منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - الحجة القاطعة في الرد على من كفر المُقَنِّن بدعوى المنازعة
عرض مشاركة واحدة
قديم 2011-06-27, 22:53   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
جمال البليدي
عضو محترف
 
الصورة الرمزية جمال البليدي
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

المبحث الخامس : الرد على دعوى المنازعة وما يلحق بها من شبه
الشبهة :
قالوا : ((ن الله -عزَّ وجلَّ- قد خصَّ نفسه بالتشريع ، فهو حق من حقوق الله لا يشاركه فيها أحد ، فمن سن قانونا فهو منازع لله تعالى ومن نازع الله تعالى فقد كفر لأن الله يقول: {ولا يشرك في حكمه أحداً}(سورة الكهف(آية/26).) ، ويقول تعالى: {إن الحكم إلا لله}(سورة يوسف(آية/40))..

والجواب على هذه الشبهة من أوجه :
الوجه الأول : لا يُسلّم بأن المُقَنِّن للقوانين الوضعية المحرمة منازع لله في حكمه في كل الحالات ؛ وذلك أنه إذا نسب ما جاء به للدّين ( = المبدل ) أو اعتقد أنه يجوز له أن يحكم بغير ما أنزل الله ( = المستحل ) ؛ فهو مشارك لله في حكمه ، أما من عداهما فلا يدخل في هذه الآيات .
فالمقنن لا يخلوا أمره من حالتين :
الحالة الأولى : أن يقوم بالتقنين وينسب ذلك إلى الدين(=الشرع المبدل) كأن ينسبه إلى الله تعالى أو يجعله دينا يتعبد الله به أو يتعبد غير الله به فهذا ليس منازع فحسب بل كافر كفر أكبر مخرج من الملة .
قال إسماعيل القاضي- كما في "الفتح- (13/120)-: "من فعل مثل ما فعلوا –يقصد اليهود في تحريفهم لحكم الرجم-واخترع حكما يخالف به حكم الله وجعله دينا يعمل به فقد لزمه مثل ما لزمهم من الوعيد المذكور)).

وقال الجصاص-"أحكامه- (4/94)م-: "من حكم بغير حكم الله ثم قال إن هذا حكم الله فهو كافر كما كفرت بنو إسرائيل حين فعلوا ذلك"اهـ ،

وقال شيخ الإسلام-"الفتاوى"- (3/267-268)-: ((الشرع المبدل: وهو الكذب على الله ورسوله...فمن قال: (إن هذا من شرع الله) فقد كفر بلا نزاع))اهـ.

الحالة الثانية : أن يقوم بالتَقْنِين ولا ينسب ذلك إلى الله ولا يستحل ولايُقَنِّن كفرا ؛ فهذا ليس بمنازع فضلا على أن يكون كافرا وذلك لعدة أمور :


الأول :لأن الله تعالى شرع لنا دينا وهذا المُقَنِّن لم يجعل قانونه دينا ولا شرعا (بالمعنى الاصطلاحي)) فاختلاف الفعلين يُبطِل المنازعة من أساسها.

""قَالَ النَّوَوِيُّ -رَحِمَهُ اللهُ- فِي تهذيب الأَسْمَاءِ(3/153) : «الشَّرِيْعَةُ: ما شرع الله تعالى لعباده من الدين، وقد شرع لهم شرعاً أيْ: سَنَّ.

وقال الهروي: قال ابن عرفة: الشرعة والشريعة سواء، وهو الظاهر المستقيم من المذهب، يقال: شرع الله تعالى هذا أي جعله مذهباً ظَاهِراً))

و قد ذكر الواحدي وغيره عن أهل اللغة في قول الله عز وجل: {ثم جعلناك على شريعة من الأَمْر} أقوالاً؛ فَقَالُوا: الشَّرِيْعَةُ: الدين، والملة، والمنهاج، والطريقة، والسُّنَّة، والقصد. قَالُوا: وبذلك سميت شريعة النهر لأَنَّهُ يوصل منها إلى الانتفاع.

