منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - موضوع مميز ¨°o.O« الخيمة الرمضانية الكبرى "اليوم 10" إعداد وتقديم : #Aya_bOok#» °¨
عرض مشاركة واحدة
قديم 2018-05-26, 16:53   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
#Aya_bOok#
عضو محترف
 
الصورة الرمزية #Aya_bOok#
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

بقلمي...#دورة_الزمن

إليكم إحدى كتباتي..ارتأيت أن أنقلها إليكم فقد صدأت في ذاكرة هاتفي..لعلها تزهر من جديد...



وبينما هي تمر بجانب تلك القرية القديمة التي رسمت فيها طفولتها الزهرية،
لكن لم يبق من ذلك شيئ سوى الذكريات التي لازالت ترن في مخيلتها،
سارت بأرجائها حتى وصلت إلى المنزل الذي قطنت به،
حيث اللعب والمرح،
والصخب الدائم،



وقفت إلى جانب كومة الأوساخ تلك التي حلت محل حديقة خضراء،
تذكرت تلك اللحظات التي عاشتها وسط أجواء يملأها الحنان والهدوء،
تذكرت تلك الأرجوحة التي كان يهزها بها جدها وهي تصرخ تلك الصرخات العويصة وتنادي بالرحمة منه،
تذكرت جلسة أمها تحت شجرة التفاح الهزيلة،
تحت ظل دافئ ونسيم عليل يجعل قصة شعرها الأمامية تتطاير نحو أحلام سعيدة
حينها تنسج لها والدتها خصلات شعرها الذهبية
وتجعل منه جدائل منظمة ومرتبة كنظام النجوم
ثم تربطها لها بتلك الربطة الوردية التي أهدتها لها جدتها عند أول عيد ميلاد لها،


تذكرت رشفة القهوة فوق حجر أبوها وسط الحديقة وهو يحكي لها حكاية الفتاة السعيدة التي تشبهها،
كانت تستمتع بنظرات أبوها لها وعيناه تغمرانها الحب،
تذكرت وتذكرت قبل أن تجري الرياح بما لا تشتهيه السفن،
قبل أن ينقضي ذلك النهار وتحل تلك الليالي،
قبل أن تأتي زوابع وتأخذ كل ماتملكه الفتاة في دنياها،
هي اﻵن لاتصدق أنها تلك الفتاة التي كانت بالأمس الشعلة التي أضاءت لها طريق أحلامها
واليوم أصبحت السواد الحالك وسط طريق مظلم تلاشت كل آماله..



زهور التي لم تبلغ إلا عقدا واحدا،
الوحيدة التي نجت من عائلتها في الحرب العصيبة بين قبيلتها والقبيلة المجاورة ،
تلك المعركة التي هدمت حياة زهور وغيرها من الأطفال الأبرياء ،
من حسن حظها أنها أخذت من طرف إحدى العائلات النبيلة لتسكن عندهم مقابل خدمتها لهم ،
ولم يقتضي الأمر بأن تعيش حياة كحياة باقي الخادمات اللاتي يعاملن بقسوة
بل كانت تعامل بطريقة عادية ومحترمة،


بعد مرور عقد كامل من العيش هناك اشتاقت زهور لتلك الطفولة البريئة،
اشتاقت لقرية أحلامها التي تهدمت داخل دوامة الزمن بما فيها من أماني سرمدية،
وبعد أن أخذت الإذن بالطبع استطاعت أن تصل إلى تلك القرية وتمر في أرجائها ثانية .
تذكرت زهور لحظات قضتها هناك في صغرها،
لم تتمكن من تجسيدها ثانية لكنها بالكاد استطاعت أن تفتح شريط الطفولة من جديد،
وصلت زهور إلى المنزل العريق الذي لم تتغير ملامحه في عينيها ،
لكنه تحول إلى سواد،
أما الحديقة فقد تحولت إلى ركام .



