في المسألة العاشرة:في باب مَا جَاءَ فيِ الذَّبْحِ لِغَيْر اللهِ.
معرفة أنَّ عمل القلب هو المقصود الأعظم حتى عند عبد الأوثان .
والحقيقة أن هذه المسألة مع التاسعة فيها شبه تناقض؛لأنَّه في هذه المسألة أحال الحكم على عمل القلب، وفي التاسعة أحاله على الظاهر؛ فقال : بسب ذلك الذباب الذي لم يقصده بل فعله تخلصًا من شرهم، ومقتضى ذلك أن باطنه سليم،وهنا يقول: إن العمل بعمل القلب ،ولاشك أن ما قاله المؤلف رحمه الله حق بالنسبة إلي أنَّ المدار على القلب.
والحقيقة أنَّ العمل مركب على القلب، والناس يختلفون في أعمال القلوب أكثر من اختلافهم في أعمال الأبدان، والفرق بينهم قصدًا وذلًّا أعظم من الفرق بين أعمالهم البدنية؛ لأنَّ من الناس من يعبد الله لكن عنده من الاستكبار ما لا يذلّ معه ولا يذعن لكل حق،وبعضهم يكون عنده ذلّ للحق ،لكن عنده نقص في القصد؛فتجد عنده نوعًا من الرياء مثلًا.
فأعمال القلب وأقواله لها أهمية عظيمة، فعلى الإنسان أن يخلصها لله.وأقوال القلب هي اعتقاداته؛ كالإيمان بالله،وملائكته،وكتبه،ورسله،واليوم الآخر،والقدر خيره وشره.
وأعماله هي تحركاته؛كالحب،والخوف، والرجاء،والتوكل،والاستعانة،وما أشبه ذلك.
والدواء لذلك :القرآن والسنة،والرجوع إلى سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم بمعرفة أحواله وأقواله وجهاده ودعوته،هذا هذا مما يعين على جهاد القلب .
ومن أسباب صلاح القلب أن لا تشغل قلبك بالدنيا.
ص149-150من كتاب القول المفيد على كتاب التوحيد الشيخ العلامة محمد صالح العثيمين رحمه الله تعالى
وفي المسألة التاسعة عشرة:أنًّ كُلَّ ما ذم الله به اليهود والنصارى في القرآن أنَّه لنا:هذا ليس على إطلاقه وظاهره، بل يحمل قوله)لنا)أي: لبعضنا، ويكون المراد به المجموع لا الجميع؛ كما قال العلماء في قوله تعالى ( يَمَعشَرَ الْجِن وَالْإِنسِ أَلَم يَأتِكُم رُسُلٌ مِّنكُم)الأنعام130
والرسل كانوا من الإنس فقط.فإذا وقع تشبه باليهود والنصارى؛فإنَّ الذم الذي يكون لهم يكون لنا، وما من أحد من الناس غالباً إلا وفيه شبه باليهود والنصارى،فالذي يعصي الله على بصيرة فيه شبه من اليهود،والذي يعبد الله على ضلالة فيه شبه من النصارى، والذي يحسد الناس على ما آتاهم الله من فضله فيه شبه من اليهود ،وهَلُمَّ جَرَّا.
ص 136من كتاب القول المفيد على كتاب التوحيد
في باب من تبرك بشجرأو حجر ونحوهما
لشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى
ومن باب مِنَ الشِّرْكِ الاسْتِعَاذّةُ بِغَيْرِ اللهِ
وقوله(من شر ما خلق):أي: من شر الذي خلق؛ لأنَّ الله خلق كلَّ شيْ: الخير والشر, ولكن الشرَّ لا ينسب إليه،لأنَّه خلق الشر لحكمة، فعاد بهذه الحكمة خيرًا، فكان خيرًا.على هذا نقول:الشرّ ليس في فعل الله ،بل في مفعولا ته؛ أي: مخلوقا ته.وعلى هذا تكون (ما)موصولة لا غير، أي :من شر الذي خلق؛لأ نَّك لو أولتها إلى المصدرية وقلت: من شرّ خلقك ؛ لكان الخلق هنا الخلق مصدرًا يجوز أن يراد به الفعل ويجوز ا يضًا المفعول، لكن لو جعلتها اسمًا موصولاً تعيّن أن يكون المراد بها المفعول، وهو المخلوق.
وليس كل ما خلق الله فيه شر، لكن تستعيذ من شره إن كان فيه شر؛لأنَّ مخلوقات الله تنقسم إلى ثلاثة أقسام هي :
1-شر محض ؛ كالنار وإبليس باعتبار ذاتيهما؛ أما باعتبار الحكمة التى خلقهما الله من أجلها فهي خير.
2-خير محض؛ كالجنة ،والرسل،والملائكة.
3-وفيه شرو خير كا لإنس،والجن والحيوان .وأنت إنما تستعد من شر ما فيه شر.
ص164
القول المفيد على كتاب التوحيد لشيخ العثيمين رحمه الله تعالى
وفي المسألة الخامسة ومن باب مِنَ الشِّرْكِ الاسْتِعَاذّةُ بِغَيْرِ اللهِ
: أن كون الشيء يحصل به منفعة دنيوية من كفّ شرّ أو جلب نفع لا يدل على أنًّه ليس من الشرك :ومعنى كلامه: أنًّه قد يكون الشيء من الشرك ،ولو حصل لك فيه منفعة؛ فلا يلزم من حصول النفع أن ينتفي الشرك؛ فالإنسان قد ينتفع بما هو شرك. مثال ذلك:الجن؛فقد يعيذ ونك،وهذا شرك مع أنًّ فيه منفعة.
مثال آخر:قد يسجد إنسان لملك ،فيهبه أموالَا وقصورًا،وهذا شرك مع أنًّ فيه منفعة،ومن ذلك ما يحصل لغلاة المداحين لملوكهم لأجل العطاء؛فلا يخرجهم ذلك عن كونهم مشركين.
فكن كما شئت يا من لا نظير له ........ وكيف شئت فما خلق يدانيك.
وفي الحديث فائدة ،وهي:أن الشًّرع لا يبطل أمرًا من أمور الجاهلية إلا ذكر ما هو خير منه؛ففي الجاهلية كانوا يستعيذون بالجنّ، فأبدل بهذة الكلمات،وهي:أن يستعيذ بكلمات الله التامًّات من شرّما خلق.
وهذة الطريقة هي الطريقة السليمة التي ينبغي أن يكون عليها الدعية، أنَّه إذا سدّ عن الناس باب الشرّ؛ وجب عليه أن يفتح لهم باب الخير،ولا يقول:حرام ،ويسكت، بل يقول:هذا حرام ،وافعل كذا وكذا من المباح بدلًا عنه، وهذا له أمثله في القرآن والسنة.
فمن القرآن قوله تعالى (يَا يُّهَا الذِينِ ءَامَنُو اْلاِ تِقُولُوا رَعِنًا وَقُولُُوا ْانظُرنَا) البقرة 104 فلما نهاهم عن قوله (رَاعِنَا) ذكر لهم ما يقوم مقامه وهو (انظُرنَا).ومن السنة وقوله صلى الله عليه وسلم لمن نهاه عن بيع الصّاع من التمر الطّيب بالصاعين، بالثلاثة.(بع الجمع بالدراهم ،اشتر بالدراهم جنيبًا)فلما منعه من المحذور؛فتح له الباب السليم الذي لا محذور فيه.
ص166-167
القول المفيد على كتاب التوحيد لشيخ العثيمين رحمه الله تعالى