وَقَوْلـه: (إِنَّ اللَّهَ هُوَالرَّزَّاقُ ذُوالْقُوَّةِالْمَتِينُ)
/ش/ قوله: ( إن الله.. )إلخ؛ تضمَّنَتْ إثبات اسمه الرَّزَّاق، وهو مبالغة من الرزق، ومعناه: الذي يرزق عباده رزقًا بعد رزق في إكثار وسعة.
وكل ما وصل منه سبحانه من نفعٍ إلى عباده فهو رزقٌ؛ مباحًا كان أو غير مباح، على معنى أنه قد جعلـه لهم قوتًا ومعاشًا؛ قال تعالى:
( وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَّهَاطَلْعٌ نَّضِيدٌ* رِزْقًالِّلْعِبَاد )
وقال: (وَفِي السَّمَاءرِزْقُكُمْ وَمَاتُوعَدُون )إلا أن الشيء إذا كان مأذونًا في تناوله؛ فهو حلالٌ حكمًا، وإلا كان حرامًا، وجميع ذلك رزقٌ.
وتعريف الجملة الاسمية والإتيان فيها بضمير الفصل؛ لإفادة اختصاصه سبحانه بإيصال الرزق إلى عباده.
وروي عن ابن مسعود رضي الله عنه قال:
((أقرأني رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنِّي أنا الرزاق ذو القوة المتين))
وأما قوله: (ذُوالْقُوَّة )؛ أي صاحب القوة؛ فهو بمعنى اسمه القوي؛ إلا أنه أبلغ في المعنى، فهو يدلُّ على أن قوته سبحانه (لا تتناقص فيَهِنُ أو يَفتُرُ ).
وأما (الْمَتِينُ )؛ فهو اسم له من المتانة، وقد فسره ابن عباس بـ(الشديد))().
(وَقَوْله: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَالسَّمِيعُ البَصِيرُ )
وَقَوْله: (إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّايَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا )
/ش/ قولـه: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ .. )إلخ؛ دلَّ إثباتُ صفتي السمع والبصر لـه سبحانه بعد نفي المثل عنه، على أنه ليس المراد من نفي المثل نفي الصفات؛ كما يدَّعي ذلك المعطِّلة، ويحتجون به باطلاً، بل المراد إثبات الصفات مع نفي مماثلتها لصفات المخلوقين
قال العلاَّمة ابن القيم رحمه اللـه:
((قوله : (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ.. )إنما قصد به نفي أن يكون معه شريكٌ أو معبودٌ يستحقُّ العبادة والتعظيم؛ كما يفعله المشبهون والمشركون، ولم يقصد به نفي صفات: كماله، وعلوِّه على خلقه، وتكلمه بكتبه، وتكلمه لرسله، ورؤية المؤمنين له جهرة بأبصارهم كما ترى الشمس والقمر في الصحو…)) اهـ.
ومعنى (السَّمِيعُ ) المدرك لجميع الأصوات مهما خفتت، فهو يسمع السر والنجوى بسمع هو صفة لا يماثل أسماع خلقه.
ومعنى (البَصِيرُ )المدرك لجميع المرئيات من الأشخاص والألوان مهما لطفت أو بعدت، فلا تؤثر على رؤيته الحواجز والأستار، وهو من فعيل بمعنى مُفْعِل، وهو دالٌّ على ثبوت صفة البصر لـه سبحانه على الوجه الذي يليق به.
روى أبو داود في ((سننه)) عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ هذه الآية: (إِنَّاللَّهَ كَانَسَمِيعًا بَصِيرًا ))، فوضع إبهامه على أذنه، والتي تليها على عينيه ).
ومعنى الحديث أنه سبحانه يسمع بسمع، ويرى بعين، فهو حجة على بعض الأشاعرةالذين يجعلون سمعه علمه بالمسموعات، وبصره علمه بالمبصرات، وهو تفسير خاطئ؛ فإن الأعمى يعلم بوجود السماء ولا يراها، والأصم يعلم بوجود الأصوات ولا يسمعها.
) يتبع