منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - الوضعية- اميل دوركايم
عرض مشاركة واحدة
قديم 2008-12-02, 02:54   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
فارس الجزائري
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية فارس الجزائري
 

 

 
الأوسمة
المركز الثالث في مسابقة التميز في رمضان وسام مسابقة منتدى الأسرة و المجتمع وسام القلم المميّز 
إحصائية العضو










Hourse تابع - الوضعية- اميل دوركايم

تقسيم العمل والتضامن الاجتماعي والضمير الجمعي.
لقد استعان دوركايم بسان سيمون وهو يحدد لنفسه مهمة التدليل على أن تقسيم العمل يؤدي بالضرورة إلى تزايد التضامن الاجتماعي، وقبل أن يقدم لنا مفهومه لتقسيم العمل، يحيلنا دوركايم بداية إلى تطور مفهوم التضامن الاجتماعي.
لقد حدد دوركايم نوعين من التضامن الاجتماعي وهما: التضامن الآلي، والنوع الثاني هو التضامن العضوي، ويفرق بينهما بصورة واضحة من خلال دراسته للقانون، فيقدم حقيقة هي أن هناك نوعين من العقوبات:
1. عقوبات خاصة بالقانون الجنائي.
2. عقوبات خاصة بالقانون المدني"التجاري أو الإداري".
فهو يرى أن نوع العقوبات الأولى مرتبط بالنوع الأول من التضامن، والعقوبات الثانية مرتبط بالنوع الثاني من التضامن، فالتضامن الآلي هو ناتج عن التشابه أو التماثل من خلال وجود عواطف ومشاعر مشتركة ومشاركة عامة في القيم والمعايير السائدة في المجتمع، والتضامن الثاني ناتج عن التباين والاختلاف، ويعتبر دوركايم أن النوع الثاني من التضامن العضوي متقدم ومتطور عن النوع الأول "الآلي" إذا فكلما تطور المجتمع كلما زاد تقسيم العمل وكلما زاد تقسيم العمل زاد التضامن الاجتماعي، وكان التفكير الاجتماعي محصورا فيه، بل أن هذا التضامن غطى عن النوع الثاني وأصبح جل تفكيره هو في كيفية صيانة هذا التضامن الآيل للزوال، فالأول الذي مصدره التشابه مختلف بالضرورة عن الثاني الذي مصدره الاختلاف، وكأنه بديهي تماما أن يسود التضامن الأول في المجتمعات البدائية أو تقليدية حيث يغلب على السلوك الإنساني التجانس والتشابه وبالتالي يصاحبه تجانس في الأفكار والمشاعر والعادات والآراء، ومن حيث القانون والأخلاق والضبط الاجتماعي وبالتالي هناك ولاء وانطباع للضمير الجمعي والذي يعرفه هو: مجموعة المعتقدات والعواطف العامة بين أعضاء المجتمع والتي تكون نسقا خاصا، وهذا الضمير له وجود خاص متميز حيث يدوم عبر الزمن ويعمل على توحيد الأجيال فهو إذا يعيش في الأفراد وبينهم إلا أنه متميز
بالقوة والاستغلالية وتزاد هذه القوة والاستقلال كلما زاد التشابه بين الأفراد، لذلك تظهر القوة العليا للقوة الجمعية واضحة للاستجابة العنيفة لكل انتهاك لنظام اجتماعي، والجريمة على هذا النحو، فعل مزعج للضمير الجمعي، ومادام كذلك فهو مدعو للكبح الشديد بصيغة قوية ورادعة وهو ما يدعونا إلى القول أن المجتمع البدائي يسود فيه القانون الجنائي مما يؤدي إلى تتابع في جميع الأنظمة بحيث تصبح جمعية وهذا ما يؤدي إلى نقصان الفردية بين الأعضاء بدليل كثرة استعمال لفظ نحن على لفظ أنا فتصبح الجريمة بتعريف دوركايم الفعل الإجرامي هو الذي يخرق الضمير الجمعي، فنحن لا نقول إن هذا الفعل يخرق الضمير الجمعي لأنه إجرام ولكن لأنه يخرق الضمير الجمعي فهو إجرام.
فمعيار الجريمة والعقوبة هو الضمير الجمعي فالحاصل أن المجتمع يتطور، وهذا التطور يؤدي إلى اختفاء التشابه العقلي والأخلاقي فتزداد الفردانية خاصة في أذواقهم وآرائهم وأخلاقهم التي تصبح شيئا فشيئا مختلفة بزيادة التخصص وهذا يؤدي بدوره إلى زيادة التأكيد على الكفاءة والمهارة والخبرة، فيقل الدور للوراثة في الحصول على المكانة مما يؤدي إلى ضعف الضمير الجمعي لأن كل فرد أصبح مستقلا عن الآخرين.
ولأن بقاء المجتمع مرتبط ببقاء روابط اجتماعية فإن تقسيم العمل حسب دوركايم يخلق رابطة جديدة بشعر بها الأفراد أو لا يشعرون وهي الاعتماد المتبادل وعدم القدرة على الاكتفاء الذاتي والحاجة المتبادلة، مما يؤدي إلى تعاون غير آلي، ولكن هذه المرة تعاون عضوي يستند أساسا على التباين وعدم التشابه وزيادة التخصص.

