منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - الفقيه المحدث المقرئ العالم الأثري ابن العنابي
عرض مشاركة واحدة
قديم 2008-09-13, 13:49   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
ابو مريم الجزائري
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي

[b]السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

مؤلفاته وآثاره:
ان ابن العنابي الفقيه المفتي المحدث المسند ، يعتبر من العلماء الذين جمعوا بين الأصالة والمعاصرة ، تدل على ذلك تآليفه الكثيرة و ما أحتوته من أفكار ومشاريع اصلاحية ، ومن بينها:

1- " السعي المحمود في نظام الجنود " وهو أجلّ مؤلفاته وأشهرها و سأفرده ببعض التعليق.
2- " صيانة الرياسة ببيان القضاء والسياسة " و هذا الكتاب ألفه تلبية لطلب محمد علي باشا والي مصر الذي تضايق من كثرة المشاكل التي يختلقها المفتين -على اختلاف المذاهب- وارتشائهم، فأمر مترجمنا أن يؤلف كتاباً يجمع فيه ما رجح من أقوال الأئمة الأربعة ويُعتمد في القضاء، فألّف كتابه: ((صيانة الرياسة في القضاء والسياسة))، وهذا الكتاب هو الذي جلب عليه نقمة بعض مشايخ السوء الذين ما زالوا يكيدون له عند عباس باشا لما تولى الحكم حتى عزله كما ذكرت سابقا.
3- " شرح الدر المختار " في الفقه الحنفي، وصل إلى ثلثيه، وقرَّظه عالم تونس محمد بيرم الرابع.
4- " العقد الفريد في التجويد".
5- " التوفيق والتسديد في شرح الفريد في التجويد " كتاب في فن التجويد، و آداب مجلس قراءة القرآن.
6- " إمعان البيان في بيان أخذ الأجرة على القرآن".
7- " شرح التوحيد للبركوي" ، لم يتمّه.
8- "خاتمة في التوحيد".
9- " المقتطف من الحديث" اقتطفه من صحيح ابن حبان.
10- " مسائل منتقاة من كتب الحديث " مخطوط، توجد منه نسخة في الهيئة المصرية للكتاب تحت رقم 10422 في قسم الحديث بعنوان " المنتقى في الحديث ".
11- " المنتخب من فوائد المنتقي لزوائد البيهقي للبوصيري".
12- التحقيقات الإعجازية بشرح نظم العلاقات المَجازية، في البلاغة والأدب.
13- رسائل ثماني عشرة في وقف العقار.
14- رسالة في أداء زكاة الفطر.
15- رسالة خاصة بالمرأة.
16- ثبت بعنوان : سند ابن العنابى الجزائرى باوائل الكتب الستة" مخطوط بالمكتبة الأزهرية تحت الأرقام 305405 و 330612 و 330804.
17- أشعار في أغراض شتى منها المديح النبوي، والإخوانيات، وبعض المنظومات في الفقه و التوحيد.
وله أيضاً فتاوى كثيرة منثورة في مظانها من كتب الفقه ، وإجازات متعددة، ومراسلات مع العلماء والساسة، وله أيضاً تقاريظ وتعاليق على بعض الكتب.

" السعي المحمود في نظام الجنود " :

