منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - المحدث الفقيه الشاعر الرحلة بكر بن حماد التيهرتي
عرض مشاركة واحدة
قديم 2008-12-10, 15:36   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
ابو مريم الجزائري
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي

تلاميذه:
لقد رأينا كيف أن مترجمنا جلس للتدريس و عقد حلقات السماع في كل من القيروان ثم في تيهرت و أنه كان مقصد طلاب العلم و الأدب ، و لذلك فقد عددت كتب التراجم الكثير من تلامذته و ممن أخذ عنه خاصة في علم الحديث الشريف رواية و دراية ، و هذه تراجم مختصرة لبعض تلامذته:
1 - قاسم بن عبد الرحمن بن محمد التميمي التاهرتي البزاز ( حوالي سنة 322هـ): والد المحدث أبي الفضل أحمد بن قاسم من أهل تاهرت نشأ بها وطلب العلم عند بكر بن حماد و سمع منه الحديث الشريف و الفقه و الشعر ، وكان بكر بن حماد يكتب له في كل يوم أربعة أحاديث ويقول لا تأتيني إلا وقد حفظتها، حكى ذلك ابنه أبو الفضل وقرأته بخط أبي عمر بن عبد البر ودخل الأندلس في سنة ثمان عشرة وثلاثمائة وجاء بابنه أبي الفضل هذا إلى قرطبة وهو ابن تسع سنين "(9).
2- قاسم بن أصبغ بن محمد البياني ( ت سنة 340 هـ) أبو محمد مولى الوليد بن عبد الملك، إمام من أئمة الحديث حافظ مكثر مصنف، سمع محمد بن وضاح، ومحمد بن عبد السلام الخشني، وجماعة، ورحل فسمع إسماعيل بن إسحاق القاضي، وأبا إسماعيل محمد بن إسماعيل ... وبكر بن حماد التاهرتي، سمع منه مسند مسدد عنه، وغيرهم صنف في السنن كتاباً حسناً، له " مسند مالك "، وفي أحكام القرآن كتاباً جليلاً وله كتاب المجتبي على أبواب كتاب ابن الجارود المنتقى.(10)
3 - محمد بن صالح بن محمد بن سعد ( ت 383 هـ) بن نزار بن عمرو بن ثعلبة أبو عبد الله القحطاني المغافري الأندلسي الفقيه المالكي رحل إلى المشرق فسمع خيثمة بن سليمان وأبا سعيد بن الأعرابي وإسماعيل بن محمد الصفار وأبا يزن حمير بن إبراهيم بن عبد الله الحميري وبكر بن حماد التاهرتي وغيرهم، روى عنه أبو عبد الله الحاكم، وكان قد سمع في بلاده وبمصر وبالحجاز والشام وبالجزيرة من وببغداد وورد نيسابور في ذي الحجة سنة إحدى وأربعين فسمع الكثير ثم خرج إلى مرو ومنها إلى بخارى فتوفي بها.(11)
4 - بهلول بن عمر بن صالح بن عبيدة بن حبيب بن صالح الفردمي ( ت 233 أو 234 هـ): روى عن أبيه ومالك وغيرهما روى عنه عبد الله بن صالح بن بهلول وعثمان بن أيوب بكر بن حماد ، وكان يقول عنه: "أكره أن أفصح بالرواية عنه لزهادة الناس فيه" قال أبو بكر المالكي في علماء إفريقية اختلف الناس فيه فبعضهم ضعفه ووثقه بعضهم وكان صدوقا في حديثه.(12)
5- إبنه عبد الرحمان التاهرتي بن بكر بن حماد أبو زيد ( ت سنة 295 هـ): ولد و تعلم و نشأ في تيهرت كان له السبق في الرحيل الى الاندلس، جلس للتدريس في قرطبة ، اشتهر بدروسه في الحديث الشريف و التفسير ، حدث عن أبيه و كتب عنه غير واحد من شعر ابيه و من حديثه ... توفي في قرطبة".(13)

6- أبو العرب محمد بن أحمد بن تميم ( ت سنة 333 هـ ) : من أهل القيروان العلامة المفتي، المحدث المؤرخ، صاحب "كتاب المحن" و " طبقات علماء إفريقية" و " فضائل مالك " و غيرها من المصنفات، سمع أبو العرب من خلق كثير منهم بكر بن حماد و عيسى بن مسكين، وأبي عثمان بن الحداد وغيرهم.
عارض الغزو الشيعي - الفاطمي – لتونس و قاتل في صفوف بني الأغلب و ألقي عليه القبض و حبس وقيد مع ابنه مدة.(14)
7- عزيز بن محمد بن عبد الرحمن بن عيسى( 335 هـ) ابن عبد الواحد بن صبيح اللخمي، مالقي يكنى أبا هريرة، كان فقيهاً عالماً، متفنناً بصيراً بالمسائل، موثقاً.
سمع من أخطل بن رفدة وعلاء بن عيسى وابن بدرون
ولقي بكر بن حماد و أخذ عنه.(15)
وفاته:
توفي رحمه الله سنة 296هـ بمدينة تيهرت، و بها دفن و قد حضر دفنه جمع كبير من الناس و أسفوا على فقده.

