اختصم بشار بن برد مع الأخفش، لأنّ الأخفش لم يكن يحتج بشعره، وكان يطعن عليه في بعض أقواله. من مثل قوله:
والآن أقصر عن سمية باطلي *** وأشار بالوجلى عليَّ مُشير
وقوله:
على الغزلى مني السلام فربما *** لهوتُ بها في ظل مخضرّة زهر
ويقول: لم أسمع عن العرب من الوجل والغزل (فعلى) وإنّما قاسمهما بشار، وليس هذا مما يقاس، وإنّما يعمل فيه بالسماع. وطعن عليه في قوله:
تُلاعب نينان البحور وربما *** رأيت نفوس القوم من جريها تجري
وقال: لم يسمع بنون ونينان، فبلغ ذلك بشارا، فغضب وقال: ويلي على القصار ابن القصّارين، متى كانت اللغة والفصاحة في بيوت القصّارين؟ دعوني وإياه، فبلغ ذلك الأخفش فبكى، فقيل له: ما يبكيك؟ قال: وقعت في لسان الأعمى، فذهب أصحابه إلى بشار، فكذبوا عنه، وسألوه ألا يهجوه، فقال: وهبته للؤم عرضه. فكان الأخفش بعد ذلك يحتج في كتبه بشعره ليبلغه ذلك فكيف عنه.