بِسْم اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
إِذْ تُصْعِدُونَ وَلا تَلْوُونَ عَلى أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْراكُمْ فَأَثابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ لِكَيْلا تَحْزَنُوا عَلى مَا فاتَكُمْ وَلا مَا أَصابَكُمْ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ (153)
سورة آل عمران
***********
قال القرطبي:
"قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: أَصْعَدْتُ إِذَا مَضَيْتُ حِيَالَ وَجْهِكَ، وَصَعِدْتُ إِذَا ارْتَقَيْتُ فِي جَبَلٍ أَوْ غَيْرِهِ. فَالْإِصْعَادُ: السَّيْرُ فِي مُسْتَوٍ مِنَ الْأَرْضِ وَبُطُونِ الْأَوْدِيَةِ وَالشِّعَابِ. وَالصُّعُودُ: الِارْتِفَاعُ عَلَى الْجِبَالِ وَالسُّطُوحِ وَالسَّلَالِيمِ وَالدَّرَجِ. فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ صُعُودُهُمْ فِي الْجَبَلِ بَعْدَ إِصْعَادِهِمْ فِي الْوَادِي، فَيَصِحُّ الْمَعْنَى عَلَى قِرَاءَةِ" تُصْعِدُونَ" وَ" تَصْعَدُونَ". قَالَ قَتَادَةُ وَالرَّبِيعُ: أَصَعَدُوا يَوْمَ أُحُدٍ فِي الْوَادِي. وَقِرَاءَةُ أُبَيٍّ" إِذْ تُصْعِدُونَ فِي الْوَادِي". قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: صَعِدُوا فِي أُحُدٍ فِرَارًا. فَكِلْتَا الْقِرَاءَتَيْنِ صَوَابٌ، كَانَ يَوْمَئِذٍ مِنَ الْمُنْهَزِمِينَ مُصْعَدٌ وَصَاعِدٌ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. قَالَ الْقُتَبِيُّ وَالْمُبَرِّدُ: أَصْعَدَ إِذَا أَبْعَدَ فِي الذَّهَابِ وَأَمْعَنَ فِيهِ، فَكَأَنَّ الْإِصْعَادَ إِبْعَادٌ فِي الْأَرْضِ كَإِبْعَادِ الِارْتِفَاعِ."
وقال:
" وَمَعْنَى" تَلْوُونَ" تُعَرِّجُونَ وَتُقِيمُونَ، أَيْ لَا يَلْتَفِتُ بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ هَرَبًا، فَإِنَّ الْمُعَرِّجَ عَلَى الشَّيْءِ يَلْوِي إِلَيْهِ عُنُقَهُ أَوْ عَنِانَ دَابَّتِهِ."
تفسير القرطبي (4-239/240)
بترقيم الشاملة الحديثة