منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - الجزائر قبل الفتوحات الاسلامية
عرض مشاركة واحدة
قديم 2008-11-30, 02:30   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
فارس الجزائري
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية فارس الجزائري
 

 

 
الأوسمة
المركز الثالث في مسابقة التميز في رمضان وسام مسابقة منتدى الأسرة و المجتمع وسام القلم المميّز 
إحصائية العضو










Hourse تابع -الجزائر قبل الفتوحات الاسلامية

الحركة الأسقفية وانهيار الجزائر الرومانية.
كان الرومان قبل ظهور الديانة المسيحية يعبدون الأوثان والتماثيل، ويعبدون النار والموتى من أسلافهم، وقد كان لهم آلهة متعددة، فللحرب إله، وللسلم إله، وللمطر إله، وقد بلغ عدد ألهتهم ما لم يبلغ عند أحد من قبل. وقد اشتهر من بين هذه الآلهة الإله جوبيتير فهو إله الآلهة.
وبقية الرومان على هذه الديانة إلى ولادة المسيح عيسى بن مريم رسول الله وكلمته في السنة الثالثة والأربعين من ولاية الإمبراطور أغسطس، ولقد لقي أتبع هذا الدين كل ألوان العذاب من قبل هذا الإمبراطور وأتبعه الذين كنوا يتبعون الوثنية ويعتقدون العصمة في شخص الإمبراطور أغسطس، إلا أن المسحيين لم يتوانوا لحظة في سبيل نشر هذا الدين وتعاليمه فانطلقوا في قوافل تبشريه لنشر هذا الدين إلى أقصى مكان تستطيع أن تصل إليه أقدامهم، وفي هذه الأثناء كان الجزائريون يعانون من الاضطهاد وقسوة الرومان عليهم، فلم يجد المبشرون صعوبة في إلحاقهم بالدين المسيحي، حيث رأى فيه الجزائريون، طوق نجاة يخلصهم من نير استعباد الوثنية والوثنيين.
وبقي أمر هذا الدين بين أتباعه وخصومه في مد وجزر، حتى استتب الأمر إلى الإمبراطور قسطنطين واستولى على عرش رومه 312م فأعتنق المسيحية وجعلها دين الحكومة، وأصدر مرسوم أطلق عليه مرسوم ميلان يمنح الحرية المطلقة في الاعتقاد، ولقد أصبح الرومان بعد ذلك يدينون كلهم بالمسيحية على عهد الإمبراطور قسطنطين، وهذا ما جعلهم فيما بعد يفرضون قوانين صارمة للضرب بها على أيدي الوثنيين والمارقين.
وإذا كان اليهود أوفر حظ باحتفاظهم لحرية المعتقد اليهودي إلا أنه قد حُظرا عليهم التزوج بالمسيحيات أو فتح معابد جديدة لهم. إلا أن الديانة المسيحية لم تسلم من التحريف، فقد دخل عليها من العادات الوثنية وغيرها ممتزج في أغلب مظاهره، وحدث القول بالتثليث، فقبله البعض ورفضه البعض الآخر، ومن هؤلاء الرافضين القس الراهب أريوس الاسكندراني، وكما اشتهر بينهم يومئذ مذهب الراهب دونا الذي دعا إليه سنة 305م بمدينة كازنوار (الديار السود بالقطر الجزائري شمال أوراس)، الذي اعتبر أن مذهبه هو المذهب الحق، فختلف أتباع
المسيحية وتزعزعت عقيدتهم فيما بينهم. فدعا الإمبراطور قسطنطين إلى عقد مؤتمر ديني لتقرير العقيدة الرسمية وتوحيد الكلمة بين النصارى جميعا، وكان هذا المؤتمر سنة 325م، وهو أول اجتماع عقده رؤساء المسيحية في العالم، وكان عدد المجتمعين يزيد على ألفين وثلاثمائة رئيس ديني، وذلك بحضور الإمبراطور قسطنطين نفسه، وكتبوا وثيقة سموها بعقيدة الأمانة.
إلا أن دخول النظريات الفلسفية واختلاطها بالتعاليم الدينية، جعل الرؤساء القائمين على الديانة المسيحية يختلفون، لتختلف وتتنوع معهم بعد ذلك المذاهب، وتظهر في المسيحية فرق وشيع وطوائف كثيرة انقسمت بها الكنيسة على نفسها. وأشتهر من هذه المذاهب أربع وهي:
