الحديث رقم 30 :
[ عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنَّهُ سَمِعَ خُصُومَةً بِباَبِ حُجْرَيِهِ فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ فَقَالَ إِنَّماَ أَناَ بَشَرُوَ إِنَّهُ يَأْتِينىِ الْخَصْمُ فَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَبْلَغَ مِنْ بعْضٍ فَاحْسِبُ أَنَّهُ صَدَقَ فَأقْضِي لَهُ بِذَلِكَ فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ بِحَقِ مُسْلِمٍ فَإِنَّما هِىَ قِطعَةُ مِنَ النَّارِ فَلْيَأْخُذْهاَ أَوْ فَلْيَتْرُكْهاَ ] يفهم من هذا الحديث الشريف أنه إذا إختصم إثنان أمام القاضي و كان احدهما أفصح من لسان الآخر و أقوى حجة أو كان المحامي الذي و كله أكثر علما و أعظم تأثيراً من محامي خصمه فظن القاضي أن الحق معه فحكم له على خصمه و كانت الحقيقة خلاف ذلك فلا يجوز للمحكوم له أن يأخذ شيئا لانه يعلم يقينا أنه مبطل في دعواه
و حكم الحاكم لا يجعل الباطل حقا و لا الحرام حلالا ، لهذا قال عليه الصلاة
و السلام فمن قضيت له بحق مسلم فإنما هي قطعة من النار فلياخذها أو فليتركها هذا تهديد عظيم يقصم الظهور ، أي فلياخذها و الله يجازيه و ينتقم منه أو فليتركها و الله يتجاوز عنه و يغفر له .
الحديث رقم 31 :
سَمِعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ صَوْتَ خُصُومٍ بِالْباَبِ عاَلِيَةٍ أَصْواتُهُمْ ، وَ إِذَا أَحَدُهُماَ يَسْتَوْضِع الآخَرَ وَ يَسْتَرْفِقُهُ فىِ شَيْءٍ ، وَهُوَ يَقُولُ وَاللهِ لاَ أَفْعَلُ ، فَخَرَجَ عَلَيْهِماَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ فَقاَلَ : [ أَيْنَ الْمُتَأَلَّى عَلَى اللهِ لاَيَفْعَل الْمعْرُوفَ.. ؟ فَقاَلَ : أَناَ يَا رَسُولَ اللهِ ، وَلَهُ أيَّ ذَلِكَ أَحَبَّ ] . ( ج 3 ص 170 )
استدان صحابي من آخر مالا ، و تعسر عليه الوفاء ، فطالبه الدائن و اشتد عليه ، فطلب المدين أن يضع عنه قسما مماله ، و أن يرفق فيه و يمهله ، و الدائن يقول و الله لا أفعل و ارتفعت أصواتهم ، فسمع رسول الله صلى الله عليه و سلم
فخرج عليهما فقال : اين المتالي على الله ( يعني الحالف بالله ) لا يفعل المعروف .. ؟
فقال : أنا يا رسول الله و له أي ذلك أحب ، يعني إن أراد أن أسامحه شيء سامحته
و إن أراد أن أمهله أمهلته ، و يظهر أن الدائن لما شعر أن النبي صلى الله عليه و سلم إطلع على موقفه الشديد الذي وقفه تجاه أخيه المعسر خجل و إعتذر إعتذاراً عمليا .
حيث ترك الأمر إلى المديون يختار الطريقة التي هي أحب إليه و أسهل عليه ، و هكذا كان الصحابة رضوان الله عليهم إذا كانوا في طريق ، و ظهر لهم أن رضا الله و رسوله في غيرها تركوها و سلكوا ما فيه رضاهما .
الحديث رقم 32 :
قال النبي صلى الله عليه وز سلم : [ الصَّبْرُ عِنْدَ الَّدمة الاولَى ] ( ج 2 ص 84 )
المصيبة في أول وقوعها تكون كبيرة شديدة فلا تزال الايام تصغرها و تلطفها حتى تتلاشى و تضمحل .
