قانون الإعدام من اختصاص الدايات أو البكوات، ما عدا في الجزائر العاصمة. مع غياب أي علاقة تبادلية بين الحكام والرعايا.
وفي عرضه لحال المجتمع الجزائري أثناء الاحتلال خاصة فيما يتعلق بردة الفعل الجزائرية للاحتلال يقول محمد حربي (( ... وبطريقة ما فإن النضال أعطى طابعا ميتولوجيا أحاط بشخصيات مثل الأمير عبد القادر 1808م – 1883م، الذي قدم على أنه رمز للأمة الجزائرية الموحدة والواعية ذاتها في مواجهة فرنسا، في حين أن الواقع يحيل تاريخيا على تعددية الجماعات وتنوع أشكال ردودها. ففي الشرق مثلا كان أحمد بآي يدعي بأن سلطته امتداد شرعي للسلطة العثمانية معبرا عن احتقاره لعبد القادر، الأمير الذي أعلنته جماعته سلطانا، فإذا به يحارب في آن واحد من جانب خصومه الفرنسيين ومن أبناء طائفته المتعلقين قبل كل شيء بالدفاع عن خصوصياتهم والمتمردين على كل سلطة خارجية)).
وينقلنا بعد ذلك محمد حربي إلى الفترة التي عقبة استقرار الاستعمار الفرنسي في الجزائر إذ ينطلق في تحليله قائلا ((... تجسد الانقسام بين الحيز المدني من جهة والحيز الريفي وأقاليم الجنوب من جهة أخرى. وما استجد في المدن ارتكز على تشكل قطاع اقتصادي حيث وعلى تنوع المجموعات الاجتماعية التي أنتجها. ففي أوائل القرن العشرين، وخصوصا بعد انتهاء أعمال المقاومة المسلحة في الأرياف نشأت فيها حركات متنوعة عبرت عن مطالبها بلغة سياسية، إما من خلال المطالبة بالمساواة في المواطنة مع الأوربيين وإما من خلال العمل على بلورة هوية وطنية قومية جزائرية.
أما في الأرياف فقامت العلاقة بين المستعمر والمستعمر بكل بساطة على العنف. فقد كانت النظرة إلى المستعمر على أنه مغتصب تواجه الجماهير الريفية بتضامن الجماعة التي لم تعبر عن ذاتها باللغة السياسية بقدر ما عبرت بلغة الدين. ولقد فسر الصراع على أنه مواجهة بين المسلمين والكفار الذين اتهموا بأنهم مسئولون عن التعسف وعن إعدام الوجهاء والموظفين. وفي أي حال لم تقم مقاومة ريفية منظمة كما في المدن قبل أيار/ مايو عام 1945م، بل مواجهات متفرقة بين الجماعات العائلية والأبوية (البطر كية) حول المراعي وتوزيع المياه ... الخ)).
وعن مرحلة حرب الاستقلال يقول)) :... انفجرت حرب الاستقلال في مرحلة كانت الحركة الوطنية تمر بأزمة مع بروز مجموعة متطرفة همشت النخب السياسية من مختلف النزعات وأخضعتها. وقد ولد الوضع فراغا وحالة من الفوضى برزت على أثرها رابطة متحدرة من سكان الأرياف تحفزها مثالية طائفية ومتحفظة إن لم تكن عدائية إزاء الفكرة القائلة بأن الأوربيين غير المسلمين أو السكان المحليين من اليهود يمكن أن يكونوا جزائريين وتطورت هذه الحركة وفق اثنين من المتناقضات، أحدهما طائفي والآخر قومي بيروقراطي، وتسبب فكرهم هذا بالكثير من المآسي، ونادرا ما انتصرت فكرة المواطنة التي حركت أقلية من الفاعليات، على فرائض الدين.
ولدى محاولة فهم أعمال التعبئة خلال حرب الاستقلال وموقف الزعماء الذين قادوها على الأرض يجب ألا تفوتنا المبادئ التي حكمت الطائفة الإسلامية في موضوع الجهاد والتي منها:
1. إن الشاهدة تعني التضحية بالذات وبالممتلكات.
2. المشاركة في الجهاد واجب إلزامي.
3. يجب ملاحقة المتخاذلين كما يجب جباية الزكاة الشرعية من الناس وبالقوة إذا استدعى الأمر ذلك.
4. يجب محاربة جميع العصاة ومصادرة أملاكهم.
5. المسلمون الذين يحاربون في صفوف الفرنسيين هم مرتدون ويجب تصفيتهم، لكن يعفى عن زوجاتهم وأولادهم.
وإلى هذه المبادئ الخمسة يضاف مبدأ آخر ذكر به المقاتلين في 07 حزيران/ يونيو عام 1955م الشيخ البشير الإبراهيمي وفيه أنه يحظر التعذيب وقطع الأعضاء وقتل النساء والأولاد كما إحراق المحاصيل أو قتل الحيوانات الدجنة.
وكان من شأن كوادر جبهة التحرير الوطني والحركة الوطنية الجزائرية، وكلتاهما منشقة عن الحركة من أجل الحريات الديمقراطية والتي زادت معرضتهما الدموية من العنف المتولد من الحرب، أن طبقت هذه المبادئ في شكل عام في علاقاتها مع السكان وذلك بغية تعزيز ولاء الأفراد وتماسك المجتمع، غير أن هذه المبادئ لم تكن ترق بعض الزعماء ...)).