منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - رجال الاصلاح في الجزائر
عرض مشاركة واحدة
قديم 2008-12-13, 15:07   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
ميمونة 25
عضو فعّال
 
إحصائية العضو










افتراضي

ثالثاً: محاربة الفهم الخاطئ للإسلام:

يرى الشيخ الإبراهيمي أن المتاجرين باسم الدين كان لهم أسوأ الأثر على عقول النّاس، حيث خدّروها بالأوهام، وملأوها بالخرافات والإدّعاءات التي ليست من الدين الحنيف في شيء، فكان فعلهم مشوّشاً للإيمان عند العامّة مانعاً للتّفاعل الرّوحي المتعقّل من تعاليم الإسلام.

ومكمن خطر هؤلاء أنّ رأس مالهم التدجيل والتحريف، وبضاعتهم في هذه الأمّة المسكينة التي أحكموا الحيلة في تخديرها بالرؤى والمنامات، وزعزعوا عقيدتها بالله بما أثبتوه لأنفسهم من التّصرف في الكون أحياءً وأمواتاً، ومن مشارك الخالق فيما تفرُّد به من الأمر والخلق، وأفسدوا فطرتها الدينيّة بما ابتدعوه لها من عبادات (ميكانيكيّة) هي إمّا زيادة في الدين أو نقص فيه.

وظهرت آثار هذه المحاربة في التّركيز أولاً على إصلاح عقيدة النّاس، وعلى محاربة الصوفيّة المبتدعة التي كانت منتشرة آنذاك.

ومن آثارها أيضاً:

محاربة التّعصب المذهبي المقيت:

وكان الإبراهيمي يركز على هذا أشدّ التركيز، وكان يعدّث التعصب المذهبي سبباً من أسباب تفرُّق المسلمين، فها هو يقول وهو يتكلم بهذا الصدّد: «هذه العصبيّة العمياء التي حدثت بعدهم -أي: الفقهاء والأئمة الأربعة على وجه الخصوص- للمذهب والتي نعتقد أنهم لو بُعثوا من جديد لأنكروها على أتباعهم.

ويقول: «وقد طغت شرور العصبيّة للمذاهب الفقهيّة في جميع الأقطار الإسلاميّة، وكان لها أوسوأ الأثر في تفريق كلمة المسلمين، وإن في وجه التّاريخ الإسلامي منها لندوباً».

ويرى شيخنا الإبراهيمي أنّ سبب الوحدة الحقيقي هو الدّين، وأن ما يجتمع عليه النّاس من غيره آفاق ضيّقة!

فها هو يقول: «الأوطان تجمع الأبدان، واللغات تجمع الألسنة، وإنما الذي يجمع الأرواح ويؤلِّفها ويصل بين نكرات القلوب فيعرفها هو الدّين، فلا تلتمسوا الوحدة في الآفاق الضيّقة، ولكن التمسوها في الدّين، والتمسوها في القرآن، تجدوا الأفق الأوسع، والدّار أجمع، والعديد أكثر، والقوى أوفر».


ويرى الشيخ الإبراهيمي أيضاً أنّ ابتعاد النّاس عن المفهوم الحقيقي للإسلام يجلب لهم لا محالة التّفرق والتشرذم، ومن مستلزمات ذلك الاعتماد على أسس ما أنزل الله بها من سلطان، فتجد هؤلاء المبتدعين يعتمدون تارة على علم الكلام، ويقدّسون (العقل)، وتجد بعهم الآخر ينخلع تماماً عن ذلك، ويغرق في الكلام عن الرّوح، فها هو يصرح بأن الجدل وعلم الكلام: «هو مبدأ التفرق الحقيقي في الدّين، لأن المتكلمين يزعمون أن علومهم هي أساس الإسلام، والصوفيّة يقولون: أن علومهم هي لباب الشريعة وحقيقتها».


فهو -رحمه الله تعالى- عالج جميع الأسباب التي يجتمع عليها فئات من النّاس، ويتّخذونها أساساً فيما بينهم على الالتقاء على شارة ما، أو اسم معين، أو مذهب فقهيّ، أو عقليّ، أو روحيّ ، ولذا ترى عنده من السّماحة، وبُعد الأفق؛ وسعة الصّدر، ما هو حقيقٌ بمثله، بحيث كان مصلحاً حقّاً، بعيداً عن التّعصُّبات المقيتة، نابذاً القوالب الحزبيّة الضيّقة، فهو لا يعمل لاسمٍ أو رسمٍ، وإنّما للإسلام ذات الإسلام بفهم سلف الأمّة الصالحين.


وكان -رحمه الله تعالى- إيجابيّاً في دعوته، انطلق من أسس راسخة في الإصلاح، وأوجز مهام هذا بقوله: «إيصال النّفع والخير إلى الأمّة، ورفع الأميّة والجهل عنها، وحثّها على العمل وتنفيرها من البطالة والكسل، وتصحيح فهمها للحياة وتنظيف أفكارها وعقولها من التّخريف، وتنظيم التّعاون بين أفرادها وتمتين الصّلة والثّقة بين العامة والخاصّة منها، وتعليمهم معاني الخير والرّحمة والإحسان لجميع الخلق».


شبكة المنهاج الاسلامية









رد مع اقتباس