و لكن الفضيلة الكاملة ، و المزية العالية ، لمن يستقبل الصدمة الاولى عند وقوعها بالصبر و رباطة الجاش و قوة الايمان ، فلا يجزع و لا يتضعضع ، و تذهب المصيبة بعقله و لا بجلده فلو فكر الإنسان قليلا لعلم أن الصبر به اولى ما دام الجزع لا يحى له ميتا ، و لا يرد عليه فائتا .
الحديث رقم 33 :
قال النبي صلى الله عليه و سلم : [ لَأَنْ يَأْخُذَ أَحَدُكُمْ حَبْلَهُ فَيَأْتِيَ بِحِزْْمَةِ الْحَطَبِ
عَلَى ظَهْرِهِ فَيَبِيعَهاَ فَيِكفَّ اللهُ بِهاَ وَجْهَهُ ، خَيْرُ لَهُ مِنْ يَسْأَلَ النَّاسَ أَعْطُوهُ ، أَوْ مَنَعُوهُ ] . ( ج 2 129 )
يدلنا النبي صلى الله عليه و سلم بهذا الحديث الشريف على طريق العزة ، و يحثنا على سلوك الكرامة ، و يرشدنا إلى أن العمل مهما كان شاقا أسهل على العاقل ، و أشرف له من أن يسأل الناس أعطوه ، أو منعوه .
الحديث رقم 34 :
قال النبي صلى الله عليه و سلم : [ لاَ تُباَشِرِ الْمَرْأَةُ الْمَرْأَةَ فَتَنْفَعْهاَ لِزَوْجهاَ كَأَنَّهُ
يَنْظُرُ إِلَيْهاَ ] . ( ج6 ص 160 )
نهى النبي صلى الله عليه و سلم المرأة أن تصف لزوجها امرأة أجنبية عنه وصفها يجعلها كأنها ماثلة أمامه ينظر إليها ، لما قد يترتب على هذا الوصف من الأمور التي لا تحسن نتائجها فإذا كان الوصف ممنوعا فكيف يسمح بعظهم النظر و الاختلاط حتى الخلوة بالاجنبيات و السفر معهن .
اللهم أرنا حقائق الامور و لا تجعل للشيطان و الاهواء علينا سبيلا
الحديث رقم 35 :
قال النبي صلى الله عليه و سلم : [ لاَ تُساَفِرِ الْمَرْأةُ إِلا مَعَ ذِي مَحرَمٍ ، وَ لا يَدْخُلُ عَلَيْهاَ رَجُلُ إِلاَّ وَمَعَهاَ مَحْرَمُ ، فَقاَل رَجُلُ يا رسول الله : إِنَّ أُرِيدُ أَنْ أَخْرُجَ فىِ جَيْشِ كَذَا وَ كَذَا ، وَ امْرَأَتىِ تُرِيدُ الحَجَّ ، فَقاَلَ : اخْرُجْ مَعَهاَ ] ( ج 2 ص 219 )
إن المرأة مهما ترقت و قويت فهي ضعيفة أمام قوة الرجل فلا يجوز لها
( لمصلحتها هي ) أن تسافر أو يدخل عليها أجنبي إلا إذا كان معها رجل من محارمها ، يحافظ عليها و يقوم بمساعدتها ، و قد سمعنا اخبار الحوادث المخجلة التي حدثت من جزاء إختلاط الجنسين و قد نـهى النبي صلى الله عليه و سلم في مناسبات عدة عن سفر المرأة وحدها و دخول الرجال عليها ، إلا إذا كان معها محرم ، و هو زوجها أو أبوها أو إبنها أو أخوها ، أي رجل ممن لا يجوز له أن يتزوجها أبدا بأي حال من الاحوال .