والشرائع في الدين: المذاهب التي شرعها الله تعالى لخلقه» انْتَهَى كلام النَّوَوِيِّ.
وقَالَ ابن منظور فِي لِسَان العَرَبِ(8/176) : «والشريعة والشرعة: ما سَنَّ اللهُ من الدينِ وأمر به كالصوم والصلاة والحج والزكاة وسائر أعمال البِرِّ»."""(5).

قلت :
ومما يدل على أن المنازعة في التَقْنِين لا تكون إلا بنسبة ذلك إلى الدين أو جعله دين : قوله تعالى (( أَمْ لَهُمْ شُرَكَاء شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ)) .
فالمنازعة والمشاركة مقرونة بجعل التَقْنِين من الدين أما ما دون ذلك فلا يكون منازعا ,ولهذا نجد أن أهل السنة أنزلوا هذه الآية في أهل البدع لكونهم يجعلون بدعهم دينا يتقربون به إلى الله.
قال ابن جرير -رحمهُ اللهُ- : "يقول تعالى ذكره: أم لهؤلاء المشركين بالله {شركاء} في شركهم وضلالتهم ، {شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله} يقول: ابتدعوا لهم من الدين ما لم يبح الله لهم ابتداعه)) ((6)).

وقال الشاطبي في معرض كلامه عن المبتدع-: "قد نزل نفسه مَنْزلة المضاهي للشارع؛ لأن الشارع وضع الشرائع وألزم الخلق الجري على سننها، وصار هو المنفرد بذلك؛ لأنه حكم بين الخلق فيما كانوا فيه يختلفون، وإلا فلو كان التشريع من مدركات الخلق لَمْ تَنْزل الشرائع، ولَمْ يبق الخلاف بين الناس، ولا احتيج لبعث الرسل -عليهم السلام- فهذا الذي ابتدع في دين الله قد صير نفسه نظيرًا ومضاهيًا حيث شرع مع الشارع))الاعتصام (1/50-51)..
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية : ولهذا كان من شعار أهل البدع أحداث قول أو فعل والزام الناس به وإكراههم عليه والموالاة عليه والمعاداة على تركه كما ابتدعت الخوارج رأيها وألزمت الناس به ووالت وعادت عليه وابتدعت الرافضة رأيها وألزمت الناس به ووالت وعادت عليه وابتدعت الجهمية رأيها وألزمت الناس به ووالت وعادت عليه لما كان لهم قوة في دولة الخلفاء الثلاثة الذين امتحن في زمنهم الأئمة لتوافقهم على رأي جهم الذي مبدؤه أن القرآن مخلوق وعاقبوا من لم يوافقهم على ذلك ومن المعلوم أن هذا من المنكرات المحرمة بالعلم الضروري من دين المسلمين فإن العقاب لا يجوز أن يكون إلا على ترك واجب أو فعل محرم ولا يجوز إكراه أحد إلا على ذلك والإيجاب والتحريم ليس إلا لله ولرسوله فمن عاقب على فعل أو ترك بغير أمر الله وشرع ذلك دينا فقد جعل لله ندا ولرسوله نظيرا بمنزلة المشركين الذين جعلوا لله أندادا أو بمنزلة المرتدين الذين آمنوا بمسيلمة الكذاب وهو ممن قيل فيه: أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله))))الفتاوى الكبرى(((كتاب في الرد على الطوائف الملحدة والزنادقة والجهمية والمعتزلة والرافضة)).

