منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - شرح متن العقيدة الواسطية لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله
عرض مشاركة واحدة
قديم 2008-10-28, 09:55   رقم المشاركة : 11
معلومات العضو
ليتيم الشافعي
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية ليتيم الشافعي
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

قول شيخ الإسلام:(وَهُوَ سُبْحَانَهُ قَدْ جَمَعَ فِيما وَصَفَ وَسَمَّى بِهِ نَفْسَهُ بينَ النَّفْيِ وَالإِثْبَاتِ).


/ش/ لمَّا بيَّن فيما سبق أن أهل السنة والجماعة يصفون الله عز وجل بما وصف به نفسه، وبما وصفه به رسوله، ولم يكن ذلك كله إثباتًا ولا كله نفيًا؛ نبَّه على ذلك بقوله:((وهو سبحانه قد جمع… إلخ)).
واعلم أنَّ كلاًّ من النفي والإثبات في الأسماء والصفات مجملٌ ومفصَّلٌ

أما الإجمال في النفي؛ فهو أن يُنفَى عن الله عز وجل كلُّ ما يضادُّ كمالـه من أنواع العيوب والنقائص؛ مثل قولـه تعالى:
)لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ (([1])، )هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا(([2])،)سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّايَصِفُونَ(([3]).
وأما التفصيل في النفي؛ فهو أن يُنَزَّهَ الله عن كل واحد من هذه العيوب والنقائص بخصوصه، فينَزَّهُ عن الوالد، والولد، والشريك، والصاحبة، والند، والضد، والجهل، والعجز، والضلال،والنسيان، والسِّنة، والنوم، والعبث، والباطل… إلخ.
ولكن ليس في كتاب الله ولا في السنة نفيٌ محضٌ؛ فإن النفي الصرف لا مدح فيه، وإنما يُراد بكل نفيٍ فيهما إثبات ما يضاده من الكمال: فنفي الشريك والند؛ لإثبات كمال عظمته وتفرُّده بصفات الكمال، ونفي العجز؛ لإثبات كمال قدرته، ونفي الجهل؛ لإثبات سعة علمه وإحاطته، ونفي الظلم؛ لإثبات كمال عدلـه، ونفي العبث؛ لإثبات كمال حكمته،ونفي السِّنة والنوم والموت؛ لإثبات كمال حياته وقيُّومِيَّتِه.. وهكذا.
.................................................. ..
([1]) الشورى: (11).

([2]) مريم: (65).


([3]) الصافات: (159)، المؤمنون (91).
.....................................
ولهذا كان النَّفي في الكتاب والسنة إنما يأتي مجملاً في أكثر أحواله؛ بخلاف الإثبات؛ فإن التفصيل فيه أكثر من الإجمال؛ لأنه مقصود لذاته.
وأما الإجمال في الإثبات ؛ فمثل إثبات الكمال المطلق ، والحمد المطلق ، والمـجد المطلق ، ونحـو ذلـك ؛ كما يشـير إليه مثل قوله تعالى :)الْحَمْدُللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ(([1])،)وَلِلّهِ الْمَثَلُ الأَعْلَىَ(([2]).
وأما التفصيل في الإثبات؛ فهو متناوِلٌ لكل اسم أو صفة وردت في الكتاب والسنة، وهو من الكثرة بحيث لا يمكن لأحد أن يحصيه؛ فإن منها ما اختص الله عز وجل بعلمه؛ كما قال عليه الصلاة والسلام:
((سبحانك لا نحصي ثناءً عليكَ أنت كما أثنيتَ على نفسك))([3]).
وفي حديث دعاء المكروب:
((أسألك بكل اسم هو لك؛ سميتَ به نفسك، أو أنزلته في كتابك أو علَّمته أحدًا من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك))([4]).
..........................................
([1]) الفاتحة: (2).

([2]) النحل: (60).

([3]) رواه مسلم في الصلاة، 0باب: ما يُقال في الركوع والسجود) (4/450-نووي) عن عائشة مرفوعًا:
((اللهُمَّ إني أعوذ برضاك من سَخَطِكَ، وبمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك لا أحصي ثناءً عليك أنت كما أثنيتَ على نفسك)).
والحديث رواه الأربعة والإمام أحمد.

([4]) (صحيح). رواه أحمد في ((المسند)) (1/391 و452)(14/262-ساعاتي)، والحاكم في ((المستدرك (1/509)، وابن حبان في ((صحيحه))، وصححه أحمد شاكر في ((المسند)) (5/266)، والألباني في ((السلسلة الصحيحة)) (198).
وانظر: ((جامع الأصول
)) (2300).
قول شيخ الإسلام فَلاَ عُدُولَ لأَهْلِ السُّنَّةٌ وَالْجَمَاعَةِ عَمَّا جَاءَ بِهِ الْمُرْسَلُونَ؛ فَإِنَّهُ الصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ، صِرَاطُ الَّذِينَ أَنْعَمَ الله عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ والصَالِحِينَ).


/ش/ قوله:((فلا عُدولَ… إلخ))؛ هذا مترتِّبٌ على ما تقدم من بيان أن ما جاء به الرسل عليهم الصلاة والسلام هو الحق الذي يجب اتِّباعه، ولا يصحُّ العدول عنه، وقد علل بأنه الصراط المستقيم، يعني الطريق السويّ القاصد الذي لا عوج فيه ولا انحراف.
والصراط المستقيم لا يكون إلا واحدًا؛ من زاغ عنه أو انحرف وقع في طريقٍ من طرق الضلال والجَور؛ كما قال تعالى:
(وَأَنَّ هَـذَاصِرَاطِي مُسْتَقِيمًافَاتَّبِعُوهُ وَلاَتَتَّبِعُواْالسُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ )([1]).
والصراط المستقيم هو طريق الأمة الوسط، الواقع بين طرفي الإفراط والتفريط، ولهذا أمرنا الله عز وجل وعلَّمنا أن نسأله أن يهدينا هذا

([1]) الأنعام: (153).


الصراط المستقيم في كل ركعة من الصلاة؛ أي: يلهمنا ويوفقنا لسلوكه واتباعه، فإنه صراط الذين أنعم الله عليهم من النَّبيِّين والصدِّيقين والشهداءِ والصالحين وحَسُنَ أُولئك رفيقًا.



يتبع