ثناء العلماء عليه:
اشتهر بكر بن حماد بقوة الحافظة و شدة الذكاء، وبحسن حفظه و روايته للحديث الشريف وقد وثقه علماء الإسلام ممن ترجموا له أو ذكروا الأحاديث المسندة عنه، كما أشتهر بأنه شاعر من الطراز الرفيع لا يقل شأنا عن فحول شعراء عصره كأبي تمام و دعبل الخزاعي، تشهد على ذلك قصائده الرائعة المؤثرة، وقد أثنى عليه شيوخه و أقرانه و تلاميذه أيضا.
- وصفه الإمام العجلي في كتابه ( معرفة الثقاة: 2/254)، بأنه " من أئمة أصحاب الحديث" وبأنه " ثقة ثبتا وكان صاحب آداب".
- وقال عنه ياقوت الحمويّ في (معجم البلدان: 1/396): " بكر بن حماد أبو عبد الرحمن، كان بتاهرت من حفاظ الحديث وثقات المحدثين المأمونين".
- قال عنه محمد بن عبد الله بن عبد المنعم الحميري في (الروض المعطار : 1/126) " بكر بن حماد، كان ثقة مأموناً حافظاً للحديث".
- قرنه الحافظ أبو الوليد ابن الفرضي في كتابه (تاريخ العلماء والرواة للعلم بالأندلس : 1/75) بقاضي مليلة أحمد بن الفتح في الحفظ و الرواية و الشعر في الترجمة رقم 202 قال : " أحمد بن الفتح المليلي يكنى أبا جعفر ويعرف بابن الحزاز وكان قاضيا بمليلة... كان عظيم القدر جليلا وكان نظير بكر بن حماد في الرواية والشعر وحفظ الأخبار".
- و حلاه محمد مخلوف في (شجرة النور النور الزكية :1/72 الترجمة رقم 91 ) ب :" ... الفقيه العمدة الفاضل الإمام الثقة العالم بالحديث و تمييز الرجال ".

أخلاقه وصفاته:
اشتهر بكر بن حماد بقوة الحافظة و شدة الذكاء، و إجادته للشعر و الأدب، كما وصفه مترجموه بأنه رغم فقره و قلة ذات يده فإنه كان عزيز النفس لم يتكسب بشعره و لم يمدح إلا من يراه أهل للمديح من حكام و أمراء عصره ، كذلك عرف بعفة اللسان فشعره يخلو تماما من أي أثر للغزل أو اللهو رغم ما عرف من عادة الشعراء في مستهل قصائدهم بذكر الحبيب أو الوقوف على الأطلال، كما كان يتصف بصفات العلماء كالتواضع و الزهد و تعظيم رجال السلف الصالح ، و هذه القصة التي نوردها هنا في عودته إلى الحق و إنصافه فيه – رغم أن من نبهه إلى خطأه هو أحد تلامذته – دليل على ذلك، فقد حكى الإمام القرطبي في تفسيره (الجامع لأحكام القرآن: 1/287 ) عند قوله تعالى: "...{ قَالُوا سُبْحَانَكَ لا عِلْمَ لَنَا إِلا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ } [ الآية 32 من سورة البقرة ]، أن قاسم ابن أصبغ قال: لما رحلت إلى المشرق نزلت القيروان، فأخذت عن بكر بن حماد حديث مسدد، فقرأت عليه يوماً فيه حديث النبي صلى الله عليه وسلّم " أنّه قدم عليه قوم من مضر مجتابي النمار " فقال: إنّما هو مجتابي الثمار، فقلت: إنّما هو مجتابي النمار، هكذا قرأته على كل من لقيته بالأندلس والعراق، فقال لي: بدخولك العراق تعارضنا وتفخر علينا أو نحو هذا !، ثم قال لي: قم بنا إلى ذلك الشيخ - لشيخ كان في المسجد - فإن له بمثل هذا علماً، فقمنا إليه وسألناه عن ذلك، فقال: إنّما هو مجتابي النمار، كما قلت، وهو قوم كانوا يلبسون الثياب مشققة جيوبهم أمامهم، والنمار: جمع نمرة، فقال بكر بن حماد وأخذ بأنفه: رغم أنفي للحق، رغم أنفي للحق. وانصرف"ا.هـ.
و قد أورد هذه الحكاية أيضا أحمد بن المقري التلمسان في كتابه ( نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب 2/49).، و علق عليها قائلا : " وهذه الحكاية دالة على عظيم قدر الرجلين، رحمهما الله تعالى ورضي عنهما".

