منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - العلمانية: مشروع إبليس الدنيوي - د. يزيد حمزاوي
عرض مشاركة واحدة
قديم 2020-06-20, 23:58   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
عبدالإله الجزائري
عضو مشارك
 
الصورة الرمزية عبدالإله الجزائري
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي


(الحلقة 2)
19 يونيو 2020م


مازلنا في استجلاء مفهوم العلمانية، فنزيده إيضاحا بإيراد بعض محدداته الكاشفة، فقد ورد في قاموس ويبستر أن: العلمانية هي الروح الدنيوية أو الاتجاهات الدنيوية، وهي نظام من المبادئ والتطبيقات يرفض أي شكل من أشكال الإيمان والعبادة، وهي الاعتقاد بأن الدين وشؤون الكنيسة لا دخل لها في شؤون الدولة وخاصة في التربية العامة.
ولا شك أن الإشارة إلى التربية، هنا، لها مدلول في غاية الأهمية والدهاء، فعَلْمَنَةُ تعليم الأجيال هو عَلْمَنَةٌ للمجتمع كله، فلا غرابة من ثم أن يكون أولوية الأولويات في الدول العربية حاليا.
ويرى عماد الدين خليل أن: العلمانية تعتقد أن أي مخطط من مخططات الحياة الإنسانية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية والتربوية...يجب أن يصدر عن عقل الإنسان، الذي هو نتاج تفاعل مادي مع وقائع مادية، وتدعو إلى أن تكون العقيدة وجميع النشاطات الروحية مقصورة على نطاقها الفردي الخاص، دون أن تكون لها أية علاقة بالمجتمع أو الدولة أو النظام، وأن تصدر كافة المخططات الجماعية عن مصدر واحد للمعرفة هو العقل، الذي يشترط فيه أن يكون مجردا عن الرواسب والعواطف المنفعلة والآراء المسبقة التي تغذي اتجاهات الاستعلاء والانغلاق والطبقية والعنصرية والدينية.
فالعلمانية، حسب هذا الرأي، رديفة للعقل، به تأخذ وإليه تحتكم وما سواه فمردود، وليس السبيل إلى العقل الوحي أو النبوءات، كما يرى المتدينون وإنما الحواس، يقول إبراهيم النعمة: من الأفكار التي كان يروجها دعاة العلمانية أن هذه العلمانية كلمة تعني الاعتماد في العمل والبحث على الحقائق التي تدركها الحواس، ونبذ ما سوى ذلك، وأن يتحرر الناس تحررا تاما من العقائد الغيبية التي هي في الفكر الأوربي العلماني ضرب من الأوهام والضلالات، ذلك أن تلك الأفكار لا توصل إلى أحكام صحيحة ينتفع بها المجتمع.
كما يحدد عزيز العظمة، وهو من أبرز المنظرين العلمانيين، في كتابه "العلمانية من منظور مختلف" مفهومها بأنها: مساواة المرجعية الدينية في أمور الحياة والفكر بالمرجعيات الأخرى في مجتمع متمايز داخليا، ومعترف بتلك التمايزات، مما يجعل من أمور العقل والسياسة والمجتمع وتقنينها العام أمورا لا تخضع للسلطة المؤسسية أو الفكرية أو الرمزية الدينية، ولا تعتبرها المرجع الأساسي في الحياة، ويصبح الدين في مجال العبادة الشخصية، وتغدو التجمعات الدينية كالكنائس والطوائف وغيرها، كالتجمعات الاختيارية الأخرى كالأندية وغيرها، أمورا تعود إلى الحريات العامة، حيث تكون الحرية الدينية من حرية المعتقد وحرية التجمع واحدة من الحريات الشخصية والعامة كحق الرأي والنشر، وحيث إن الحرية الدينية حرية خاصة، لا تستطيع أية من ملازماتها التشريعية أن تنقض الحقوق العامة القائمة على أسس علمانية.
وباختصار لموقف عزيز العظمة، فهو يمنح استقلالية لدور المعبد أن يشرع للعبادة لكن بين جدرانه، كما يحق للمدرسة أو النادي أو الملعب أو أي مؤسسة في المجتمع أن تملك استقلالية في التشريع لنفسها، دون تدخل الدين في وجودها ودورها ونشاطها، وبهذا المفهوم تتعزز فكرة حصر نشاط الدين بين جدران المؤسسات التعبدية المحضة وترك بقية مؤسسات المجتمع تدير أمورها بعيدا عن الإيمان والوحي والروحانيات والمعبد ورجاله....(يتبع)
توقيع: د يزيد حمزاوي










رد مع اقتباس