منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - شرح متن العقيدة الواسطية لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله
عرض مشاركة واحدة
قديم 2008-10-20, 09:11   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
ليتيم الشافعي
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية ليتيم الشافعي
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

قول الشيخ ابن تيمية رحمه الله: بَلْ يُؤْمِنُونَ بِأَنَّ اللهَ )لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَالسَّمِيعُ البَصِيرُ)


/ش/ قوله:لَيْسَ كَمِثْلِه(؛ هذه الآية المحكمة من كتاب الله عز وجل هي دستورأهل السنة والجماعة في باب الصفات، فإن الله عز وجل قد جمع فيها بين النفي والإثبات، فنفى عن نفسه المثل، وأثبت لنفسه سمعًا وبصرًا، فدلَّ هذا على أن المذهب الحق ليس هو نفي الصفات مطلقًا؛ كما هو شأن المعطِّلة، ولا إثباتها مطلقًا؛ كما هو شأن الممثِّلة؛ بل إثباتها بلا تمثيل.
وقد اختُلِفَ في إعراب : )لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ( على وجوه ؛ أصحُّها: أن الكافَ صلةٌ زيدَت للتأكيد؛ كما في قول الشاعر:






لَيْسَ كَمِثْلِ الْفَتَى زُهَيْرٍ


خَلْقٌ يُوَازِيهِ فِي الفَضَائِلِ


قول الشيخ ابن تيمية رحمه الله : (فَلاَ يَنْفُونَ عَنْهُ مَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ، وَلاَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ، وَلاَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَاءِ اللهِ وآيَاتِهِ، وَلاَ يُكَيِّفُونَ وَلاَ يُمَثِّلُونَ صِفَاتِهِ بِصِفَاتِ خَلْقِهِ).
/ش/وقوله:((فلا يَنْفونَ عنه..إلخ)) تفريعٌ على ما قبله؛ فإنهم إذا كانوا يؤمنون بالله على هذا الوجه ؛ فلا ينفون ولا يحرِّفونَ ، ولا يكيِّفون ولا يمثِّلُون.
والمواضع: جمع موضع، والمراد بها المعاني التي يجب تنزيل الكلام عليها؛ لأنها هي المتبادرة منه عند الإطلاق، فهم لا يعدِلون به عنها.
وأما قولـه: ((ولا يُلْحِدون في أسماء الله وآياته))؛ فقد قال العلامة ابن القيِّم رحمه الله:
((والإلحاد في أسمائه هو العدول بها وبحقائقها ومعانيها عن الحق الثابت لها؛ مأخوذٌ من الميل؛ كما يدل عليه مادة (ل ح د)، فمنه اللحد، وهو الشق في جانب القبر، الذي قد مال عن الوسط، ومنه المُلْحِد في الدين: المائل عن الحق، المُدْخِل فيه ما ليس منه)). اهـ
فالإلحاد فيها إما أن يكون بجحدها وإنكارها بالكليَّة، وإما بجحد معانيها وتعطيلها، وإما بتحريفها عن الصواب وإخراجها عن الحق بالتأويلات الفاسدة، وإما بجعلها أسماء لبعض المُبتَدَعات؛ كإلحاد أهل الاتحاد.
وخلاصة ما تقدم:
أن السلف رضي الله عنهم يؤمنون بكل ما أخبر الله به عن نفسه في كتابه، وبكل ما أخبر به عنه رسوله صلى الله عليه وسلم إيمانًا سالمًا من التحريف والتعطيل، ومن التكييف والتمثيل، ويجعلون الكلام في ذات الباري وصفاته بابًا واحدًا؛ فإن الكلام في الصفات فرعُ الكلام في الذات، يُحْتَذَى فيه حَذْوُه، فإذا كان إثبات الذات إثباتَ وجودٍ لا إثبات تكييف؛ فكذلك إثبات الصفات.
وقد يعبِّرون عن ذلك بقولهم: ((تُمَرُّ كَما جاءت بلا تأويل))، ومَن لم يفهم كلامهم؛ ظنَّ أنّ غرضهم بهذه العبارة هو قراءة اللفظ دون التعرُّض للمعنى، وهو باطل، فإن المراد بالتأويل المنفي هنا هو حقيقة المعنى وكنهه وكيفيته([1]).
.................................................. .....
([1]) ومما يؤيِّد ذلك أنهم كانوا يقولون أحيانًا: ((تُمَرُّ كما جاءت؛ بلا كيف))، وما كانوا يقولون: ((تُمَرُّ كما جاءت بلا معنى))، فعُلِمَ من ذلك أنهم يُثْبِتُون المعنى، وينفون الكيف.
والشارح يعني بقولـه: ((حقيقة المعنى))؛ أي: الكيفية؛ يفرق بين المعنى وحقيقة المعنى، فيثبتون المعنى وينفون حقيقته، وهي الكيفية.
قال الإمام أحمد رحمه الله:
((لا يوصَفُ الله إلا بما وصف به نفسه، أو وصفه به رسوله، ولا يتجاوز القرآن والحديث))([1]).
وقال نُعيم بن حمَّاد (شيخ البخاري):
((مَن شبَّه اللهَ بخلقه؛ كفر، ومَن جحد ما وصف الله به نفسه؛ كفر، وليس فيما وصف الله به نفسه أو وصفه به رسوله تشبيهٌ ولا تمثيلٌ))([2]).
..................................................
([1]) انظر: ((مجموع الفتاوى)) (5/26).

([2]) أورده الذهبي بإسناده في كتاب ((العلو))، وقال الألباني في ((مختصر العلو)) (ص184):
((وهذا إسنادٌ صحيحٌ)). اهـ
ونُعَيم بن حماد: هو أبو عبد لله نعيم بن حماد بن معاوية بن الحارث الخُزاعي المروزي، قال الخطيب: ((يقال إنه أوَّل من جمع المسند في الحديث)). وهو أعلم الناس بالفرائض، كان شديد الرد على الجهمية وأهل الأهواء، توفي سنة (228هـ).