منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - الأذكار الشرعية في مائة سؤال
عرض مشاركة واحدة
قديم 2018-02-16, 03:07   رقم المشاركة : 13
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

ثانياً:

أما الاجتماع من أجل قراءة الأذكار فليس له أصل في السنة ، بل هو من قبيل الابتداع في هيئة الذكر ، والأذكار المشروعة ، سواء كانت مطلقة أو مقيدة ، هي من العبادات الفردية الخاصة والتي لا يشرع من أجلها اجتماع ، لا في يوم له فضل ، ولا في غيره مما لا فضل له من باب أولى .

والفرق بين الاجتماع لقراءة القرآن وتعلمه والاجتماع لذكر الله : أن الأول جاء في الشرع ما يحث عليه ويرغب فيه ، كما سبق ذِكره والإحالة عليه ، وأما الاجتماع لذِكر الله إما بصوت جماعي أو بقيادة أحد في الحلقة : فلا نعلم أصلا لمشروعيته .

وما ورد في الشرع من وصف مجالس الصحابة بـ " مجالس ذِكر " : فالمقصود به مجالس علم ، أو مجالس ذِكر لكن كل واحد يذكر ربَّه وحده سرّاً ، ومنه ما رواه معاوية رضي الله عنه أنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ عَلَى حَلْقَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ فَقَالَ ( مَا أَجْلَسَكُمْ ؟ ) قَالُوا : جَلَسْنَا نَذْكُرُ اللَّهَ وَنَحْمَدُهُ عَلَى مَا هَدَانَا لِلْإِسْلَامِ وَمَنَّ بِهِ عَلَيْنَا قَالَ ( آللَّهِ مَا أَجْلَسَكُمْ إِلَّا ذَاكَ ؟ ) قَالُوا : وَاللَّهِ مَا أَجْلَسَنَا إِلَّا ذَاكَ قَالَ ( أَمَا إِنِّي لَمْ أَسْتَحْلِفْكُمْ تُهْمَةً لَكُمْ وَلَكِنَّهُ أَتَانِي جِبْرِيلُ فَأَخْبَرَنِي أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُبَاهِي بِكُمْ الْمَلَائِكَةَ ) .

رواه مسلم ( 2701 ) .

قال ابن الحاج المالكي رحمه الله :

" وأما خروجه صلى الله عليه وسلم على حلقة من أصحابه فقال ( ما أجلسكم ؟ ) فقالوا : جلسنا نذكر الله : فهذا أفصح بالمراد في الجميع ، وكيف كان اجتماعهم ؛ لأنهم لو كانوا يذكرون الله جهراً لم يَحتج صلى الله عليه وسلم إلى أن يستفهمهم ، بل كان يخبرهم بالحكم من غير استفهام ، فلما أن استفهم دلَّ على أن ذِكرهم كان سرّاً ، وكذلك جوابهم له صلى الله عليه وسلم بقولهم " جلسنا نذكر الله " أدل دليل على أنهم كانوا يذكرون الله تعالى سرّاً ؛ إذ إنه لو كان ذكرهم جهراً لما كان لإخبارهم بذلك معنى زائد ، إذ إنه صلى الله عليه وسلم قد سمع ذلك منهم ، فكان جوابهم أن يقولوا جلسنا لما سمعتَه أو لما رأيتَه منَّا إلى غير ذلك من هذا المعنى

لأنهم يتحاشون أن يكون منهم الجواب لغير فائدة ، فبان واتضح أن ذكرهم كان سرّاً لا جهراً على ما روي عنهم في عبادتهم ، وقد قال تعالى في محكم التنزيل ( ادْعُوا ربَّكُم تَضُرُّعاً وَخُفْيَة ) .

أو كانوا يتذاكرون بينهم ما كان منهم في أمر الجاهلية من عبادة الأوثان وغير ذلك ، وما منَّ الله عليهم به من معرفة الإيمان والكتاب والسنَّة ، فتعظم عندهم النعَم عند تذكر ذلك ، فيحمدون الله على ما منَّ به عليهم من تلك النعَم التي يذكرونها ، ألا ترى إلى ما روي عنهم أنهم كانوا يقعدون في المسجد بعد صلاة الصبح يتذاكرون بينهم الأشياء التي كانوا يفعلونها في الجاهلية ويتعجبون من أنفسهم والنبي صلى الله عليه وسلم قاعد في المسجد يسمعهم فيتبسم أحيانا من حكاياتهم عن أنفسهم

فقد تكون تلك الحلقة التي خرج صلى الله عليه وسلم عليها قاعدة لذلك المعنى ، فحصل لهم ما حصل من المباهاة بها ؛ لأنهم إذا تذاكروا ذلك فيه يعرفون قدر نعَم الله عليهم وأن ما منَّ به عليهم ليس بأيديهم ولا بقدرتهم فتعظم نعَم الله تعالى عليهم أن هداهم وأنقذهم ، وأضل غيرهم وأصمهم وأعماهم فهم لا يسمعون ولا يبصرون كما جاء في محكم التنزيل " انتهى

من " المدخل " (1 /92 ، 93) .

ونرجو أن يكون ما ذكرناه كافياً ليترك أهلك ما فيه مخالفة للشرع ، والبقاء على ما يتوافق مع الشرع من حلقات القرآن علماً وتعليماً ، وليحث كلُّ فرد من أفراد الأسرة على الاستمرار في أذكار اليوم والليلة وغيرها من الأذكار كلُّ واحدٍ وحده من غير أن تكون جماعية ، وعليك تبليغ أهلك أحكام ما ذكرناه لك بلطف ولين ، فإن استجابوا فنعْم ما يفعلون

وإن رفضوا الاستجابة فلا تشاركهم في فعلهم واهجر فعلهم هجراً جميلاً من غير عنفٍ يتسبَّب في قطيعة بينك وبينهم ، ولا تقدِّم رضاهم على رضا الله تعالى ، لكن لا تفرط في حقوقهم المشروعة لأجل ما كان منهم من خطأ ، وتعاون معهم فيما وافقوا فيه السنة ، وعظموا فيه الشرع .

ونسأل الله تعالى أن يوفقكم لما فيه
صلاح دينكم ودنياكم .

والله أعلم









رد مع اقتباس