وَقَوْلُهُ( وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ) ، وَقَوْلُهُ عَنْ إِبْلِيسَ: (فَبِعِزَّتِكَ لأغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ )
/ش/ وأما قوله تعالى: (وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ ) ؛ فقد [نزلت في شأن عبد الله بن أُبيِّ ابن سلول رئيس المنافقين، وكان في بعض الغزوات قد أقسم ليخرجنَّ رسول الله ( هو وأصحابه من المدينة، فنزل قول تعالى: (يَقُولُونَ لَئِن رَّجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ ) ؛ يقصد بالأعز ـ قبَّحه الله ـ نفسه وأصحابه ، ويقصد بالأذل رسول الله ومن معه من المؤمنين، فردّ الله عزّ وجلّ عليه بقوله: (وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ ).
والعزَّة صفةٌ أثبتها لله عز وجل لنفسه؛ قال تعالى:
(وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ )
وقال: (وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا )
وأقسم بها سبحانه؛ كما في حديث الشفاعة:
(وعزَّتي وكِبْريائي وعظمتي؛ لأخرجنَّ منها مَن قال: لا إله إلا الله)
وأخبر عن إبليس أنه قال: (فَبِعِزَّتِكَ لأغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ)
وفي ((صحيح البخاري)) وغيره عن أبي هريرة:
((بينما أيُّوب عليه السلام يغتسل عريانًا خرَّ عليه جراد من ذهب، فجعل يحثي في ثوبه، فناداه ربُّه: يا أيُّوب! ألم أكن أغنيتك عما ترى؟ قال: بلى؛ وعزَّتك، ولكن لا غنى لي عن بركتك) .
وقد جاء في حديث الدعاء الذي علَّمه النبيُّ ( لمن كان به وجع: ((أعوذ بعزَّة الله وقدرته من شرِّ ما أجد وأُحاذر))
والعزة تأتي بمعنى الغلبة والقهر؛ من عزَّ يعُزُّ ـ بضم العين في المضارع ـ يقال: عزَّه؛ إذا غلبه.
وتأتي بمعنى القوة والصلابة؛ من عزَّ يعَزُّ ـ بفتحها ـ، ومنه أرض عزاز؛ للصلبة الشديدة.
وتأتي بمعنى علوِّ القدر والامتناع عن الأعداء ؛من:عزَّ يَعِزُّ - بكسرها - .
وهذه المعاني كلها ثابتة لله عز وجل.
وَقَوْلُهُ( تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ )
/ش/ وأما قولـه تعالىتَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ.. ( فإنه من البركة بمعنى دوام الخير وكثرته.
وقوله( ذِي الْجَلالِ )؛ أي: صاحب الجلال والعظمة سبحانه، الذي لا شيء أجلَّ ولا أعظم منه.
و (وَالإِكْرَامِ ): الذي يكرم عما لا يليق به، وقيل: الذي يكرم عباده الصالحين بأنواع الكرامة في الدنيا والآخرة. والله أعلم.