فَلا شَكَّ أن المبتدع مشرع ولأنه متأول لا يَكُون كافراً إلا إِذَا كانت بدعته مكفرة كبدعة الاستغاثة بِغَيْرِ الله الاستغاثة الشركية، وبدعة الباطنية وبدعة وحدة الوجود وَنَحْو ذَلِكَ من البدع الكفرية.
فكذلك من يشرع القوانين فَإِنَّهُ يكفر إِذَا نسب ذَلِكَ للشرع عامداً(=جعله دينا) أَوْ كَانَ ذَلِكَ القانون لأمر كفري كالاستغاثة بِغَيْرِ الله الاستغاثة الشركية، والقول بوحدة الوجود والحلول أما دون ذلك فلا يكفر إلا بدليل-ولا دليل-.
الثاني :
لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكفر كاتب الربا وشاهديه مع أنهما من أطراف القانون ,وكذلك لم يجعلهم بمثابة شركاء مع الله تعالى فمن كفر المقنن(المشرع على الاصطلاح العرفي)) الذي يُقنِّنْ قوانين محرمة-دون الكفر- بدعوى المنازعة لله يلزمه تكفير كاتب الربا وشاهديه.
الثالث:يلزم القائلين بتكفير المُقَنِّن بدعوى المنازعة أن يكفروا من اتفق أهل السنة على عدم تكفيرهم بنفس الدعوى ، وهما:
1- المشرع للذنب – الذي دون الشرك – ؛ فلو أن أباً شرع الذنب في أهله ، وألزمهم به ، وخالف من ينكر عليه ، ولم يستمع لمن يناصحه ؛ فلا يكفر عند أهل السنة ولا يسمى منازعا ، بينما يكفر عند من التزَم القول بهذه اللدعوى .

2- رفيق السوء الذي يُقنِّن الذنب ويزينه ويدعوا له فقد اتفق أهل السنة على عدم تكفيره كذلك فلا فرق بين هذا وذاك.
إذ لا فرق – في التقنين – بين من قَنَّن الذنب وبين من قَنَّن الحكم بغير ما أنزل الله ، إذ الكل واقع في تقنين أمرٍ محرم فالأول(المقنن) قد قَنَّن الذنب في كتاب ودستور والثاني(رفيق السوء) قننه بالقول.
"مثاله : عصابة نذرت نفسها لقطع الطريق وجعلت عليها رئيساً ورسمت لنفسها
نظاماً ، فكان هذا الرئيس هو الذي يدعوهم وينظم لهم الاعتداء وقطع السبيل وإخافة المسلمين فيمتثلون ، وهو الذي يأمرهم فيأتمرون وينهاهم فينتهون ؛ فهذا الرجل أصبح مقنناً للذنب ، مع أنه ليس بكافر .
ولو كان الأصل الذي بُني عليه التكفير بالتقنين صحيحاً لوجب تكفير مثل هذا ، مع أنه من أصحاب الذنوب الذين اتفق أهل السنة على عدم تكفيرهم ."(أنظر كتاب : الحكم بغير ما أنزل الله مناقشة تأصيلية للشيخ بندر بن نايف العتيبي )



الرابع : يلزم القائلين بتكفير المُقَنِّن بدعوى المنازعة أن يكفروا الحاكم بغير ما أنزل الله في الواقعة أو المسألة بدعوى المنازعة كذلك ,وهذا ما لا يقولون به-إلا بعضهم- فهو مخالف للإجماع :
قال الإمام القرطبي رحمه الله(هذه الآيات-آيات المائدة-المراد بها أهل الكفر والعناد وإنها وإن كانت ألفاظها عامة فقد خرج منها المسلمون لأن ترك العمل بالحكم مع الإيمان بأصله هو دون الشرك وقد قال تعالى"إن الله لا يغر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء" وترك الحكم بذلك ليس شرك بالإتفاق فيجوز أن يغفر والكفر لا يغفر فلا يكون ترك العمل بالحكم كافرا)).
و قال الإمام السمعاني (المتوفى سنة :510) (واعلم أن الخوارج يستدلون بهذه الآية، ويقولون: من لم يحكم بما أنزل الله؛ فهو كافر، وأهل السنة قالوا: لا يكفر بترك الحكم)..

