منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - شرح متن العقيدة الواسطية لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله
عرض مشاركة واحدة
قديم 2008-11-30, 09:15   رقم المشاركة : 22
معلومات العضو
ليتيم الشافعي
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية ليتيم الشافعي
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

قـولـه : (رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْعَنْهُ )(وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًامُّتَعَمِّدًافَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًافِيهَاوَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ )

وَقوله: (ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوامَاأَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوارِضْوَانَه )، (فَلَمَّاآسَفُونَاانتَقَمْنَامِنْهُم)ْ،وَقوله: (وَلَـكِن كَرِهَ اللَّهُ انبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ ) وَقـولـه: (كَبُرَمَقْتًاعِندَاللَّهِ أَن تَقُولُوامَالاتَفْعَلُونَ )
/ش/قوله: (رَّضِي َاللَّه ُعَنْهُمْ.. )إلخ؛ تضمَّنت هذه الآيات إثبات بعض صفات الفعل من الرِّضى لله، والغَضَب، واللَّعنُ، وَالكُرهِ، والسَّخْط، والمَقْت، والأَسَف.
وهي عند أهل الحق صفات حقيقية لله عز وجل، على ما يليق به، ولا تشبه ما يتصف به المخلوق من ذلك، ولا يلزم منها ما يلزم في المخلوق.
فلا حجة للأشاعرة والمعتزلة على نفيها، ولكنهم ظنُّوا أن اتصاف الله عز وجل بها يلزمه أن تكون هذه الصفات فيه على نحو ما هي في المخلوق، وهذا الظنُّ الذي ظنوه في ربهم أرداهم فأوقعهم في حمأة النفي والتعطيل.
والأشاعرة يُرْجعون هذه الصفات كلها إلى الإرادة؛ كما علمت سابقًا، فالرضا عندهم إرادة الثواب، والغضب والسخط.. إلخ إرادة العقاب.
وأما المعتزلة؛ فيرجعونها إلى نفس الثواب والعقاب.
وقوله سبحانه: (رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْعَنْهُ ) إخبارٌ عمَّا يكون بينه وبين أوليائه من تبادل الرضا والمحبة.
أما رضاه عنهم؛ فهو أعظم وأجلُّ من كل ما أُعطوا من النعيم؛ كما قال سبحانه:
(وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللَّهِ أَكْبَرُ )وأما رضاهم عنه؛ فهو رضا كل منهم بمنزلته مهما كان، وسروره بها؛ حتى يظن أنه لم يؤت أحدٌ خيرًا ممَّا أُوتي، وذلك في الجنة.
وأما قوله: (وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًامُّتَعَمِّدًا )الآية؛ فقد احترز بقوله: (مُؤْمِنًا ) عن قتل الكافر، وبقوله: (مُّتَعَمِّدًا )- أي: قاصدًا لذلك، بأن يقصد مَن يعلمه آدميًّا معصومًا، فيقتلـه بما يغلب على الظن موته به - عن القتل الخطإ.
وقوله: (خَالِدًافِيهَا )؛ أي: مقيمًا على جهة التأبيد، وقيل الخلود: المكث الطويل.
واللعن: هو الطرد والإبعاد عن رحمة الله، واللعين والملعون: من حَقَّت عليه اللعنة، أو دُعِي عليه بها.
وقد استشكل العلماء هذه الآيات من حيث إنها تدلُّ على أن القاتل عمدًا لا توبة له، وأنه مخلَّد في النار، وهذا معارضٌ لقولـه تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لاَيَغْفِرُأَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُمَادُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء )وقد أجابوا عن ذلك بعدة أجوبة؛ منها:
أن هذا الجزاء لمن كان مستحلاًّ قتل المؤمن عمدًا.
أن هذا هو الجزاء الذي يستحقُّه لو جوزي ، مع إمكان أن لا يجازى، بأن يتوب أو يعمل صالحًا يرجح بعمله السيئ.
أن الآية واردة مورد التغليظ والزجر.
أن المراد بالخلود المكث الطويل كما قدمنا.



وقد ذهب ابن عباس وجماعة إلى أن القاتل عمدًا لا توبة له، حتى قال ابن عباس:
((إن هذه الآية من آخر ما نزل، ولم ينسخها شيءٌ))
والصحيح أن على القاتل حقوقًا ثلاثة: حقًّا لله، وحقًّا للورثة، وحقًّا للقتيل..
فحق الله يسقط بالتوبة.
وحق الورثة يسقط بالاستيفاء في الدُّنيا أو العفو.
وأما حق القتيل؛ فلا يسقط حتى يجتمع بقاتله يوم القيامة، ويأتي رأسه في يده، ويقول: يا رب! سل هذا فيمَ قتلني؟
وأما قوله: (فَلَمَّاآسَفُونَا... )إلخ؛ فالأسف يستعمل بمعنى شدة الحزن، وبمعنى شدة الغضب والسخط، وهو المراد في الآية.
والانتقام: المجازاة بالعقوبة، مأخوذ من النقمة، وهي شدة الكراهة والسخط.