دفعت زهور الباب بهدوء فسقط مخلفا ألسنة الغبار هنا وهناك،
لم تكن تتوقع أن ذلك البيت الذي كان الجميع مهتم بتحفه
وكأنه لوحة فنية سيكون هكذا،
استمرت بالمشي بضع خطوات دون أن تنبت ببنت شفة لكن الدموع لم تصبر،
فانهمرت وعبرت عن أحاسيس زهور الداخلية ومالبثت أن رأت صورتها معلقة على الحائط
كما كانت فسقطت أرضا وأجهشت بالبكاء شوقا لما رحل،
لم تستطع المسكينة تصديق مايحدث،
جمعت نفسها وواصلت بحثها عن ذكريات الماضي
لعلها تنقي لها تفكيرها من خربشات الحرب العصيبة،
لعلها ترسم لها تلك الحياة الرائعة التي لا تظن أنها ستعيدها ثانية،
مضت إلى تلك الغرفة التي عادة ماتجتمع فيها العائلة كل أمسية،
يرتشفون تلك القهوة الدافئة،
والجميع يرسم على وجنتيه ابتسامة دائمة لا تنمحي بمرور الآزال،
لمحت المكان الذي كانت عادة ماتجلس فيه قرب جدها،
وهناك جدتها على ذلك الكرسي الهزاز،
هناك والدتها قرب المائدة تسكب للجميع أكواب القهوة وتقدم لهم صحون الكعك المسائي،
وأبوها متكئ على الأريكة البنية،


تذكرت كل هذا ،
وحاولت تجسيدهم في ذلك المكان ثانية،
لكن للأسف ،
لم تستطع فعل ذلك البتة،
صعدت إلى الطابق العلوي،
وقفت إلى جانب غرفتها التي لطالما أمها تلح لها بتنظيفها،
لكن سرعان ماتفعل ذلك،
شاهدت غرفة والديها بجانب غرفتها،
و غرفة جديها مقابلة لهما،
تذكرت لحظات منتصف الليل حينما يأتيها ذلك الكابوس المزعج
فتخرج من غرفتها مسرعة وهي تحتضن دبدوبها الخشن بيديها الرقيقتين متجهة صوب غرفة جديها،
فتوقظهما ثم تحكي لهما قصة ذلك الكابوس عندها تحتضنها جدتها وتضمها إلى صدرها
ثم تكمل باقي الليل قرب جدتها بعد أن تروي لها حكاية ثانية لتنام بها،
لكن لم تعلم زهور أن الكابوس الحقيقي سيستمر معها طوال حياتها،
نزلت إلى أسفل المنزل مطأطأة رأسها غارقة داخل عالم الأحزان،



ثم خرجت من المنزل،
مشت بخطوات متثاقلة،
و توقفت،
التفتت إليه،
ودعته ذلك الوداع الأخير لأن العائلة المربية ستنتقل إلى بيت جديد في بلدة بعيدة جدا عن هذه القرية ،
يعني أنها لن تعود لها ثانية،
تمتمت بكلمات مفهومة تحدثت فيها:
""اعلم يابيت السعادة أنك السعادة ومافيها،
اعلم أنك رسمت طفولتي وزينتها بلحظات لن أنساها مهما مزقت الحياة آمالي
وبعثرت أحلامي وكسرت أماني،
لن أنساك...
لقد نقشت في خارطة أحلامي نقشا بقي أثره في قلبي راسخا،
وداعي الأخير يابيتا كنت فيه إكسير الحياة المتدفق،
سلامي لك،
حتى ولوهدموك،
احتفظ بذكرياتي مع عائلتي،
أبقها معلقة على جدرانك،
ومرسومة في سقفك الذي ظللنا تحته،
الوداع الآن"".
التفتت إلى طريقها ومشت بخطوات بطيئة وهي لاتريد أن تبتعد عنه ولوللحظات،
وقلبها يتدفق حنينا وخيط الأمل الذي يربطها بهذا البيت سينقطع لكن..
ليس بيدك حيلة يازهور!!.
آية بن موسى
#Aya_bOok#
#خربشات_صغيرة


إلى فصل آخر...









آخر تعديل ♛ ♛T Alcapnon 2018-05-26 في 17:38.
رد مع اقتباس