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ((والإنسان متى حلّل الحرام المجمع عليه أو حرم الحلال المجمع عليه أو بدل الشرع المجمع عليه كان كافراً مرتداً باتفاق الفقهاء، وفي مثل هذا نزل قوله على أحد القولين : ﴿ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ﴾ [المائدة:44] ؛ أي: المستحل للحكم بغير ما أنزل الله".)مجموع الفتاوى" (3/267)
فانظر قوله((أي المستحل)) دليل على أن أهل السنة أجمعوا إلى إشتراط الإستحلال للتكفير إذ لو كان كفرا كما يدعي المكفر لما اشترطوا الإستحلال.

قلت : ولا فرق بين من حكم بغير ما أنزل الله في الواقعة أو الواقعتين وبين من يجعل ذلك قانونا يسير عليه-إلا باعتبار شدة الجرم- إذ لا فرق بين المخالفات الجزئية المؤقتة وبين التمادي في هذه المخالفات لتصبح عادات وتقاليد وأعراف (محفوظة أو مكتوبة سيان)، فإن الله سبحانه وتعالى علق الكفر في آية المائدة بترك الحكم، ولم يقيد ذلك بمادة الحكم المخالف أو منشئه أو عدد مرات تكراره أو بكونه يصدر المرة ونحوها أم اتخذ عادة وعرفاً وقانونا، وإنما علق الكفر بمجرد ترك الحكم، وابن عباس لما فسر الآية(({ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون} [المائدة:44] بقوله((كفر دون كفر)) فسرها تفسيراً مطلقاً دون التقيد بما اخترعه القائلين بالتكفير اليوم من التفريق بين الحكم بغير ما أنزل الله في الواقعة و بين التشريع العام، فلماذا نحمل كلامه ما لا يحتمل ونقوله ما لم يقل ؟!.

الوجه الثاني : لقد بنى القائلون بالتكفير تكفيرهم على مقدمة فاسدة وهي دعواهم أن ((من نازع الله في أحد خصائصه كفر)) والصواب أن منازعة الله -سبحانه- ببعض ما اختص به نفسه دون عباده ليس كفراً مخرجاً من الملة بإطلاق، بل هو على نوعين:

الأول: ما يكون كفراً مخرجاً من الملة بإطلاق ودون تفصيل، كادعاء استحقاق العبادة، أو القدرة على الإحياء والإماتة ونحو ذلك.
الثاني: ما يكون فيه التفصيل والتفريق بين المستحل وغيره؛ كالخلق والتصوير والكبرياء والجبروت.

وصفوة القول في هذا :أن منازعة الله تعالى فيما اختص به :
إما أن تكون بالإدعاء كمن يدعي علم الغيب أو يدعي النبوة أو يدعي الربوبية فهذا الإدعاء يستلزم الكذب على الله وعلى رسوله الله صلى الله عليه وسلم فهو كفر أكبر مخرج من الملة دون تفصيل

