منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - أسماء الله الحسنى وصفاته
عرض مشاركة واحدة
قديم 2020-04-01, 17:33   رقم المشاركة : 192
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










B18

تفصيل مفيد في صفة " السمع لله تعالى

وفيها بيان سماع الله لخلقه على اختلاف لغاتهم


السؤال

هل الله عز وجل يفهم جميع اللغات ؟!

ولماذا نعاني نحن كل هذه المعاناة في تعلم العربية ؟
.

الجواب


الحمد لله

أولاً :

ليعلم أن الله تعالى جلَّ وعلا ليس كخلْقه

بل له صفات الكمال سبحانه وتعالى

فهو عزَّ وجلَّ قال عن نفسه ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ) الشورى/ من الآية11 .

ومن أصول الإيمان القطعية ، التي لا يصح إيمان العبد ، ولا معرفته بربه إلا بها : أن يعلم أن الله جل جلاله بكل شيء عليم ، بما كان

وبما يكون ، وبما لم يكن ، يعلم السر وأخفى ، لا يشغله شيء عن شيء ، ولا صوت عن صوت ، ولا خلق عن خلق ، السر والعلن عنده سواء :

( سَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ ) .

قال الشيخ الشنقيطي رحمه الله :

" بين تعالى في هذه الآية الكريمة أن السر والجهر عنده سواء ، وأن الاختفاء والظهور عنده أيضاً سواء ؛ لأنه يسمع السر كما يسمع الجهر، ويعلم الخفى كما يعلم الظاهر .

وقد أوضح هذا المعنى في آيات أخر

كقوله : وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ [67/13، 14]

وقوله : وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى [20/7]

وقوله : أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ [11/5]

وقوله : وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ الآية [50/16]

إلى غير ذلك من الآيات " . انتهى .

"أضواء البيان" (2/236) .

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ

اجْتَمَعَ عِنْدَ الْبَيْتِ قُرَشِيَّانِ وَثَقَفِيٌّ ، أَوْ ثَقَفِيَّانِ وَقُرَشِيٌّ ، كَثِيرَ شَحْمُ بُطُونِهِمْ

قَلِيلَ فِقْهُ قُلُوبِهِمْ ؛ فَقَالَ أَحَدُهُمْ : أَتُرَوْنَ أَنَّ اللَّهَ يَسْمَعُ مَا نَقُولُ ؟ قَالَ الْآخَرُ : يَسْمَعُ إِنْ جَهَرْنَا ، وَلَا يَسْمَعُ إِنْ أَخْفَيْنَا . وَقَالَ الْآخَرُ : إِنْ كَانَ يَسْمَعُ إِذَا جَهَرْنَا ، فَإِنَّهُ يَسْمَعُ إِذَا أَخْفَيْنَا !!

فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ .

رواه البخاري (4443) ومسلم (4979) .

وعن أَبِي هُرَيْرَةَ قالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ

: ( قَالَ اللَّهُ تَعَالَى قَسَمْتُ الصَّلاَةَ بَيْنِى وَبَيْنَ عَبْدِى نِصْفَيْنِ وَلِعَبْدِى مَا سَأَلَ ، فَإِذَا قَالَ الْعَبْدُ ( الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ) قَالَ اللَّهُ : تَعَالَى حَمِدَنِى عَبْدِى ، وَإِذَا قَالَ ( الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ) قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : أَثْنَى عَلَيَّ عَبْدِى

وَإِذَا قَالَ ( مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ) قَالَ : مَجَّدَنِي عَبْدِي ، فَإِذَا قَالَ ( إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ )

قَالَ : هَذَا بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ ، فَإِذَا قَالَ ( اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ ) ، قَالَ هَذَا لِعَبْدِى وَلِعَبْدِى مَا سَأَلَ »

رواه مسلم ( 395 ) .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - :

فهذا يقوله سبحانه وتعالى لكل مصلٍّ قرأ الفاتحة ، فلو صلَّى الرجل ما صلَّى من الركعات قيل له ذلك

وفي تلك الساعة يصلي مَن يقرأ الفاتحة مَن لا يُحصي عددَه إلا الله ، وكل واحدٍ منهم يقول الله له كما يقول لهذا ، كما يحاسبهم كذلك ، فيقول لكل واحد ما يقول له من القول في ساعة واحدة

وكذلك سمعه لكلامهم ، يسمع كلامهم كلَّه مع اختلاف لغاتهم ، وتفنن حاجاتهم ؛ يسمع دعاءَهم سمْع إجابة ، ويسمع كل ما يقولونه سمع علم وإحاطة ، لا يشغله سمع عن سمع

ولا تغلطه المسائل ، ولا يتبرم بإلحاح الملحين ؛ فإنه سبحانه هو الذي خلق هذا كله ، وهو الذي يرزق هذا كله ، وهو الذي يوصل الغذاء إلى كل جزء من البدن على مقداره وصفته المناسبة له ، وكذلك من الزرع .

" مجموع الفتاوى " (5 / 479 ، 480 ) .

ثانيا:

الله تعالى هو الذي خلق اللغات ، وجعل ذلك من آياته تعالى على ربوبيته ، وقدرته

قال تعالى : ( وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِلْعَالِمِينَ ) الروم/ 22

وكيف يكون إلهاً ، ومعبوداً ، وربّاً ، وهو لا يعلم ما يقوله عباده ؟!

إننا نرى فيما يعتاده الناس ويعرفونه : أن صاحب الصنعة هو أدرى الناس بها ، وأفضل طريقة لمعرفة نظام جهاز من الأجهزة : أن تراجع كتاب التشغيل الصادر عن مصنعه

فكيف بالله جل جلاله ، وهو خالق الخلق ، وهو علام الغيوب :

( وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ * أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ) الملك/13-14.

قال الشيخ السعدي رحمه الله :

" هذا إخبار من الله بسعة علمه ، وشمول لطفه ، فقال : وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ

أي : كلها سواء لديه ، لا يخفى عليه منها خافية ، فـ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ أي: بما فيها من النيات والإرادات ، فكيف بالأقوال والأفعال التي تسمع وترى ؟!

ثم قال مستدلا بدليل عقلي على علمه : أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ ؛ فمن خلق الخلق وأتقنه وأحسنه

كيف لا يعلمه وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ، الذي لطف علمه وخبره حتى أدرك السرائر والضمائر ، والخبايا والخفايا والغيوب ، وهو الذي يعلم السر وأخفى ؟! انتهى .

"تفسير السعدي" (876) .