الدولة البيزنطية 534 – 647 م.
نظام الحكم.
لقد كانت إفريقيا يحكمها مدير أو عامل يتمتع بسطوة واسعة، ومركزه مدينة قرطاجنة البالغة من الحضارة والعمران مبلغ مدينة القسطنطينية يومئذ، ولم يتغير هذا النظام إلا في سنة 587 م حيث استطاع جناريوس إخماد ثورة البربر فكان بهذا أول حاكم عام عسكري لقب بالبطريق، وكان ورائه جيش من الموظفين منتشر على كامل البلاد ومعظمهم مختص بالتحصيل وجمع المال، حيث كانت الحكومة البيزنطية تعتمد في سياستها على نهب المال.
الحياة الاجتماعية.
لقد كانت سياسة الروم في بادئ الأمر تميل لاسترضاء الأهالي وذلك من أجل الاطمئنان لهم وقد استعملوا في ذلك مختلف أنواع وأساليب الدهاء الدبلوماسي، وكان هدفهم هو تجنيد الأهالي ضد الفاندال، وقد وصلة البيزنطيون إلى الغاية المرجوة والهدف المنشود، إذ اطمئنا الجزائريون لهم وراو فيهم المنقذ من استبداد الفاندال عليهم، إلا أن هذه السياسة لم تدم طويلا، حيث ما إن تحقق الهدف البيزنطي في القضاء على أعدائهم الرومان حتى تسارع الرومان إليهم يعاملونهم معاملة العبيد ويرغمونهم على الطاعة، وسلاحهم في ذلك كله الشدة والعنف بالإضافة على إلقاء العداوة والبغضاء بينهم بقصد التفرقة، وهذه سياستهم دائما فرق تسد، بالإضافة إلى إرهاقهم بالضرائب الباهظة، وهذا ما حمل الناس إلى إعلان كراهيتهم وإعلان الثورة والعصيان على الحكم آنذاك.
الحياة الدينية.
لقد كان من بين أهم الأسباب في انهيار الإمبراطورية البيزنطية هي تلك النزاعات والنقاشات الدينية الفارغة بين البيزنطيين، ومما زاد في إشعالها وبعث التعصب المذهبي من مرقده، حينما أعلن الإمبراطور جستينيان وجوب اعتناق المذهب الكاثوليكي من دون غيره وكان ذاك سنة 535 م، في حين كان الجزائريون في ذلك الوقت على المذهب الأرثوذكسي وانتشار المسيحية في ذلك الوقت في الجزائر كان يشمل العديد من مناطق، في واد شلف وتلمسان والأوراس وغيرها من مناطق الوطن، ولقد تأثرت هذه الجهات بهذه المناقشات والمشاحنات الدينية واتسعت شقة الخلاف بين سائر الأوساط، وما زاد رقعت الخلاف اتساعا هو ذلك القانون الذي أصدره هرقل الأول سنة 631 م معلنا فيه بتعاليم جديدة ينبغي اتخاذها كمذهب آخر جديد، فقوبل هذا القانون من طرف الرعية بالرفض، فأخذت الحكومة باضطهاد المخالفين لها وخاصة اليهود، ولقد عرفت تلك المناقشات باسم المناقشات البيزنطية.