وإما أن تكون بالتعاطي كمن يتعاطى صفة صفات الربوبية التي انفرد الله سبحانه بها كالخلق والتصوير والكبرياء والجبروت فهذا لا يكفر به صاحبه إلا بالإستحلال أو بدليل خاص من الكتاب أو السنة لأن الأصل في الأعمال عدم الكفر إلا بدليل.
قال ابن القيم رحمه الله ((فالذنوب الملكية أن يتعاطى ما لا يصح له من صفات الربوبية ، كالعظمة ، والكبرياء ، والجبروت ، والقهر ، والعلو ، واستعباد الخلق ، ونحو ذلك )) من كتاب الجواب الكافي.
فمن كفر المقنن بدعوى أنه تعاطى التشريع الذي حق محض لله تعالى يلزمه تكفير المصور والمتكبر وصاحب الجبروت لأنها من حق الله تعالى وحده ومن تعاطاها فقد نازع الله تعالى فيما انفرد به.
(فالحكم) من خصائص الله ، وكذلك (الخلق)؛ فهما قرينان كما قال تعالى: {أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} (54) سورة الأعراف. قال ابن كثير في تفسيرها: (أنه المتصرف في خلقه بما يشاء، فله الخلق والأمر وهو المتصرف، فكما خلقهم كما يشاء، ويسعد من يشاء، ويشقي من يشاء، ويصح من يشاء، ويمرض من يشاء، ويوفق من يشاء، ويخذل من يشاء، كذلك يحكم في عباده بما يشاء، فيحل ما يشاء، ويحرم ما يشاء، ويبيح ما يشاء، ويحظر ما يشاء، وهو الذي يحكم ما يريد لا معقب لحكمه. ولا يسأل عما يفعل وهم يسألون)اهـ.
وأخرج الشيخان عن أبي هريرة - رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: « قال الله - عز وجل- : ومن أظلم ممن ذهب يخلق خلقاً كخلقي؟ فليخلقوا ذرة ، أو ليخلقوا حبة، أو ليخلقوا شعيرة».
قال القرطبي في شرحه للحديث "المفهم" (5/432): "وقد دل هذا الحديث على أن الذم والوعيد إنما علق من حيث تشبهوا بالله تعالى في خلقه، وتعاطوا مشاركته فيما انفرد الله تعالى به من الخلق والاختراع".
والتصوير مضاهاة لله في خلقه؛ فالمصورون ينازعون الله ما انفرد به، ومع ذلك فأهل السنة لم يكفِّروا منهم إلا من استحله أو قصد العبادة والمضاهاة له -سبحانه- أما من لم يستحل ذلك، فهو من أصحاب الكبائر وليس بكافر.
قال الإمام النووي في«شرح صحيح مسلم» (13/81): « تصوير صورة الحيوان حرام شديد التحريم، وهو من الكبائر ؛ لأنه متوعد عليه بهذا الوعيد الشديد المذكور في الأحاديث، وسواء صنعته بما يمتهن أو بغيره، فصنعته حرام بكل حال؛ لأن فيه مضاهاة لخلق الله -تعالى-».

وكذلك العز والكبرياء والعظمة من أوصاف الله -تعالى- التي لا تنبغي لأحد سواه؛ ففي الحديث الذي أخرجه مسلم من حديث أبي سعيد وأبي هريرة- رضي الله عنهما- قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم -حاكيا عن ربه جل جلاله -: «العز إزاري، والكبرياء ردائي؛ من ينازعني عذبته».
قال الإمام النووي في شرحه للحديث: ((وَمَعْنَى ( يُنَازِعُنِي ) يَتَخَلَّقُ بِذَلِكَ ، فَيَصِيرُ فِي مَعْنَى الْمُشَارِكِ )) .

ومع ذلك؛ فلا يكفّر أهل السنة والجماعة أتباع السلف الصالح من يتكبَّر، ويحتقر غيره ويزدريه، ويستعظم نفسه بغير استحلال.

فإن قيل : لماذا جعلتم المُقَنِّن (المشرع) بمثابة المصور والمتكبر ولم تجعلوه بمثابة مدعي علم الغيب فالجواب :
لقد سبق وأن بينا أن المقنن الذي لا ينسب تقنينه-أقصد التقنين المحرم- إلى الشرع(=الدين) ولا يجعله دينا ولا يستحله ولا يقنن كفرا ليس بمنازع ولا بكافر لكن على فرض التسليم بذلك يقال لكم :
المنازعة إما أن تكون بالإدعاء أو تكون بالتعاطي- كما أسلفنا-,و المُقَنِّن إما أن يدعي لنفسه حق التشريع أو يدعي أن شرعه هو شرع الله فهذا لا شك في كفره كما أسلفنا .
وإما أن يتعاطى التقنين دون استحلال ولا مضاهاة لشرع الله ولا ينسب تقنينه إلى الدين فهذا لا يكفر بل مثله مثل من يتعاطى التصوير والخلق والكبرياء والجبروت دون استحلال أو قصد المضاهاة والعبادة كما سبق بيانه.

يتبع...









رد مع اقتباس