ثالثا :
إننا نتفق مع والدك في رفضه هذا الشاب للسبب الذي ذكرتيه
فإن اختلاف مستوى التعليم والثقافة بين الزوجين يتسبب في كثير من الأحيان في حدوث مشاكل بينهما ، وذلك لصعوبة التفاهم بينهما .
قد تقولين : إن فلانة تزوجت من فلان مع اختلاف مستواهما التعليمي ، ونجح زواجهما ولم يفشل .
فنقول لك : وفلانة الأخرى ، وفلانة وفلانة ..
حدث بينها وبين زوجها مشاكل كثيرة متكررة من أجل هذا السبب .
فهل ترضين لنفسك أن تكون حياتك محلا للتجربة ، إما أن تنجح وإما أن تفشل ، بدلا من أن يكون اختيارك مبنيا على أسس سليمة ؟
إننا لا نحرم ولا نمنع ما أحل الله ، فلا نحرم الزواج في مثل هذه الظروف والأوضاع ( مع اختلاف المستوى التعليمي ) ، غير أن واقع الناس يحذرنا أن نقع فيما أخطأ فيه الآخرون
وكما قيل : السعيد من وعظ بغيره ، لا من وعظ الناس به ، وكان عبرة أمامهم ، على خطئه .
رابعا :
اعلمي أن الدراسات والأبحاث تثبت أن أكثر الزيجات المبنية على علاقة ومحبة سابقة قبل الزواج أنها تنتهي بالفشل ، خلافا لما يظنه الناس .
وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم : (84102) فارجعي إليها ، لتتعرفي على أسباب ذلك .
ثم نقول لك أيتها السائلة الكريمة :
دعي ما تقوله الدراسات من أن نسبة كبيرة من الزيجات المبنية على علاقات سابقة : تفشل ، أو تكون عرضة للفشل .
ودعي ما يقوله الواقع : من أن التفاوت الكبير في المستوى التعليمي
والشهادة الجامعية : هو أيضا عامل آخر من عوامل الفشل ، أو لنقل : من عوامل عدم الانسجام في المعيشة فيما بعد ذلك ؛ دعي ما يقوله الواقع ، وما تقوله الدراسات ، والتجارب .
فماذا في أيدينا ، نحن وأنت أن نفعله ؛ وقد رفض والدك ، وبشدة كما تقولين ، أن تتزوجي من هذا الشاب ؟
ربما لو كان والدك هو من يخاطبنا
لقلنا له : إذا لم تستطع إقناع ابنتك في نهاية الأمر ، وكانت مصرة على تلك العلاقة ، وكانت ، وكانت ... ؛ فما حيلة المضطر ؟؟
لكن والدك لا يسمعنا ، ولا نحن نجهر له بمثل هذا القول ، المضطر ؛ والزواج من غير موافقة والدك ، وولي أمرك : باطل شرعا ، غير مقبول واقعا ؛ فماذا ـ يا ترى ـ سوف يكون الحل ؟
هل تريدين أن تثبتي لوالدك ، ولمجتمعك : أن رغبتك ، وإصرارك أعظم وأقوى من موقف والدك؟؟
وأن بإمكانك أن تفعلي أشياء كثيرة ، رغم رفض والدك .
هل تريدين أن تثبتي أن بإمكانك أن تقابلي الرفض بالرفض ، والعناد بعناد ؛ فلا هو زوجك بمن تريدين ، ولا أنت ستتزوجين بمن يريده ، وربما لا تتزوجين من الأساس ؟!
فأي شرع ، وأي عقل ، وأي منطق ، وأي عرف مستقيم : يقبل منك بهذا ؟!
وأخيرا ...
إننا ننصحك بطاعة والدك ، وقطع علاقتك بهذا الشاب نهائيا ، والتوبة من هذا الخطأ والفعل المحرم ، وأن تقبلي على حياتك بنفس قوية
وبقلب مليء بالإيمان بالله والخوف منه والرجاء لثوابه ، مع الحرص التام على البعد عن كل خطأ لا يرضي الله تعالى
.
ومتى قطعت علاقتك بالشاب
حقيقة لا تجربة واختبارا ، فلن تلبثي ، إن شاء الله ، أن يهون عليك الأمر ، ويغطيه النسيان
كما حصل مع ألوف مؤلفة ، سواكما ، ثم لم يتوقف أمر الزواج ، ولم تتوقف حياة الناس ، فقد بنيت الدنيا على نسيان الأحبة .
فتعاملي مع الأمر بإيجابية ، وواقعية ، وتناسي همومك ، وعلائقك ، وإذا تقدم لك شاب مرضي الدين والخلق فإنك تقبلين الزواج منه .
وبهذا تكونين قد طويت تلك الصفحة الخاطئة من حياتك ، وفتحت صفحة بيضاء نقية عنوانها : " طاعة الله تعالى والفرار من معصيته " .
نسأل الله تعالى لك التوفيق والفلاح وأن يلهمك رشدك .
والله أعلم .