التفصيل في مسألة المنازعة:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ,وبعد:
أخي محارب الفساد:
معنى المنازعة (1) كما جاء في معجم الغني:
نَازَعْتُ، أُنَازِعُ، نَازِعْ، مصدر: مُنَازَعَةٌ، نِزَاعٌ.
1."نَازَعَهُ فِي حُقُوقِهِ"
وجاء كذلك(("نَازَعَ سَيِّدَهُ" : عَصِيَهُ وَخَرَجَ عَنْ طَاعَتِهِ.
مَنْ نَازَعَ اللَّهَ رِدَاءهُ فَإِنَّ رِدَاءهُ الكِبْرِيَاءُ
(حديث).)).
◄وجاء في معجم المحيط:
نازع" فلاناً في كذا: خاصَمه وغالبَه؛ نازَعَهُ في ملكيّة الضّيعة."
نازع "فلاناً الشّيءَ: جاذبه إيّاه.".
بما تكون المنازعة؟
نفهم مما تقدم أن المنازعة:
- إما أن تكون بالإدعاء كمن يدعي أرضا ليست ملكه أو بيتا ليس له فهذا قد نازع صاحب الأرض في أرضه ونازع صاحب البيت في بيته.
-وإما أن تكون بالعمل(=التعاطي) كمن يتعاطى مهنة ليست مهنته أو يلبس لباسا ليس لباسه مثل الذي يمتهن مهنة الطب وهو ليس بطبيب فهذا قد نازع الطبيب في مهنته.
◄فأقول:
منازعة الله تعالى فيما انفرد به من صفات وخصائص لا تخرج عما سبق :
◄فإما أن تكون بالإدعاء كمن يدعي علم الغيب أو يدعي النبوة أو يدعي الربوبية فهذا الإدعاء يستلزم الكذب على الله وعلى رسوله الله صلى الله عليه وسلم .
◄وإما أن تكون بالتعاطي كمن يتعاطى صفات الربوبية التي انفرد الله سبحانه بها كالخلق والتصوير والكبرياء والجبروت .
◘-قال الله تعالى كما في الحديث القدسي((((الكبرياء ردائي والعظمة إزاري فمن نازعني واحدا منهما قذفته في النار )).
قال الإمام النووي في شرحه للحديث: ((وَمَعْنَى ( يُنَازِعُنِي ) يَتَخَلَّقُ بِذَلِكَ ، فَيَصِيرُ فِي مَعْنَى الْمُشَارِكِ )) المصدر
وقال ابن القيم رحمه الله ((فالذنوب الملكية أن يتعاطى ما لا يصح له من صفات الربوبية ، كالعظمة ، والكبرياء ، والجبروت ، والقهر ، والعلو ، واستعباد الخلق ، ونحو ذلك )) من كتاب الجواب الكافي.
◘-وقال الله - عز وجل في الحديث القدسي- : ((ومن أظلم ممن ذهب يخلق خلقاً كخلقي؟ فليخلقوا ذرة ، أو ليخلقوا حبة، أو ليخلقوا شعيرة».
قال القرطبي في شرحه للحديث "المفهم" (5/432): "وقد دل هذا الحديث على أن الذم والوعيد إنما علق من حيث تشبهوا بالله تعالى في خلقه، وتعاطوا مشاركته فيما انفرد الله تعالى به من الخلق والاختراع".
السؤال المطروح: في أي صنف نضع المقنن(المشرع على الإصطلاح العرفي)؟ الصنف الأول أم الثاني؟
جواب جمال البليدي:
المقنن لا يخلوا من حالتين:
أولا:إما أن يدعي لنفسه حق التشريع أو ينسب تقنينه إلى الشرع(=ينسبه إلى لله تعالى) فهذا المنازع يندرج في الصنف الأول(أي:المنازعة بالإدعاء) لأن ادعاءه يستلزم الكذب على الله وعلى رسوله صلى الله عليه وسلم .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: ((والثالث: "الشرع المُبَدَّل" : وهو الكذب على الله ورسوله ، أو على الناس بشهادات الزور ونحوها ، والظلم البين ؛ فمن قال: إن هذا من شرع الله فقد كفر بلا نزاع ، كمن قال: إن الدم والميتة حلال ولو قال: هذا مذهبي ونحو ذلك."
ثانيا: وإما أن يقنن(يشرع حسب الإصطلاح العرفي ) دون أن ينسب تشريعه إلى الله ودون أن يدعي الحق في ذلك فهذا يندرج في الصنف الثاني لا الأول لأنه:
1- لم يدعي ما يستلزم الكذب على الله وعلى رسوله صلى الله عليه وسلم.
2-لأنه تعاطى التشريع-على إطصلاح محارب الفساد-.
◄سؤالي لك يا أخ محارب الفساد:
في أي صنف تضع المقنن الذي يقنن قوانين مخالفة لشرع الله(=يتعاطى التشريع-على إصطلاحك-) ولا يدعي أنها من عند الله ولا يدعي حق التشريع (الصنف الأول أم الصنف الثاني)؟
-----------------
(1)وهناك معاني أخرى في اللغة العربية لم أشأ ذكرها إذ لا علاقة لها بمحل البحث ومن أراد أن يتوسع في ذلك فليعد للمعاجم العربية:
https://lexicons.sakhr.com/SearchResults.aspx