بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُروا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (137)
سورة آل عمران
**********
هَذَا تَسْلِيَةٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى لِلْمُؤْمِنِينَ، وَالسُّنَنُ جَمْعُ سُنَّةٍ وَهِيَ الطَّرِيقُ الْمُسْتَقِيمُ. وَفُلَانٌ عَلَى السُّنَّةِ أَيْ عَلَى طَرِيقِ الِاسْتِوَاءِ لَا يَمِيلُ إِلَى شي مِنَ الْأَهْوَاءِ، قَالَ الْهُذَلِيُّ:
فَلَا تَجْزَعَنْ مِنْ سُنَّةٍ أَنْتَ سِرْتَهَا ... فَأَوَّلُ رَاضٍ سُنَّةً مَنْ يَسِيرُهَا
وَالسُّنَّةُ: الْإِمَامُ الْمُتَّبَعُ الْمُؤْتَمُّ بِهِ، يُقَالُ: سَنَّ فُلَانٌ سُنَّةً حَسَنَةً وَسَيِّئَةً إِذَا عَمِلَ عَمَلًا اقْتُدِيَ بِهِ فِيهِ مِنْ خَيْرٍ أَوْ شَرٍّ، قَالَ لَبِيدٌ:
مِنْ مَعْشَرٍ سَنَّتْ لَهُمْ آبَاؤُهُمْ ... وَلِكُلِّ قَوْمٍ سُنَّةٌ وَإِمَامُهَا
وَالسُّنَّةُ الْأُمَّةُ، وَالسُّنَنُ الْأُمَمُ، عَنِ الْمُفَضَّلِ. وَأَنْشَدَ:
مَا عَايَنَ النَّاسُ مِنْ فَضْلٍ كَفَضْلِهِمُ ... وَلَا رَأَوْا مِثْلَهُمْ فِي سَالِفِ السُّنَنِ
وَقَالَ الزَّجَّاجُ: وَالْمَعْنَى أَهْلُ سُنَنٍ، فَحَذَفَ الْمُضَافَ. وَقَالَ أَبُو زَيْدٍ: أَمْثَالٌ. عَطَاءٌ: شَرَائِعُ. مُجَاهِدٌ: الْمَعْنَى" قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ" يُعْنَى بِالْهَلَاكِ فِيمَنْ كَذَّبَ قَبْلَكُمْ كَعَادٍ وَثَمُودَ.
تفسير القرطبي (4-216)
بترقيم الشاملة الحديثة