و في هذا الحديث أمر النبي صلى الله عليه و سلم الرجل الذي يريد الخروج للجهـاد ، وامرأته تريد الحج ، أن يخرج مع زوجته ، و إن كان في ذلك تخلف عن الخروج للجهاد فالحج و هو فريض لم يسمح للمرأة أن تؤديه من غير أن يكون معها ذو محرم ، فكيف بمن تسافر للنـزهة و التسلية و اللهو إلى البلاد الاجنبية المملؤة بأنواع المفاسد و المخازي ..؟؟
الحديث رقم 36 :
[ لَعَنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ مَنْ مَثَّلَ بِالحَيَوَانِ ] .( ج 6 ص 228 )
في هذا العصر ، و في أرقى البلاد هناك بين الأمم المتمدنة أنواع من المصارعات يباح فيها تكسير الايدي و الارجل ، و تحطيم عظام الصدر و هناك أيضا في بلاد الرفق بالحيوان ، يضعون بعض الحيونات هدفا لسهامهم ، فيذيقونها أنواع العذاب
، و ضروب الآلام بإسم تعلم الرماية ، و هناك جماعات يربون الثيران يلقون بينها العداوة و يمرنونهما على الضراوة ، حتى تتقاتل و تتناطح ، و هناك تكسر الرؤوس و تبقرالبطون ، و تسيل الدماء ، و الامم المتمدنة التي انشأت جميعات الرفق بالحيوان ترى هذه المناظر المؤلمة و تشاهد تلك الفضاعات المخزية بقلوب فرحه ، و صدور منشرحة
هــذا مثــــال من مــــدنيتهم .
و لكن النبي العــربي صلى الله عليه و سلم ، قد نــهى عن تعـذيب الحيوان
و التمثيل به ، و بالــغ في النهى حتى لعـــــــــــن من مثل به
و ذلك قبل أن تؤسس جمعيات الــرفق بالحيوان بثلاثة عشر قرنا .
الحديث رقم 37 : قال النبي صلى الله عليه و سلم : [ لاَ يَحِلُ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلاَثٍ يَلْتَقِياَنِ فَيَصُدَّ هَذا ، وَ يَصُد هَذَا ، وَ خَيْرُهُماَ الَّذِي يَبْدَأُ بِالسَّلاَمِ ] . ( ج 7 ص128 )
قد يحصل بين المسلم و أخيه من سوء التفاهم أو الخطأ ما يسبب الغضب لأحدهما
و كليهما على الآخر فيتهاجران يوما و اثنين و ثلاثة يجوز في بعض الاحيان أن يحدث مثل هذا بين اثنين أما أن يتمــاديـــــــا في الهجر و النفور أكثر من ذلك و يلتقيان فيصد كل منهما عن أخيه فلا يجوز لأن مــدة الايام الثـــلاثة كافية لإسكان الغضب و التفكير بما اعده الله تعالى لكل منهما من الأجر و الثواب إذا غفـــر لأخيه زلتــه و خيرهمــا هو الذي يكبح جمــاح نفسه و يبدا صاحبه بالسلام
الحديث رقم 38 :
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : [ لَيْسَ الشدِيدُ بِالصُّرْعَةِ ، إِنَّماَ الشَّدِيدُ الَّذِي يَمْلِكُ نَفَسْهُ عِنْدَ الْغَضَبِ ] . ( ج 7 ص 99 )
يفهم من هذا الحديث الشريف أنه ليس الرجل القوي الجسم المفتول الساعدين الذي يغلب الأبطال و يصرعهم هو الرجل الشديد إنما الشديد هو الرجل القوي الايمان الذي يملك نفسه عند الغضب و يسيطر على حواسه فلا يعمل عملا و لا يقول كلمة تخالف الشرع أو تغضب الحق .
الحديث رقم 39 :
قال النبي صلى الله عليه و سلم : [ لَيْسَ الْكَذَّابُ الَّذِى يُصْلِحُ بَيْنَ النَّاسِ فينْمِي خَيْراً ، أوْ يَقُولُ خَيْراً ] . ( ج 3 ص 16 )
إن الرجل الذي يتوسط بين جماعتين مختلفتين متنافرتين ليذهب ما بينهما من جفاء
و يصلح ما فسد من إخاء فيجد من الحكمة من يقول على لسان كل منهما كلمات تزيل الضغينة و النفور و تعيد الألفة و السرور فقال خيرا لهذه و نماه لتلك حتى جمع القلوب على الوداد و رد النفوس إلى ما كانت عليه من محبة و اتحاد أن فعل هذا لا يعد كذابا و لو كان الخير الذي قاله و نماه من عنده لأنه ليس له غاية من عمله و قوله إلا رضا الله تعالى فإنما الأعمال بالنيات و الأمور بمقاصدها