منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - فهرس القرآن وعلومة وتفسير القرآن الكريم
عرض مشاركة واحدة
قديم 2019-02-12, 15:18   رقم المشاركة : 11
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

لا تعارض بين الآية : ( لا إكراه في الدين ) وبين الأحاديث الدالة على قتل المرتد

السؤال

كيف التوفيق بين الآية ) لا إكراه في الدين ( ، وبين حكم قتل المرتد في الإسلام ؟

الجواب

الحمد لله

لا تعارض بين قوله تعالى : ( لَا إكْرَاهَ فِي الدِّينِ) ، وبين النصوص الدالة على قتل المرتد

فالآية محمولة على الكافر الأصلي الذي لم يدخل الإسلام ابتداء

فهذا لا يُكره على الدخول في الإسلام ، وأما من دخل في الإسلام طواعية ، ثم ارتد عنه

فهذا لا تشمله الآية ، بل قتل مثل هذا تقتضيه الحكمة والمصلحة ؛ ففي قتله صيانة للدين ولأهله .

قال ابن حزم رحمه الله :

" وَأَمَّا قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى : ( لَا إكْرَاهَ فِي الدِّينِ ) ، فَلَا حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَخْتَلِفْ أَحَدٌ مِنْ الْأُمَّةِ كُلِّهَا فِي أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ : لَيْسَتْ عَلَى ظَاهِرِهَا ; لِأَنَّ الْأُمَّةَ مُجْمِعَةٌ عَلَى إكْرَاهِ الْمُرْتَدِّ عَنْ دِينِهِ "

انتهى من " المحلى " (12/119) .

وقال ابن تيمية رحمه الله :

" فَإِنَّهُ لَوْ لَمْ يُقْتَلْ ذَلِكَ – أي المرتد - لَكَانَ الدَّاخِلُ فِي الدِّينِ يَخْرُجُ مِنْهُ ، فَقَتْلُهُ حِفْظٌ لِأَهْلِ الدِّينِ وَلِلدِّينِ ، فَإِنَّ ذَلِكَ يَمْنَعُ مِنْ النَّقْصِ ، وَيَمْنَعُهُمْ مِنْ الْخُرُوجِ عَنْهُ ، بِخِلَافِ مَنْ لَمْ يَدْخُلْ فِيهِ "

انتهى من " مجموع الفتاوى " (20/102) .

وقال ابن عاشور رحمه الله :

" وَحِكْمَةُ تَشْرِيعِ قَتْلِ الْمُرْتَدِّ - مَعَ أَنَّ الْكَافِرَ بِالْأَصَالَةِ لَا يُقْتَلُ - أَنَّ الِارْتِدَادَ خُرُوجُ فَرْدٍ أَوْ جَمَاعَةٍ مِنَ الْجَامِعَةِ الْإِسْلَامِيَّةِ ، فَهُوَ بِخُرُوجِهِ مِنِ الْإِسْلَامِ بَعْدَ الدُّخُولِ فِيهِ

يُنَادِي عَلَى أَنَّهُ لَمَّا خَالَطَ هَذَا الدِّينَ وَجَدَهُ غَيْرَ صَالِحٍ ، وَوَجَدَ مَا كَانَ عَلَيْهِ قَبْلَ ذَلِكَ أَصْلَحَ ، فَهَذَا تَعْرِيضٌ بِالدِّينِ وَاسْتِخْفَافٌ بِهِ .

وَفِيهِ أَيْضًا تَمْهِيدُ طَرِيقٍ لِمَنْ يُرِيدُ أَنْ يَنْسَلَّ مِنْ هَذَا الدِّينِ ، وَذَلِكَ يُفْضِي إِلَى انْحِلَالِ الْجَامِعَةِ ، فَلَوْ لَمْ يُجْعَلْ لِذَلِكَ زَاجِرٌ ، مَا انْزَجَرَ النَّاسُ ، وَلَا نَجِدُ شَيْئًا زَاجِرًا مِثْلَ تَوَقُّعِ الْمَوْتِ ، فَلِذَلِكَ جُعِلَ الْمَوْتُ هُوَ الْعُقُوبَةَ لِلْمُرْتَدِّ

حَتَّى لَا يَدْخُلَ أَحَدٌ فِي الدِّينِ إِلَّا عَلَى بَصِيرَةٍ ، وَحَتَّى لَا يَخْرُجَ مِنْهُ أَحَدٌ بَعْدَ الدُّخُولِ فِيهِ ، وَلَيْسَ هَذَا مِنِ الْإِكْرَاهِ فِي الدِّينِ الْمَنْفِيِّ

بِقَوْلِهِ تَعَالَى : ( لَا إِكْراهَ فِي الدِّينِ ) [الْبَقَرَة: 256] عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا غَيْرُ مَنْسُوخَةٍ ، لِأَنَّ الْإِكْرَاهَ فِي الدِّينِ هُوَ إِكْرَاهُ النَّاسِ عَلَى الْخُرُوجِ مِنْ أَدْيَانِهِمْ وَالدُّخُولِ فِي الْإِسْلَامِ ، وَأَمَّا هَذَا فَهُوَ مِنِ الْإِكْرَاهِ عَلَى الْبَقَاءِ فِي الْإِسْلَام ".

انتهى من " التحرير والتنوير " (2/ 336) .

والله أعلم .