منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - شرح متن العقيدة الواسطية لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله
عرض مشاركة واحدة
قديم 2008-11-04, 13:58   رقم المشاركة : 18
معلومات العضو
ليتيم الشافعي
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية ليتيم الشافعي
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

وَقَوْلـه : ( وَلَوْلاإِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَاشَاءاللَّهُ لاقُوَّةَإِلاَّبِاللَّهِ )

، وَقَوْلـه: (وَلَوْشَاءَاللَّهُ مَااقْتَتَلُواْ وَلَـكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَايُرِيدُ )



)، وَقَوْلـه: ( أُحِلَّتْ لَكُم بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ إِلاَّمَايُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَمُحِلِّي الصَّيْدِوَأَنتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَايُرِيدُ )، وَقَوْلـه: (فَمَن يُرِدِاللَّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ وَمَن يُرِدْ أَنيُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًاحَرَجًاكَأَنَّمَايَصَّعَّدُ فِي السَّمَاء )/ش/ قولـه (وَلَوْلاإِذْ دَخَلْتَ...(إلخ. هذه الآيات دلَّت على إثبات صفتي الإرادة والمشيئة، والنصوص في ذلك لا تحصى كثرة.


و الأشاعرة يثبتون إرادة واحدة قديمة تعلَّقت في الأزل بكل المرادات، فيلزمهم تخلُّف المراد عن الإرادة.
وأما المعتزلة؛ فعلى مذهبهم في نفي الصفات لا يثبتون صفة الإرادة، ويقولون: إنه يريد بإرادة حادثة لا في محل، فيلزمهم قيام الصفة بنفسها، وهو من أبطل الباطل.
وأما أهل الحق؛ فيقولون: إن الإرادة على نوعين:
1- إرادة كونية ترادفها المشيئة، وهما تتعلَّقان بكل ما يشاء الله فعله وإحداثه، فهو سبحانه إذا أراد شيئًا وشاءه؛ كان عقب إرادته لـه؛
كما قال تعـالى : (إِنَّمَاأَمْرُهُ إِذَاأَرَادَشَيْئًاأَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ).
وفي الحديث الصحيح:
((ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن

2- وإرادة شرعية تتعلق بما يأمر الله به عباده مما يحبه ويرضاه، وهي المذكورة في مثل قولـه تعالى: (يُرِيدُاللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَوَلاَيُرِيدُبِكُمُ الْعُسْرَ )ولا تلازم بين الإرادتين؛ بل قد تتعلَّق كل منهما بما لا تتعلق به الأخرى، فبينهما عمومٌ وخصوصٌ من وجه.
فالإرادة الكونية أعمُّ من جهة تعلُّقها بما لا يحبُّه الله ويرضاه من الكفر والمعاصي، وأخصُّ من جهة أنها لا تتعلق بمثل إيمان الكافر وطاعة الفاسق.
والإرادة الشرعية أعمُّ من جهة تعلُّقها بكل مأمور به واقعًا كان أو غير واقع، وأخصُّ من جهة أن الواقع بالإرادة الكونية قد يكون غير مأمور به.
والحاصل أن الإرادتين قد تجتمعان معًا في مثل إيمان المؤمن، وطاعة المطيع.
وتنفرد الكونية في مثل كفر الكافر، ومعصية العاصي.
وتنفرد الشرعية في مثل إيمان الكافر، وطاعة العاصي.
وقوله تعالى: (وَلَوْلاإِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ... )الآية؛ هذا من قول الله حكاية عن الرجل المؤمن لزميله الكافر صاحب الجنَّتين؛ يعظه به أن يشكر نعمة الله عليه، ويردَّها إلى مشيئة الله، ويبرأ من حوله وقوته؛ فإنه لا قوة إلا بالله.

)وقوله: (وَلَوْشَاءَاللَّهُ مَااقْتَتَلُواْ... )الآية؛ إخبارٌ عمّا وقع بين أتباع الرسل من بعدهم: من التنازع، والتعادي بغيًا بينهم وحسدًا، وأنَّ ذلك إنما كان بمشيئة الله عز وجل، ولو شاء عدم حصولـه ما حصل، ولكنه شاءه فوقع.
وقوله: (فَمَن يُرِدِاللَّهُ أَن يَهْدِيَهُ... )إلخ؛ الآية تدل على أن كلاًّ من الهداية والضلال بخلق الله عز وجل،فمن يرد هدايته أي:إلهامه وتوفيقه يشرح صدره للإسلام، بأن يقذف في قلبه نورًا، فيتسع له، وينبسط؛ كما ورد في الحديث، ومن يرد إضلاله وخذلانه يجعل صدره في غاية الضيق والحرج، فلا ينفذ إليه نور الإيمان، وشبَّه ذلك بمن يصعد في السماء
يتبع