هذا الكتاب النادر في موضوعه كتب بأسلوب سهل وعبارات خالية من الترهّل والحشود والاستطراد عكس ما كان معروفا من كتابات عصره يحتوي على مشروع إصلاحي كبير و أفكار نيرة تخدم المجتمعات الإسلامية ، أظهر فيه صاحبه آراءا جريئة ، فهو من أوائل علماء المسلمين الذين طرحوا قضية التجديد في النظم الإسلامية في القرن الثالث عشر هجري / أوائل القرن التاسع عشر الميلادي.
وهو لذلك من أوائلهم أيضا الذين طرقوا باب الاجتهاد الذي ظل مغلقا عدة قرون نتيجة التأخر العقلي الذي كان عليه العالم الإسلامي، كما عالج أيضا قضية جمود عقلية علماء المسلمين أمام تقدم العقل الأوروبي، وتخلف الجيوش الإسلامي أمام زحف الجيوش الأوروبية.، فقد ألفه سنة (1242هـ/ 1826م) حين نزل مصر في إحدى حجّاته خلال تلك السنوات التسع التي قضاها بعيدا عن بلده ، قبل الاحتلال الفرنسي للجزائر بحوالي اربع سنوات.
وعنوان الكتاب يدل على محتواه ، فهو كتاب في سياسة الرعية، ونظام الدولة، و في وجوب تجديد الجند أو الجيش الإسلامي و إعداده إعداداً قوياً لحماية الأوطان من الأخطار الخارجية، وبالاستفادة من النظم الغربية نفسها في إعداد الجيوش تدريباً وتسليحاً، مع قوانين مضبوطة، فضلاً عن العمل بما يأمر به الشرع من عدل وإصلاح، تمكيناً للقيم الأصيلة في حضارتنا الإسلامية، انطلاقاً من النص القرآني ذاته، في مثل قوله تعالى: { وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ } [ الأنفال : 60 ]. وهي الآية التي يوردها ابن العنابي ليتبعها بقوله: "اعلم أن هذه الآية الكريمة من أبدع جوامع كلم القرآن وأظهرها إعجازاً، لفظاً، ومعنى، لإنتظامها جميع الأدوات والأسباب الحسية والمعنوية الموروثة، قوة ظاهرة أو باطنة تنتج إرهاب الأعداء" .
فكانت مادة الكتاب على النحو التالي:
- "في إتخاذ الجند وتجنيده" وترتيبه، وتصنيفه، وضبطه، وأمر قوّاده
وعرفائه، وتسويمه، أي أساليب منح الرتب والأوسمة العسكرية،
وهندامه، من تضييق في "ملابس الجند وتقصيرها مما يتيح الحيوية
والحركة التي تعوقها الملابس الفضفاضة. ثم هناك ضبط عملهم،
وتعيين مواقفهم، وعقد الألوية والرايات وما يتعلق بها من
- "التدريب على الأعمال الحربية" فضلاً عن موضوع إعداد الحصون، والخنادق، والأسلحة، وعدة الرمي كما يصرّح ذلك الفصل الحادي عشر من الكتاب، المتبوع بفصلي:
- "حيل الحرب" و"الحزم" فيها: استعداداً لها، وخوضاً لغمارها برجال على قدر عال من الكفاءة، ذوو ثقة بالنفس وبالوطن وبنظام سياسي ينتفي فيه الظلم، ويعمّ العدل، ويشيع حكمه الأمن الاجتماعي، والأمان الإنساني.
ثم ينتهي إلى ما طابعه سياسي وفكري، واستراتيجي، فيعلن:
- "جواز تعلم العلوم الآلية من الكفرة"، بل وجوبها، وقبل ذلك كما يؤكد في الفصل الخامس عشر ضرورة.
- "اجتماع الكلمة والاتفاق" فلا قوة لنظام، لا لجيشه ولا لحكمه في حضور (الاختلاف) و(الخلاف) السلبي منه بالخصوص، كما أنه لا جدوى من قوة ولا نجاعة لسياسة في نظام تكبر فيه المظالم، وينعدم العدل، وتضيع حقوق المواطنين، وهو ما ركّز عليه الفصل الرابع عشر بعنوان:
- "في رحمة الضعفاء وإجراء العدل، وبذل الحقوق لمستحقيها" كواحد من مصادر القوة لنظام لا يخاف شعبه، بل يخيف الأعداء بشعبه القوي، بإيمانه وثقته التامة الموصولة، في حكمه: الصارم، العادل، المخلص في سياسته لله وللوطن، وإرضاء الضمير الديني والوطني، معرضاً بأسباب سقوط الأنظمة التي يشيع فيها الظلم، والكذب، وإهمال العلم ورجاله، وتقريب الطفيليين المرتزقة، وذوي (اللهو) و(اللعب) و(الطرب) كما يقول، معتمداً في ذلك النص القرآني والحديث النبوي، محذراً بذلك كله "الحكام من الظلم والاستبداد، والجور في الأحكام، ومنع الناس حقوقهم، وإيثار من لا يستحق، مما يعتبره ابن العنابي هنا من
- "أسباب خراب الملك وزوال الدولة" وفي ذهنه مآل الدولة العباسية التي حظي فيها "المغنون "و " أهل اللعب والبطالة" بالرعاية، وأهملت الرعية.
ويرى في ذلك أربعة شروط في الحاكم المرضي عنه من الله، والعباد، وهي:
1-إقامة العدل.
2-إظهار شعائر الدين.
3-نصرة المظلوم والأخذ على يد الظالم، وكفّ يد القوي عن الضعيف.
4-مراعاة الفقراء والمساكين وملاحظة ذوي الخصاصة والمستضعفين.
وهي رؤى استمدّ فيها الكاتب أوامر الشرع الكريم و قيم الحضارة العربية الإسلامية بخلفية دينية واضحة سعياً للإصلاح، وتمكينا للحسّ السياسي المسؤول، وتأصيلاً لتقاليد إسلامية في الأخوة والمحبة والتآزر، والعدل والإنصاف، والعمل والإخلاص فيه، ومكافأة الجادين من أهل العلم والفضل، من دون إيثار لغير الكفاءة والإخلاص".
قال عن الأمور الحربية انها: " كل ما أنتج قوة محسوسة أو معقولة على دفاع الأعداء وارهابهم واغاظة نفوسهم ، فكل هذه أمور شرعية لأن فيها إذلال الكفرة و عز الاسلام وعلو كلمته وانه المقصود الاعظم من شرعية الجهاد "
وقال:" ان كل ما فيه إعزاز للاسلام وقوة لاهله فهو أمر مشروع بقطع النظر عن مصدره ومصره "
وقال " فكل ما فيه منفعة لها تعلق بإعزاز الدين ورفعة أهله مما اشتمل عليه النظام المستجد للكفرة عن ترتيب العساكر وتصفيفهم ، وحصر أعدادهم وتعديد قوادهم وعرفائهم ، ولتسويم أصنافهم وكبرائهم بخصوص لباس أو علامة وتضييق ملابسهم و تقصيرها ...وغير ذلك مما قد تدعو إليه الحاجة فهو أمر مشروع
".
وكان ابن العنابي صريحا في وجوب الأخذ عن الأوروبيين ما تفوقوا فيه علينا ، وقال انه ليس من البطولة و الرجولة في شئ أن يتقدم الأعداء ويظل المسلمون في حالة جمود بحجة أن ذلك لم يرد في النصوص أو لا يجوز تقليد الكفار ، وهذه عبارته: " ...وأنهم إذا ابتدعوا من أدوات الحرب وصنائعه أمر له موقع لا تؤمن استطالتهم به علينا لزمنا بذل الوسع في تعلمه وإعداده لهم و الاستعداد في مجاوزتهم فيه ، وأنه اذا لم يكن استعلام ذلك إلا من قبلهم وجب استعلامه منهم لأنه مستطاع لنا ، وأنهم إذا اعدوا لنا صواعق البارود فاعددنا لهم القسي و المنجنيق الذين صارا اليوم كالشريعة المنسوخة أو اقتصرنا على السيوف و البندقيات او شمروا لنا الثياب فأعددنا للقائهم الثياب المجررة و الأكوام المطولة و العمامئم المكبرة لم نخرج عن عهدة الأمر ولزمنا الإثم و العار ، فلا غرض الشارع حصلنا و لا سبيل الرجولة سلكنا"