1. الملكانية: نسبة إلى ملكا الذي ظهر بالروم واستولى عليها، وهو مذهب الراهب روما.
2. اليعقوبية: أصحاب يعقوب البرذعاني راهب القسطنطينية، وهو مذهب غالب الأرمن والأقباط.
3. النسطورية: أصحاب نسطوريوس بطريرك القسطنطينية، وهو المذهب الأغلب على نصارى الموصل والعراق وفارس وخرسان.
4. المارونية: نسبة إلى الراهب مارون، ومذهبه قريب من المذاهب الثلاث، بل هو قريب الشكل من المذهب الكاثوليكي.
ولقد تعدد الخلافات الدينية بين أصحاب هذه المذاهب فنشأت مذاهب أخرى فأخرى وهلم جرى، وكان حظ الجزائريين من هذه المذاهب، مذهب دونتون أسقف الديار السود كازنوار شمال الأوراس، وقد أخذ هذا المذهب ينتشر بسرعة منذ 305م في كامل القطر الجزائري، وقد احتوى هذا المذهب مبادئ التحرير، فكثر أتباعه حتى كادوا أن يستحوذوا على أكثر كنائس إفريقيا في سنة 330م، إذ بلغ عدد المراكز المسيحية بها سنة 411م سبعة وثمانين ومائة كنيسة، منها 87 لأتباع دونتون والبقية موزعة على مختلف المذاهب الأخرى،.
وقد انشق أصحاب هذا المذهب، إلى طائفتين، كانت إحداها في مدينة تيمقاد التي كانت تتبع المذهب الدنتوسي، وقد تبع الجزائريون هذا المذهب ليما يحمله من تعاليم ثائرة على قواعد الحكم، إذ كانوا يرون فيه خلاصهم من أسر الاستعباد والاستعمار. حيث كانت النظم الإدارية القاهرة التي فرضها الرومان على أبناء البلاد القاضية بسلب جميع الحقوق وإهانة أهل البلاد واستغلالهم واحتقارهم، كل ذلك دفع بالجزائريين في التفكير بالثورة والانقلاب على روما، وهذا ما حدث بالفعل، فتعددت الثورات وكثرة الاضطرابات الداخلية، واشتد يومئذ النزاع المذهبي الديني، فزاد اختلال نظام المجتمع الروماني بإفريقيا وبغيرها أيضا، وساءت
العلاقة بين روما وقرطاجنة وبتحديد بين القائد الروماني الكونت بونيفاس وبين حكومته، فعزلته الإمبراطورة بيلاسيدية من منصبه سنة 427م. إلا أن هذا القائد لم يبالي بأمر العزل واستمر في حكمه إلى أن هاجمته روما سنة 429م. ولما شعر بضعفه استنجد بأصهاره الفاندال على أن يقاسمهم ملك هذا الوطن ويتنازل لهم عن غرب المملكة الرومانية في هذه الديار، وهذا ما حصل بالفعل حيث اجتاز الفاندال بوغاز جبل طارق يقودهم رئيسهم جنسريق(1)، فنزلوا مريطانيا في شهر ماي 429م. ثم إلى الساحل الجزائري محتلين به مدينة الغزوات، إلا أن الفاندال لم يكنوا أقل قساوة من الرومان فقد أظهروا سلوكا متوحشا على أهالي المنطقة مما جعل الكونت بنيفاس يندم على الاستعانة بهم، وهذا دفعه لطلب العفو من الإمبراطورة بواسطة القديس أغوستين، فعفت عنه الإمبراطورة والتفت بعدها هو لينقلب على الفاندال إلا أنه انهزم أمام القوات الفاندالية التي كانت مدعومة من البربر الذين رأوا فيها خلاصهم من الاستعمار الروماني. وفي الوقت ذاته رأت روما أن الخطر بات يهدد نفوذها فأرسلت حامية لإنقاذ روما، لكن الفاندال انتصروا على الرومان واحتلوا مدينة بونه آخر المعاقل الرومانية بالجزائر، وذلك كان في ديسمبر 431 م على عهد الإمبراطور ولنتينياس الثالث وبذلك ينتهي الاستعمار الروماني بالجزائر والذي دام 370 سنة.
ــــــــــــــ
(1) ينطقها الجرمان: جوزريتش، ومعناه أمير الروح.









رد مع اقتباس