : أنه مبني على مقدمة غير صحيحة ، وهي القول بأن الطاغوت لا يكون إلا كافراً ! وبرهان خطإ هذه المقدمة من ثلاث جهات :

1- أن الطاغوت يطلق على : ( كل رأس في الضلالة ) , وذلك أنه مشتق من الطغيان الذي هو : مجاوزة الحد .

قال القرطبي رحمه الله : « أي : اتركوا كل معبود دون الله ؛ كالشيطان , والكاهن , والصنم , وكل من دعا إلى الضلال » ( تفسيره 5/75 ، تحت قوله تعالى : {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ} [سورة النحل: ﴾ [ النحل 36 ] ) .

وقال الفيروز آبادي رحمه الله : « والطاغوت : ... وكل رأس ضلال , والأصنام ، وما عبد من دون الله , ومردة أهل الكتاب » ( القاموس المحيط 4/400 ، طغا ) .

* أقول : فالطغيان – إذاً – قد يكون مكفراً وقد لا يصل لحد الكفر ، ولذلك قال ابن باز رحمه الله : « فحدّك أن تكون عبداً مطيعاً لله ، فإذا جاوزتَ ذلك فقد تعدّيتَ وكنتَ طاغوتاً بهذا الشيء الذي فعلته .. فقد يكون كافراً وقد يكون دون ذلك »
( شرح ثلاثة الأصول ، الشريط 2 ، الوجه ب ، إصدار تسجيلات « البردين » بالرياض ) .

2- أن مِن أهل العلم مَن وصف أحداً بأنه طاغوت بمجرد أن يُتَجَاوَز به الحد , بدون النظر للموصوف نفسه :

( أ ) . لأنهم عرّفوا الطاغوت بأنه : « كل ما تجاوز به العبد حده من معبود أو متبوع أو مطاع » قاله ابن القيم رحمه الله ( أعلام الموقعين 1/50 ) .

وعلق عليه ابن عثيمين رحمه الله بقوله : « ومراده : من كان راضياً . أو يقال : هو طاغوت باعتبار عابده وتابعه ومطيعه ؛ لأنه تجاوز به حدّه حيث نزّله فوق منزلته التي جعلها الله له , فتكون عبادته لهذا المعبود واتباعه لمتبوعه وطاعته لمطاعه : طغياناً ؛ لمجاوزته الحد بذلك » ( القول المفيد 1/30 ) .

* أقول : فلا يلزم من الوصف بالطاغوتية أن يكون الموصوفُ كافراً ؛ لاحتمال أن يكون طاغوتاً باعتبار من اتخذوه لا بالنظر له هو .

( ب ) . كما أنهم وصفوا الجمادات المعبودة من دون الله بأنها طواغيت ، ومن المعلوم بداهة أن الجمادات لا توصف بالإسلام الذي هو نقيضُ الكفر .

قال ابن الجوزي رحمه الله : « وقال ابن قتيبة : كل معبود ؛ من حجر أو صورة أو شيطان : فهو جبت وطاغوت . وكذلك حكى الزجاج عن أهل اللغة » ( نزهة الأعين النواظر ص 410 ، باب الطاغوت ) .
وقال ابن تيمية رحمه الله : « وهو اسم جنس يدخل فيه : الشيطان والوثن والكهان والدرهم والدينار وغير ذلك » ( الفتاوى 16/565 ) .

* أقول : فلو كان كل طاغوت كافراً لما ساغ وصف الجمادات به .

3- إطلاق أهل العلم وصف الطاغوت على أهل الذنوب غير المكفرة .

قال الراغب الأصفهاني رحمه الله : « الطاغوت عبارة عن : كل متعدٍّ وكل معبود من دون الله ... ولما تقدم : سُمّي الساحر والكاهن والمارد من الجن والصارف عن طريق الخير : طاغوتاً » ( المفردات ص 108 ، طغى ) .
وقال محمد بن عبد الوهاب رحمه الله : « والطواغيت كثيرة , والمتبين لنا منهم خمسة : أولهم الشيطان وحاكم الجور وآكل الرشوة ومن عُبد فرضي والعامل بغير علم »( الدرر السنية 1/137 ) .

وقال ابن عثيمين رحمه الله : « وعلماء السوء الذين يدعون إلى الضلال والكفر أو يدعون إلى البدع أو إلى تحليل ما حرم الله أو تحريم ما أحل الله : طواغيت »( شرح ثلاثة الأصول ص 151 ) .

* أقول : فلو كان كل طاغوت كافراً لما جاز لهم هذا الإطلاق ، أو للزم منه
أن يكونوا مكفرين بالذنوب .

الوجه الثاني : يلزم منه تكفير من اتفق أهل السنة على عدم تكفيره ، وهو من قنن للذنب ؛ إذ لا فرق – في التقنين – بين من قنن الذنب وبين من قنن الحكم بغير ما أنزل الله ، إذ الكل واقع في تقنين أمرٍ محرم .

مثاله : عصابة نذرت نفسها لقطع الطريق وجعلت عليها رئيساً ورسمت لنفسها
نظاماً ، فكان هذا الرئيس هو الذي يدعوهم وينظم لهم الاعتداء وقطع السبيل وإخافة المسلمين فيمتثلون ، وهو الذي يأمرهم فيأتمرون وينهاهم فينتهون ؛ فهذا الرجل أصبح مقنناً للذنب ، مع أنه ليس بكافر .

* أقول : ولو كان الأصل الذي بُني عليه التكفير بالتقنين صحيحاً لوجب تكفير مثل هذا ، مع أنه من أصحاب الذنوب الذين اتفق أهل السنة على عدم تكفيرهم .)) من
كتاب الحكم بغير ما أنزل الله مناقشة تأصيلية للشيخ بندر بن نايف العتيبي.










رد مع اقتباس