أهمية تشدد الرجال في قانون العِرْض والشرف
قال الرافعي رحمه الله:
" والمرأة التي لا يحميها الشرف لا يحميها شيء، وكل شريفة تعرف أن لها حياتين إحداهما العفة، وكما تدافع عن حياتها الهلاك, تدافع السقوط عن عفتها؛ إذ هو هلاك حقيقتها الاجتماعية؛ وكل عاقلة تعرف أن لها عقلين تحتمي بأحدهما من نزوات الآخر، وما عقلها الثاني إلا شرف عرضها.
قال الأستاذ "ح": إن هذه هي الحقيقة، فما تسامح الرجال في شرف العرض إلا جعلوا المرأة كأنها بنصف عقل, فاندفعت إلى الطيش والفجور والخلاعة، أرادوا ذلك أم لم يريدوه.
قلت: وهذا هو معنى الحديث: "عفوا تعف نساؤكم" فإن عفاف المرأة لا تحفظه المرأة بنفسها، ما لم تتهيأ لها الوسائل والأحوال التي تعين نفسها على ذلك؛ وأهم وسائلها وأقواها وأعظمها، تشدد الرجال في قانون العِرْض والشرف.
فإذا تراخى الرجال ضعُفت الوسائل، ومن بين هذا التراخي وهذا الضعف تنبثق حرية المرأة متوجهة بالمرأة إلى الخير أو الشر، على ما تكون أحوالها وأسبابها في الحياة. وهذه الحرية في المدنية الأوروبية قد عودت الرجال أن يغضوا ويتسمحوا، فتهافت النساء عندهم، تنال كل منهن حكم قلبها ويخضع الرجل."
وحي القلم (1-263)
بترقيم الشاملة الحديثة