منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - الفكر الاجتماعي عند المسلمين- ابن طفيل
عرض مشاركة واحدة
قديم 2008-12-02, 01:13   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
فارس الجزائري
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية فارس الجزائري
 

 

 
الأوسمة
المركز الثالث في مسابقة التميز في رمضان وسام مسابقة منتدى الأسرة و المجتمع وسام القلم المميّز 
إحصائية العضو










Hourse تابع-الفكر الاجتماعي عند المسلمين- ابن طفيل

هذا الصوفي الزاهد " حي بن يقضان " الذي تذوق متعة الوصول و المشاهدة الذي لم يسبق له أن تعرف على المجتمع البشري بشكل أو بآخر ، كما لم يسبق له أن اختبره و جربه ليطلق حكمه عليه ويبدي رأيه فيه .
كان له من " آسال " و " سلامان " اللذين قد اهتدى اليهما ومن خلالهما أن تعرف على المجتمع و أبدى رأيه فيه وحكمه عليه .
· آسال : ذلك الإنسان الذي يميل إلى التأمل و الغوص على الباطن و على المعاني وتأويلها ، ذلك الإنسان الذي توفر عنده الاستعداد لتقبل ما وصل إليه " حي " بنفسه .
· سلامان : الذي كان أكثر احتفاظا بالظاهرة ، واشد بعدا عن التأويل و الذي ليس عنده استعداد وفطرة كما هو عند زميله " آسال " .
ويلخص ابن طفيل موقف هاذين النموذجين في المجتمع إزاء دعوة الشريعة ، إما انتهاج طريقة ( العزلة والانفراد ) باعتباريهما طريقة الخلاص و النجاة أو انتهاج طريقة ( المعاشرة وملازمة الجماعة ) وكل منهما يمثل إحدى الاتجاهين ومن الطبيعي أن يمثل " آسال " النموذج الأول ( العزلة والانفراد ) أما النهج الثاني يتمثل في " سلامان " الذي ارتضاه طريق للخلاص إذ كان لكل منهما طباعه ( استعدادات و ميول ).
ومن البديهي أن يختار ابن طفيل " لحي بن يقضان " النهج الأول و المتمثل في " آسال " يرافقه و يتفقان فيما بينهما فكرا و عملا ومنهاجا حياتيا ، فتكون العزلة و الانفراد هما طريق الخلاص التي اختارها ابن طفيل لتلميذه ( حي ) بعد أن وجد في المجتمع و التعايش ما يظل و يهلك و بالرغم من المحاولة التي يقوم بها ( حي ) في هداية المجتمع فيختار له "حي " من هم اقرب الناس إلى ذكاء من جميع الناس ... لكنه عجز عن تعليمهم فهو عن تعليم الجمهور اعجز ، وبالفعل يعترف ( حي ) بعجزه و يعتزلهم قبل أن يعتزلوه لأنه ( كما ترقى بهم انقبضوا عنه و تشمئز نفوسهم منه ... لنقص في فطرتهم ، لا يأخذون من الحق من طريقه ولا تأخذون بهجة تحقيقه ولا يلتمسونه من بابه ... فيئس من إصلاحهم وانقطع رجاؤه من قبولهم ) .
ولهذه الأسباب نجد ابن طفيل يذهب بتلميذه و صديقه الجديد " آسال " بعيدا عن المجتمع يأسا من إصلاحه و خوفا عن نفسيهما ، ويعزوا ابن طفيل ذلك إلى سببين جوهريين في المجتمع :
· فكري : حيث يلتصق ذلك الفكر بالمادة ولا يحاول التحرر من المحسوسات إلى جانب ميله دائما للأخذ بالظاهر دون الباطن كي لا يجهد ذلك الفكر نفسه في
التأويل و الغوص على الباطن مما نتج عنه صعوبة العودة به إلى طبيعته وفطرته التي فطر عليها .
· المعيشي ( الحياتي ) : حيث التوسع في المأكل و المشرب و الملبس و المسكن وفي اقتناء الأموال مما ترتب عليه ( الانشغال بالباطل و الإعراض عن الحق ) مما صعب على البشر التخلي عن ماهم فيه من حياة مادية مترفة توصلوا إليها نتيجة الرقي في الانغماس في ملاذ الحياة و إتباع الشهوات.
هكذا نظر ابن طفيل إلى المجتمع من خلال تلميذه ( حي ) . والذي رآها البعض عبارة عن دعوة للعودة إلى الطبيعة واعتزال المجتمع ، حيث اعتبروا أن عملية إقصاء ( حي ) من المجتمع هي عملية مقصودة حاول من خلالها ابن طفيل أن يؤكد لنا كيف يتفتح عقل الإنسان بمعزل عن كل تأثير اجتماعي .
وهذا فهم خطئ حيث أن ( عقل حي ) إنما يمثل عقل النوع البشري جملة ، و ابن طفيل
لم يكن ليجهل أن هذا العقل مدين للمجتمع في كل تطوراته ، فالاجتماع عند ابن طفيل كان (اصل تطور البشر وتقدمه ) ومن هنا تفتح ( عقل حي ) وتطور احتكاكه بالآخرين ، كما نضجت تصوراته عن طريق العمل من اجل إشباع حاجاته ولمواجهة ما حوله من أخطار ولما كانت ( الحاجة أم الاختراع ) تطور الجنس البشري وتقدم العلم وازدادت دائرة المعارف.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــ
قائمة المراجع المعتمدة :
· أ . مالك بن نبي ، مشكلات الحضارة ، ميلاد مجتمع ج1 شبكة العلاقات الاجتماعية، ت.عبد الصبور شاهين ،( ط3 ؛ دمشق : دار الفكر ، 1986م إعادة 2002 م.) .
· د. عبد الأمير شمس الدين ، الفكر التربوي عند ابن طفيل ، (ط1؛ بيروت : دار اقرأ ، 1404هـ - 1984م .) .
· د . قباري اسماعيل ، اصول علم الاجتماع ومصادره ، (الاسكندرية : المكتب العربي الحديث .) .