منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - ليس في الإسلام فلسفة
عرض مشاركة واحدة
قديم 2021-11-28, 16:06   رقم المشاركة : 17
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

نشأة علم الكلام:

من خلال استعراض كتب العقيدة والفرق الإسلامية

يتضح أن الكلام في العقيدة ظهر في أواخر

عصر الصحابة رضي الله عنهم

ولم يكن بعد قد اتضحت معالمه

ولكن ضل الكلام في هذه الحقبة في بعض جوانب العقيدة

دون البعض, وموافقة أغلب المتكلمين لأهل السنة

في سائر أبواب العقيدة

حتى إذا اجتمعت هذه الأصول التي تكلم فيها المتكلمون

ولملم شتاتها ظهر علم الكلام الذي يمثل

الشق والطرف المخالف لأهل السنة

في إثبات وتقرير العقائد ابتداء على أيدي المعتزلة.

وأول ما يطلعنا في كتب العقائد والفرق، الكلام في القدر.

فقد روى مسلم، بسنده عن يحيى بن يعمر

قال: كان أول من قال في القدر بالبصرة، معبد الجهني

فانطلقت أنا وحميد بن عبدالرحمن الحميري حاجين

أو معتمرين فقلنا: لو لقينا أحداً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم

فسألناه عما يقول هؤلاء في القدر

فوافق لنا عبدالله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنه داخلاً المسجد

فاكتنفته أنا وصاحبي أحدنا عن يمينه والآخر عن شماله

فظننت أن صاحبي سيكل الكلام إلي

فقلت: يا أبا عبدالرحمن إنه قد ظهر قبلنا ناس يقرؤون القرآن,

ويتقفرون العلم, وذكر من شأنهم

وأنهم يزعمون أن لا قدر وأن الأمر أنف قال:

إذا لقيت أولئك فأخبرهم أني بريء منهم وأنهم براء مني

والذي يحلف به عبدالله بن عمر لو أن لأحدهم مثل أحد ذهباً

فأنفقه ما قبله الله منه حتى يؤمن بالقدر

ثم ساق حديث جبريل الطويل المعروف المشهور,

وسؤاله رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الإيمان,

والإسلام, والإحسان, والساعة.


يقول الشهرستاني:

"أما الاختلافات في الأصول فحدثت في آخر أيام الصحابة

بدعة معبد الجهني وغيلان الدمشقي، ويونس الأسواري

في القول بالقدر، وإنكار إضافة الخير والشر إلى القدر

((الملل والنحل)) (ص: 28).

ثم ظهر القول بخلق القرآن ونفي الصفات على يد الجعد بن درهم

قال بن كثير: "كان الجعد بن درهم من أهل الشام

وهو مؤدب مروان الحمار

– مروان بن محمد آخر ملوك بني أمية –

ولهذا يقال له: مروان الجعدي – فنسب إليه -

وهو شيخ الجهم بن صفوان

الذي تنسب إليه الطائفة الجهمية

الذين يقولون أن الله في كل مكان بذاته"

((البداية والنهاية)) ابن كثير (15/11).

وقد روى الإمام البخاري – رحمه الله –

في (خلق أفعال العباد) أن خالد بن عبدالله القسري

قام بواسط في يوم أضحى

وقال: "ارجعوا فضحوا تقبل الله منكم فإني مضح بالجعد

بن درهم زعم أن الله لم يتخذ إبراهيم خليلاً ولم يكلم موسى تكليماً

تعالى الله علواً كبيراً عما يقول الجعد بن درهم ثم نزل فذبحه"

((خلق أفعال العباد)) (ص: 12).

وكان ذلك عام 188هـ تقريباً .

انظر ((الأعلام)) (2/120).

وفي مقابل غلو الخوارج برز قرن المرجئة والكلام في الإيمان

, وظهر الكلام في الإرجاء

وإخراج العمل عن مسمى الإيمان

وأول من أظهر هذا القول، ذر ابن عبدالله الهمداني.

روى أن إبراهيم النخعي أنه كان يقول لذر: ويحك يا ذر

ما هذا الدين الذي جئت به، قال ذر: ما هو إلا رأي رأيته.

قال: ثم سمعت ذراً يقول: إنه لدين الله الذي بعث به نوح

عبدالله بن الإمام أحمد ((السنة)) (ص: 84).

قال البغدادي: ثم حدث في زمان المتأخرين من الصحابة

خلاف القدرية في القدر والاستطاعة من معبد الجهني

وغيلان الدمشقي، والجعد بن درهم

وتبرأ منهم المتأخرون من الصحابة كعبدالله بن عمر

وجابر بن عبدالله، وأبي هريرة، وابن عباس، وأنس بن مالك

وعبدالله بن أبي أوفى، وعقبة بن عامر الجهني، وأقرانهم

وأوصوا أخلافهم بأن لا يسلموا على القدرية,

ولا يصلوا على جنائزهم، ولا يعودوا مرضاهم

ثم اختلفت الخوارج بعد ذلك فيما بينها

((الفرق بين الفرق)) (39-40).

وهكذا انتقل علم الكلام إلى طور جديد أكثر تطوراً

وأكثر فاعلية ووضوح

على يد الجهم بن صفوان الذي جمع شتات الأقوال السابقة

وأخرجها من مخرج واحد، وصبها في بوتقة واحدة.

قال الذهبي – رحمه الله -:

"عن الجهم أبو محرز الراسبي مولاهم السمرقندي الكاتب

رأس الضلالة ورأس الجهمية كان صاحب ذكاء وجدل.

.. وكان ينكر الصفات وينزه الباري عنها بزعمه

ويقول بخلق القرآن ويقول بأن الله في كل مكان"

((سير أعلام النبلاء)) (6/26-27).

