منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - الدَّالَّ عَلَى الْخَيْرِ كَفَاعِلِهِ
عرض مشاركة واحدة
قديم 2020-11-14, 04:27   رقم المشاركة : 101
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










Flower2

اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

الأمانة

الأمانة في الشرع لها معنيان ؛ معنى عام وآخر خاص .

فالمعنى العام :

هو أنها تتناول جميع أوامر الشرع ونواهيه .

والمعنى الخاص :

كل ما يجب على الإنسان حفظه وأداؤه من حقوق الآخرين

ومما يدلّ على ذلك ؛ قول الله تعالى :

( إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ

فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ

إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا ) الأحزاب/72.

ساق ابن كثير رحمه الله تعالى مجموعة

من أقوال علماء السلف في تفسير لفظ " الأمانة " ، ثمّ قال :

" وكل هذه الأقوال لا تنافي بينها

بل هي متفقة وراجعة إلى أنها : التكليف

وقبول الأوامر والنواهي بشرطها

وهو أنه إن قام بذلك أثيب ، وإن تركها عوقب

فقبلها الإنسان على ضعفه وجهله وظلمه

إلا من وفق الله ، وبالله المستعان "


انتهى من "تفسير ابن كثير " (6 / 489) .

وهذا المعنى هو الذي اختاره ابن جرير الطبري رحمه الله تعالى

حيث قال :

" وأولى الأقوال في ذلك بالصواب ما قاله الذين قالوا :

إنه عُنِي بالأمانة في هذا الموضع جميع معاني الأمانات في الدين

وأمانات الناس . وذلك أن الله لم يَخُصّ بقوله

(عَرَضْنَا الأمَانَةَ) بعض معاني الأمانات لما وصفنا "


انتهى من " تفسير الطبري " (19 / 204 - 205).

وقال القرطبي رحمه الله تعالى :

" والأمانة تعمّ جميع وظائف الدّين على الصحيح من الأقوال

وهو قول الجمهور "

انتهى من " تفسير القرطبي " (17 / 244) .

وقال الله تعالى :

( وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ ) المؤمنون/8 .

قال الشيخ المفسر محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله تعالى :

" والأمانة تشمل : كل ما استودعك الله ، وأمرك بحفظه

فيدخل فيها حفظ جوارحك من كل ما لا يرضي الله

وحفظ ما ائتمنت عليه من حقوق الناس ... " .


انتهى من " أضواء البيان " (5 / 846) .

الواجب في الأمانات العامة والخاصة أن تحفظ

وتؤدى على الوجه المطلوب شرعا

ويحرم إضاعتها وخيانتها .

قال الله تعالى :

( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ

وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ ) الأنفال/27

وقال الله تعالى :

( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا ) النساء/58 .


وخيانة الأمانة علامة من علامات النفاق .

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ :

(‏ أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا خَالِصًا

وَمَنْ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْهُنَّ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنَ النِّفَاقِ حَتَّى يَدَعَهَا :

إِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ ، وَإِذَا حَدَّثَ كَذَبَ وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ ، وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ ‏)


رواه البخاري (34) ، مسلم (58) .

خيانة الأمانة هي ذنب من الذنوب ، وكبيرة من الكبائر

. ورغم عظم هذا الذنب إلّا أنّ باب التوبة مفتوح .


قال الله تعالى :

( قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ

إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ) الزمر/53 .

وقال الله تعالى :

( وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ

وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ ) الشورى/ 25 .

وعن أبي هُريرةَ رضي الله عنه قَالَ

قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم :

( مَنْ تَابَ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِها تَابَ اللهُ عَلَيهِ )


رواه مسلم ( 2703 ) .

والتوبة الصادقة النصوح : هي المسارعة إلى ترك الذنب

والندم عليه ، والعزم على عدم العودة إليه .

ثمّ ينظر المذنب المضيع للأمانة

فإذا كانت هذه الأمانة التي أضاعها تتعلق بحقوق الله

فيجب ـ زيادة على التوبة والاستغفار ـ :

أن ينظر إذا ما كان هناك تكليف شرعي

لجبر هذه الإضاعة فيجب القيام به ، كالقضاء أو الكفارة

فمثلا المضيع لأمانة الصوم بأن أفطر متعمدا في رمضان

عليه ، مع توبته ، قضاء الأيام التي أفطرها

وإذا كان إفطاره حصل بجماع :

فعليه أن يؤدي الكفارة ، وهكذا باقي أمور الشرع.

أمّا إذا كانت الأمانة التي خانها تتعلق بحقوق الناس

فعليه ، مع ما سبق بيانه من أمر توبته :

أن يؤدي الحق إلى صاحبه ، أو يطلب منه العفو والمسامحة

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :

( مَنْ كَانَتْ لَهُ مَظْلَمَةٌ لأَحَدٍ مِنْ عِرْضِهِ أَوْ شَيْءٍ فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهُ الْيَوْمَ

قَبْلَ أَنْ لاَ يَكُونَ دِينَارٌ وَلاَ دِرْهَمٌ

إِنْ كَانَ لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ أُخِذَ مِنْهُ بِقَدْرِ مَظْلَمَتِهِ

وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ صَاحِبِهِ فَحُمِلَ عَلَيْهِ )


رواه البخاري ( 2449 ) .

قال النووي رحمه الله تعالى :

" قال العلماء : التوبة واجبة من كل ذنب

فإن كانت المعصية بين العبد وبين الله تعالى

لا تتعلق بحق آدمي ، فلها ثلاثة شروط :

أحدها : أن يقلع عن المعصية .

والثاني : أن يندم على فعلها .

والثالث : أن يعزم أن لا يعود إليها أبدا .

فإن فقد أحد الثلاثة لم تصح توبته .

وإن كانت المعصية تتعلق بآدمي فشروطها أربعة : هذه الثلاثة

وأن يبرأ من حق صاحبها

فإن كانت مالا أو نحوه : رده إليه

وإن كانت حد قذف ونحوه مَكَّنَه منه أو طلب عفوه

وإن كانت غيبة : استحله منها "


انتهى من " رياض الصالحين " ( ص 14 ) .


اخوة الاسلام

و لنا عودة ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

من اجل استكمال الموضوع