[اقرأ...]

سيرة ذاتية..فصول..وتفاصيل : الحلقة (112)
لماذا لوّنتها بالأزرق ..سيدي ؟
كنت حساسا جدا للوقت والمواعيد ومازلت على ذلك الى اليوم لم أتغير .. ولهذا تراني داخل المدرسة قبل وقت الدخول الرسمي بنصف ساعة على طول العام الدراسي.
عندما جاءت "نفحة الوزارة " في ترسيخ السلوك الحضاري في المدارس و تبليغها للأطفال عبر كتابة شعاراتها فنيا على الجدران المدرسية وعبر لا فتات ..أسندت الي مهمة الانجاز في مدرستنا فتمتعت بتخصيص نصف الوقت اليومي من التوزيع وتكوين نادي الرسم الفني والخط العربي بمجموعة من التلاميذ الراغبين ومن ذوي الميولات الفنية
وتكفلت المدرسة بالتجهيز المادي من دهن مائي وفرشاة ..
وانطلق العمل ..فأنجزت جداريات رائعة فيها لوحات مائية متنوعة منها ما يمزج بين الرسم والخط ومنها ما هو كتابة خطية فقط ومنها ماهو رسم فقط و قد تستغرق اللوحة يومين أو أسبوعا ..وكنت لا أتخلف عن ذلك حتى في عطلتي الربيع والشتاء اذ كنت آتي لأواصل الانجاز وأجد في ذلك متعة ولذة ..
وما هي إلا أسابيع حتى انتبه التلاميذ إلى إضافات التجديد الفني في المدرسة ، فأصبحت تراهم ينتظرون ساعة الخروج من القاعات بلهفة لينظروا ما هو الجديد على الجدران من كتابات ورسوم ..ثم تسمعهم يرفعون أصواتهم في قراءة الشعار المنجز ويتنافسون أيهم يفك طلاسم الخط أولا ويقرأه قراءة صحيحة ..وكنت أتابع شغفهم دون إشعارهم بذلك وأتركهم على سجيتهم ..حتى لا أحرجهم
و انبهرت مرة بجرأة تلميذ رأيته يقف طويلا أمام جدارية عالية بطول 8 متر وعرض 80 صم كتبت فيها بالخط الفارسي " شباب بلا أخلاق كشجر بلا أوراق " وقد لونته بالأزرق وظللته بالأحمر..تركته يتأمل وهو شارد مأخوذ بانسيابية الخط وجمالية الكتابة
ثم انتبه وسألني قائلا ..سيدي لماذا اخترت اللون الأزرق لهذه الكتابة ؟ ..شكرته على السؤال والاهتمام
وقلت له: هل أعجبك الخط قال رائع ..وجميل
قلت : فما هو اللون الذي تقترحه أنت ويعجبك؟
قال الأشجار والأوراق خضراء ..فاللون أخضر مناسب
قلت :صحيح ..يعطيك الصحة ..أما اختياري للأزرق فهو فقط من أجل جذب نظر المارة ولفت انتباههم ..
وما هي إلا أشهر حتى أخذت المدرسة مظهر المعرض الفني المفتوح.. وهو ما استفز وحرض وشجع مدراء مدارس واعدا ديات مجاورة على نقل التجربة إلى مدارسهم ، حتى جاء البعض يساومني و يعقد معي صفقات لتزيين مدرسته ..فلم أكسل ولم أرفض
-يتبع – بقلم الشيخ : عبدالقادر عبار