وكان لهذا الكتاب و ما احتواه من أفكار أثر كبير في الأوساط السياسية و الدينية في عصره، ومن الذين قرؤوه والي مصر ( محمد علي باشا ) فأعجب به وبرؤية الرجل الإصلاحية، وفكره الإسلامي الثاقب، ومواقفه الصلبة، وصدقه في الفعل والقول؛ وبموضوع الكتاب، ومنهجه، فأمر بتدريسه وتلخيصه ليسهل تداوله واستيعابه ، وأمر بتعميمه وإيصاله الى المصالح المختلفة في الدولة ، فقام تلميذ العنابي الشيخ سيد إبراهيم السقا بهذه المهمة و أعطى لما لخصه عنواناً يعبّر عن غايته هكذا " بلوغ المقصود اختصار السعي المحمود " وأضاف عليه حواشي و توضيحات.
وهذا الكتاب الهام قام بطبعه و تحقيقه الدكتور محمد بن عبد الكريم -جزاه الله خيراً- في المؤسسة الوطنية للكتاب بالجزائر سنة 1983م ، كما قام شيخ المؤرخين الجزائريين أبو القاسم سعد الله – حفظه الله – بتقديم دراسة مطولة في الملتقى السادس للتعرف على الفكر الاسلامي المنعقد بالجزائر صيف 1962 م وقد نشرت في المجلد الرابع ص 95 بعنوان " مساهمة بعض المفكرين الجزائريين في النهضة الإسلامية "


المصادر و المراجع :

- المفتي الجزائري ابن العنابي رائد التجديد الإسلامي، للدكتور أبو القاسم سعد الله، الشركة الوطنية للنشر والتوزيع، الجزائر، 1983.
- شخصيات جزائرية للدكتور عمر بن قينة الشركة الوطنية للنشر و التوزيع, الطبعة الأولى 1983م.
- تعريف الخلف برجال السلف لأبي القاسم محمد الحفناوي المؤسسة الوطنية للفنون المطبعية ،رغاية الجزائر 1991م.
- معجم المؤلفين رضا كحالة مؤسسة الرسالة ، لبنان - الطبعة الاولى 1414 هـ / 1993 م .
- موسوعة أعلام الجزائر ، منشورات وزارة المجاهدين الجزائر 2007 م.










رد مع اقتباس