دراسته للدين.
نلخص دراسة دوركايم للدين في النقاط التالية:
1. أن الدين ليس إلهياً لأن فكرة الألوهية - في نظره - ليست إلا تعبيراً عن البيئة الاجتماعية في مرحلة من مراحل تطورها، ويكون الإله فيها رمزاً للدرجة التي وصل إليها تطوره: إذا أردنا فهم الفكرة التي يكونها المجتمع عن نفسه وعن العالم الذي يحيط به، فلا بد لنا من دراسة طبيعة هذا المجتمع لا طبيعة أفراده، فإن الرموز التي يتخذها المجتمع شعاراً له يستعين بها على التفكير في ذاته تختلف باختلاف الحالات التي يوجد فيها، فإذا تصور المجتمع -مثلاً- أنه ينحدر من سلالة حيوان أسطوري واتخذ هذا الحيوان شعاراً له، فمعنى ذلك أنه يتألف من إحدى تلك الجماعات الخاصة التي نطلق عليها اسم العشيرة.أما إذا استعاض عن هذا الحيوان الأسطوري بجد إنساني أسطوري هو الآخر؛ فمعنى ذلك أن طبيعة العشيرة قد تغيرت، وإذا تخيل المجتمع وجود آلهة أخرى أسمى مقاماً من آلهته المحلية والعائلية، واعتقد أنها تسيطر على تلك الآلهة الأخيرة، فمعنى ذلك أن الطوائف المحلية التي يتكون منها هذا المجتمع قد أخذت تميل إلى التركيز وتتجه إلى تكوين وحدة اجتماعية، وأن درجة التركز التي يدل عليها وجود معبد يضم جميع الآلهة تقابل درجة التركز التي وصل إليها المجتمع في ذلك الوقت نفسه. وإذا لم يرتض المجتمع بعض ألوان السلوك، فإن السبب في ذلك يرجع إلى أنها تخدش بعض عواطفه الأساسية وتقوم هذه العواطف على أساس من طبيعة المجتمع كما أن عواطف الفرد ترجع إلى تركيبه الطبيعي وتكوينه العقلي. وإن الواجب الذي ينبغي القيام به في هذا الصدد هو أن نبحث عن طريقة تداعي التصورات الاجتماعية وتنافرها واتحادها واقترانها، وذلك بأن نقارن بين الديانات الأسطورية والقصص والتقاليد الشعبية.
1. أن الدين -بناء على ما سبق- ظاهرة اجتماعية يفرضها العقل الجمعي بقدرته القاهرة على الأفراد في بعض البيئات والمراحل، دون أن يكون لهم حرية اختيار في ذلك، وهذا يعني أنه لو فرض عليهم - أحياناً - ألا يكون لهم دين مطلقاً لكانوا غير متدينين ولا يملكون إلا الانصياع لذلك.
2. أن الدين ليس فطرياً ومثله الأخلاق والأسرة، وذلك رأي اقتبسه علماء الاجتماع التالون له وعمموه في أبحاثهم، وهو يرى كذلك أن الناس يرون الدين أنه وليد الخواطر التي تثيرها القوى الطبيعية الكبرى أو بعض الشخصيات الفذة لدى الإنسان... الخ ولكن ليس من الممكن تطبيق هذه الطريقة على الظواهر الاجتماعية اللهم إلا إذا أردنا تشويه طبيعتها.