منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - العلمانية: مشروع إبليس الدنيوي - د. يزيد حمزاوي
عرض مشاركة واحدة
قديم 2020-06-26, 14:19   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
عبدالإله الجزائري
عضو مشارك
 
الصورة الرمزية عبدالإله الجزائري
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي


(الحلقة 3)
22 يونيو 2020م


يجمع الباحثون الموضوعيون الذين درسوا العلمانية على أن ظهورها لم يكن وليد الصدفة أو العشوائية، بل كان ردة فعل ضد الأوضاع السائدة أو التي سادت في القرون الوسطى في أوروبا تحديدا، ذلك أن تلك القرون التي تجاوزت العشر، كانت أكثر القرون الإنسانية التي شهدت اغتيالا للإنسانية نفسها، ويكفي دليلا على ذلك أنها سميت بعصور الظلام Dark Ages، ولم يكن ذلك الظلام محيطا بجانب من الحياة العامة دون الآخر، بل كان عاما وشاملا لجميع مجالات الحياة، كانت تلك العصور عصور الأحزان والخوف والجهل الفاحش والإرهاب الفكري والعقائدي، الذي تفرضه فئة في المجتمع على حساب أوروبا وبعض أجزاء آسيا وإفريقيا وأمريكا بعد اكتشافها.
شهد العصر الوسيط انتشار نفوذ الكنيسة، ولأسباب عدة وصل أرباب الكنيسة إلى سُدة الحكم في عدة دول، وبوصولهم وصلت الممارسات والتصرفات والسلوكيات التي قتلت كل إبداع أو تجديد أو محاولة لإصلاح الفاسد أو دفع الضرر..
فالكنيسة ورجالاتها، حفاظا على مكتسباتهم وامتيازاتهم ومصالحهم المختلفة والمتنوعة، لجأوا إلى أسلوب الطغيان بأشكاله وأنواعه كافة، فمارست الكنيسة طغيانا عقائديا وفكريا وسياسيا واجتماعيا وماليا...الخ، ومما ساعد على تكريس أنواع الطغيان الكنسي أن كثيرا من البابوات والقُسس جمعوا بين السلطتين الدينية والسياسية، كما نجد ذلك في الإمبراطوريتين الرومانيتين الشرقية والغربية، وفي الدولة الرومانية كان الأباطرة يتولون العروش بعد تلك الطقوس الدينية التي يقوم بها الكهان والرهبان، ويتولى البابا نفسه تتويج الملوك والتحكم فيهم.
وقبل سرد تفصيلي لبعض أنواع الطغيان تجدر الإشارة إلى أن الكنيسة كانت في معركة دائمة مع العقل، هذا العقل الذي بذلت كل جهدها لإلغائه واغتياله، لأنها بعد فرض عقيدتها النصرانية في مجمع نيقية سنة 325 للميلاد، دعت الناس إلى الإيمان بجُملة من المعتقدات والأفكار التي لا تقبلها العقول، وترفضها الفطرة السوية...لقد دعت إلى الإيمان بالمستحيلات العقلية والمنطقية، حين جعلت ملكوت الله (الجنة) لا يُدخل إلا لمن آمن وأيقن بأسرار الكنيسة، كالتصديق بإله مثلث الاقانيم، وبأن المسيح هو الإله أو ابنه أو ثالث ثلاثة، والزعم بأن البشرية ملعونة منذ الأزل بسبب الخطيئة الأصلية، واليقين بأن الإله صُلب كفارة وفداء عن البشرية، والإيمان بأن الخبز والخمر يتحولان إلى جسد ودم الإله في القداس بعد أكله وشربه في طقوس وثنية محضة...
وتحت غطاء الطغيان، فُرضت تلك المعتقدات كلها بالقوة والإرهاب المادي والمعنوي والروحي، فدفعت الناس فيما بعد إلى كراهية عمياء وحقد بغيض وانتقام شرس وحرب ضروس على الدين، كانت العلمانية أحد أسلحتها.... (يتبع).
توقيع: د يزيد حمزاوي










رد مع اقتباس