منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - اهل الجنه و اهل النار
عرض مشاركة واحدة
قديم 2018-03-27, 15:18   رقم المشاركة : 38
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته




السؤال :

دائماً ما كنت أستغرب الحديث بأن الطقس إذا كان حارّاً فإن هذا نفَس من أنفاس جهنم

فهل هذا الحديث ضعيف؟

لأنه وفقاً للحقائق التي سمعتها أننا نحصل على فصول السنة من خلال الشمس

وميل الأرض ؟ .


الجواب :


الحمد لله

أولاً :

الحديث المشار إليه حديث صحيح في أعلى درجات الصحة ، وقد اتفق على إخراجه الإمامان البخاري ومسلم ، رحمهما الله .

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (اشْتَكَتْ النَّارُ إِلَى رَبِّهَا فَقَالَتْ : يَا رَبِّ أَكَلَ بَعْضِي بَعْضًا ، فَأَذِنَ لَهَا بِنَفَسَيْنِ : نَفَسٍ فِي الشِّتَاءِ ، وَنَفَسٍ فِي الصَّيْفِ ، فَهُوَ أَشَدُّ مَا تَجِدُونَ مِنْ الْحَرِّ ، وَأَشَدُّ مَا تَجِدُونَ مِنْ الزَّمْهَرِيرِ) رواه البخاري (3087) ومسلم (617) .

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :

"والمراد بالزمهرير : شدة البرد ، واستشكل وجوده في النار ، ولا إشكال ؛ لأن المراد بالنار: محلها ، وفيها طبقة زمهريرية" انتهى .

" فتح الباري " ( 2 / 19 ) .

ثانياً :

هل كان كلام النار ، وشكوتها ، بلسان المقال أم بلسان الحال ؟ أكثر العلماء -وهو الصواب بلا ريب- على أنه كان بلسان المقال .

قال الحافظ ابن عبد البر رحمه الله :

"وأما قوله في هذا الحديث : (اشتكت النار إلى ربها فقالت : يا رب ، أكل بعضي بعضاً .... الحديث) : فإن قوماً حملوه على الحقيقة ، وأنها أنطقها الذي أنطق كل شيء ، واحتجوا بقول الله عز وجل : (يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ) النور/24 ، وبقوله : (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ) الإسراء/44 ، وبقوله : (يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ) سبأ/10 ، أي : سبِّحي معه ، وقال : (يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْأِشْرَاقِ) ص/18 ، وبقوله : (يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ) ق/ 30 ، وما كان من مثل هذا ، وهو في القرآن كثير ، حملوا ذلك كله على الحقيقة ، لا على المجاز ، وكذلك قالوا في قوله عز وجل : (إِذَا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظاً وَزَفِيراً) الفرقان/ 12 ، و (تكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ) الملك/8 ، وما كان مثل هذا كله .

وقال آخرون في قوله عز وجل : (سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظاً وَزَفِيراً) و (تكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ) : هذا تعظيم لشأنها ، ومثل ذلك قوله عز وجل : (جِدَاراً يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ) الكهف/77 ، فأضاف إليه الإرادة مجازاً ، وجعلوا ذلك من باب المجاز ، والتمثيل في كل ما تقدم ذكره ، على معنى أن هذه الأشياء لو كانت مما تنطق ، أو تعقل : لكان هذا نطقها وفعلها .

فمَن حمل قول النار وشكواها على هذا : احتج بما وصفنا ، ومن حمل ذلك على الحقيقة : قال : جائز أن يُنطقها الله ، كما تنطق الأيدي ، والجلود ، والأرجل يوم القيامة ، وهو الظاهر من قول الله عز وجل : (يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ) ق/ 30 ، ومن قوله : (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ) الإسراء/44 ، و (قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ) النمل/18 ، وقال : قوله عز وجل : (تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ) الملك/8 : أي : تتقطع عليهم غيظاً ، كما تقول : فلان يتقد عليك غيظاً ، وقال عز وجل : (إِذَا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظاً وَزَفِيراً) الفرقان/ 12 ، فأضاف إليها الرؤية ، والتغيظ ، إضافة حقيقية ، وكذلك كل ما في القرآن من مثل ذلك .

ومن هذا الباب عندهم قوله : (فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ) الدخان/29 ، و (تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدّاً) مريم/ 90 ، و (قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ) فصلت/11 ، (وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ) البقرة/74 ، قالوا : وجائز أن تكون للجلود إرادة لا تشبه إرادتنا ، كما للجمادات تسبيح وليس كتسبيحنا ، وللجبال ، والشجر سجود وليس كسجودنا .

والاحتجاج لكلا القولين يطول ، وليس هذا موضع ذِكره ، وحمْل كلام الله تعالى ، وكلام نبيه صلى الله عليه وسلم على الحقيقة : أولى بذوي الدِّين ، والحق ؛ لأنه يقص الحق ، وقوله الحق ، تبارك وتعالى علوّاً كبيراً" انتهى .

" التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد " ( 5 / 11 – 16 ) .

ثم اختلف العلماء أيضا في نفسي جهنم ، هل هما على الحقيقة ، أم على المجاز؟ وأكثر العلماء على أن ذلك على الحقيقة أيضاً .

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :

"قال القرطبي : لا إحالة في حمل اللفظ على حقيقته ، قال : وإذا أخبر الصادق بأمر جائز : لم يُحتج إلى تأويله ، فحمله على حقيقته : أولى ، وقال النووي نحو ذلك ، ثم قال : حمله على حقيقته هو الصواب ، وقال نحو ذلك التوربشتى .

ورجح البيضاوي حمله على المجاز ، فقال : شكواها مجاز عن غليانها ، وأكلها بعضها بعضاً: مجاز عن ازدحام أجزائها ، وتنفسها : مجاز عن خروج ما يبرز منها ، وقال الزين بن المنير : المختار حمله على الحقيقة ؛ لصلاحية القدرة لذلك [يعني : أن الله تعالى يقدر على ذلك] ، ولأن استعارة الكلام للحال وإن عهدت وسمعت ، لكن الشكوى ، وتفسيرها ، والتعليل له ، والإذن ، والقبول ، والتنفس ، وقصره على اثنين فقط : بعيد من المجاز خارج عما أُلِف من استعماله" انتهى .

" فتح الباري " ( 2 / 19 ) .









رد مع اقتباس