مؤلفاته و آثاره:
رغم شهرة بكر بن حماد في علم الحديث الشريف و أنه من أقران علماء أجلاء في هذا العلم الشريف، إلا أن كتب التراجم و المصادر التي تحدثت عنه لم تذكر انه خلف أي تأليف في هذا الشأن ، رغم ان كثيرا من تلامذته ذكروا أنه سمعوا من إملائه و أخذوا عنه كتب الحديث كسنن مسدد بن مسرهد و الكثير من مسند بقي بن مخلد و غيرهم ، كما ان له أقوال كثيرة في التعديل و التجريح تدل على تمكنه و سعة اطلاعه ، و إطلالة صغيرة على كتاب المحن لأبي العرب تؤكد على هذا الذي قلناه.
أما بالنسبة لشعره فقد جمعه الأستاذ رمضان شاوش [جزائري ] في ديوان سماه"الدر الوقاد من شعر بكر بن حماد" و حققه وقدم له بمقدمة أبعد فيها النجعة في بعض المواضع، منها أنه ذكر مرة أن شاعرنا كان على مذهب الخوارج ( الإباضية) ثم مال إلى مذهب أهل السنة والجماعة بعد إقامته في بغداد.ولقائه علماء الحديث و سماعه منهم، و ذكر مرة آخرى أنه كان يميل الى مذهب الشيعة مستدلا بما ذهب إليه الأستاذ عبد العزيز نبوي أثناء دراسته لقصيدة بكر بن حماد التي عارض فيها عمران بن حطان الذي مدح عبد الرحمن بن ملجم قاتل الإمام علي ـ رضي الله عنه وكرًّم الله وجهه ـ و هي من نفس الوزن و القافية التي مطلعها:
قُل لابنِ ملجمَ والأقدارُ غالبةٌ ... هدَّمتَ ويحكَ للإسلامِ أركانا
قتلتَ أفضلَ من يمشي على قدمٍ ... وأوَّلَ النَّاسِ إسلاماً وإيمانا
لكن هذا الجهد الذي قام به الأستاذ رمضان لا يخلو من فوائد و من تعليقات وشروح هادفة جزاه الله خيرا.

مختارات من أشعاره:
- قال عن حكمة الله في أرزاق العباد و الحث على القناعة:
تبارك مَن ساسَ الأمورَ بِعِلْمه ... وذَلَّ له أهلُ السّموات والأرْض
ومنْ قسِمَ الأرزاق بين عِباده ... وفَضّلَ بَعضَ النَّاس فيها على بعض
فمن ظَنَّ أنّ الحِرْص فيها يَزيده ... فقُولًوا له يزداد في الطول والعَرْض
- وقال يحث على الزهد و القناعة:
النَّاس حرصى على الدُّنيا وقد فسدت... فصفوها لك ممزوج بتكدير
فمن مكبٍ عليها لا تساعـده ... وعاجزٍ نال دنياه بتقصير
لم يدركوها بعقلٍ عندما قسمت ... وإنما أدركوها بالمقاديـر
لو كان عن قدرةٍ أو عن مغالبةٍ ... طار البزاة بأرزاق العصافير
- وقال يعظ الناس:
غفلت وحادي الموت في أثري يحدو ... فإن لم أرح ميتاً فلا بدَّ أن أغدو
أرى عمري ولَّى ولم أترك المنى ... وليس معي زاد وفي سفري بعدُ
أنعِّم جسمي باللِّباس ولينه ... وليس لجسمي من قميص البلى بدُّ!
- وقال يصف الطقس البارد لمدينة تيهرت:
ما أصعب البرد وريعانه ... وأطرف الشمس بتاهرت
تبدو من الغيم إذا ما بدت ... كأنما تنشر من تحت
فنحن في بحر بلا لجة ... تجري بنا الريح على السمت
نفرح بالشمس إذا ما بدت ... كفرحة الذمي بالسبت
- وقال يرثي مدينة تيهرت بعد أن خربها العبيديين الرافضة ( الفاطميين) بعد أن استولوا عليها و عاثوا فيها فساد و هي آخر ما قاله من شعر:
زرنا منازل قوم لم يزورونا... إنا لفي غفلة عما يقاسونا
لو ينطقون لقالوا: الزاد، ويحكم... حل الرحيل فما يرجو المقيمونا
الموت أجحف بالدنيا فخربها... وفعلنا فعل قوم لا يموتونا
فالآن فابكوا فقد حق البكاء لكم... فالحاملون لعرش الله باكونا
ماذا عسى تنفع الدنيا مُجمِعها... لو كان جمع فيها كنز قارونا










رد مع اقتباس