يقول الدكتور سفر الحوالي:

"أما الجهم بن صفوان فهو رأس الضلالات

وأس البليات جعله الله فتنة الناس، وسبباً للإضلال

كما جعل السامري في بني إسرائيل

وحسبنا أن نعلم أن هذا الرجل الذي كان من شواذ المبتدعة

في مطلع القرن الثاني قد ترك من الأثر

في الفرق الإسلامية الاثنين والسبعين

ما لا يعادله أثر أحد غيره

هذا مع أنه ليس بإمام يحتج بقوله

ولا عالم يعتد بخلافة ولا شهد له أحد بخير"

((ظاهرة الإرجاء)) (2/390-391).

ونقل الحافظ بن حجر عن ابن أبي حاتم

أن سلم بن أحواز، عامل نصر بن سيار على مرو

لما قبض على جهم قال: "يا جهم, إني لست أقتلك لأنك قاتلتني

أنت عندي أحقر من ذلك، ولكن سمعتك تتكلم بكلام باطل

أعطيت لله عهداً أن لا أملك إلا قتلك. فقتله"

((فتح الباري)) (13/346).


تطور الظاهرة الكلامية

إن الظواهر المختلفة لا تستقر ولا تترعرع

إلا بعد أن تمر بمراحل مختلفة

وأطوار عديدة متغيرة، وأزمان متباعدة.

ولقد انتقل علم الكلام بهذه المراحل

والأطوار جميعاً حتى صار ظاهرة تحمل العامة على مقتضاه

وتمثل هذه المرحلة منعطفاً خطيراً في عقيدة الأمة

وذلك لاضطلاع الخلافة الإسلامية عليها

وهو سبق خطير ليس له نظير قبله في تاريخ خلفاء الأمة

وكان ذلك في زمن المأمون العباسي

وهذه هي مرحلة الاستقرار الأول لعلم الكلام.

يقول الشهرستاني:

"ثم طالع بعد ذلك شيوخ المعتزلة كتب الفلاسفة

حين نشرت أيام المأمون، فخلطت مناهجها بمناهج علم الكلام

وأفردتها فناً من فنون العلم، وسمتها علم الكلام

إما لأن أظهر مسألة تكلموا فيها وتقاتلوا عليها هي مسألة الكلام

فسمي النوع باسمها

وإما لمقابلتهم الفلاسفة في تسميتهم فناً من فنون علمهم بالمنطق

والمنطق والكلام مترادفان"

((الملل والنحل)) (ص: 29).

يقول شيخ الإسلام – ملاحظاً هذا التطور-

: في أواخر عصر التابعين حدث ثلاثة أشياء

الرأي، والكلام، والتصوف

فكان جمهور الرأي في الكوفة

وكان جمهور الكلام والتصوف في البصرة.

ومر علم الكلام بمراحل مختلفة يمكن ذكرها فيما يلي:

المرحلة الأولى – وهي مرحلة قدامى المتكلمين

كواصل بن عطاء، وعمرو بن عبيد، وأبي الهذيل العلاف

وإبراهيم النظام، وغيرهم.


وقد تميزت هذه المرحلة بالتأثر بالمصطلحات اليونانية

وخاصة عند المتأخرين منهم كالعلاف

حيث ترجمت كتب الفلسفة اليونانية

وقد كانت المباحث الكلامية في هذه المرحلة متناثرة

حسب موضوعاتها التي يتفق الكلام فيها دون وضع قواعد

صريحة لهذا العلم، كما خلت هذه المرحلة

من الاستعانة بعلم المنطق الأرسطي.


المرحلة الثانية – وهي المرحلة التي دخل فيها الأشاعرة معترك الكلام

في مقابل المعتزلة، وتعد هذه المرحلة أكثر تطوراً

نظراً لوضع قواعد علم الكلام ومقدماته التي يحتاج

إليها الدارس مثل إثبات الجوهر – الفرد وغيره -.


المرحلة الثالثة – حيث تتميز هذه المرحلة بمناقشة كلام الفلاسفة

وإدخال ذلك في علم الكلام كما تتميز أيضاً باستعمال

المنطق الأرسطي في مقدمات علم الكلام ودراسة أدلته وبراهينه.


المرحلة الرابعة – تتميز بالخلط بين مذاهب الفلسفة والكلام

واشتباه الأمر فيها على الكاتب والقارئ جميعاً.

ثم التقليد المحض لتلك الآراء من غير نظر في أصولها

محمد العبد، وطارق عبدالحليم، ((المعتزلة بين القديم والحديث)) (ص: 37-39)

((أبجد العلوم لصديق خان)) (ص: 450-541).


وهناك أسباب كامنة وراء تفش الظاهرة الكلامية منها :

- تسامح المسلمين: فلقد كانت شروط الفتح الإسلامي

تسمح ببقاء بذور الحضارات المختلفة عند طوائف كبيرة من الأهالي

الذين واصلوا التمتع بعاداتهم وقوانينهم على شريطة أن يعطوا الجزية

وكان طبيعياً أن تتأسس الروابط والعلاقات بين الفاتحين

وأهل البلاد في وقت مبكر سواء أكان ذلك بسبب الحوار

أم بسبب اعتناق الإسلام

وكان قد التحق بالإسلام طوائف وفئام من كل ملة

دخلوا حاملين لما كان عندهم من فلسفات وديانات راغبين

أن يصلوا بين الإسلام وبين تلك الأديان والفلسفات

فثارت الشبهات بعد ما هبت على الناس أعاصير الفتن

عامر النجار ((الخوارج)) (ص: 65).


و لنا عودة أخوة الإسلام










آخر تعديل *عبدالرحمن* 2021-11-28 في 16:57.
رد مع اقتباس