منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - دور الجواسيس الإنكليز في قيام كيان آل سعود
عرض مشاركة واحدة
قديم 2017-06-03, 00:02   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
العُثماني
عضو مشارك
 
الصورة الرمزية العُثماني
 

 

 
إحصائية العضو










Thumbs down دور الجواسيس الإنكليز في قيام كيان آل سعود



شذرات من تاريخ آل سعود الملطخ بالعمالة

إنجليز في بلاط عبد العزيز ؛ "وليم هنري شكسبير"



لم يكن الكابتن البريطاني "هنري شكسبير" من المعمرين، ولكنه كان ذا أثر كبير في تاريخ شبه الجزيرة العربية وكان له دور فعال في إنجاح مشروع الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود.

ولد "شكسبير" في إقليم البنجاب بالهند عام [1878م] [1] لأسرة بريطانية عريقة، استقرت في الهند عُرف عن أفرادها الانخراط في الجيش البريطاني وتولي المناصب الرفيعة فيه وفي حكم الولايات الخاضعة لسيطرته، ولذلك لم يكن غريباً أن يلتحق الشاب "هنري" هو الآخر بالجيش، حيث ترقى في مراتبه إلى أن وصل إلى مركز الوكيل السياسي البريطاني في الكويت.



يمكن تقصى أولى مراحل الاتصال بين آل سعود والبريطانيين إلى عام [1840م] حين وقع الأمير فيصل السعود مع الضابط البريطاني "لويس بيلي" اتفاقية على شاكلة ما كان يوقع مع مشايخ الخليج [2]، ولكن بقيت هذه الاتفاقية حبراً على ورق فيما يبدو لعدم احتياج الإنجليز إليها.

لم تتجدد الاتصالات مع الإنجليز، وخاصة بعد سقوط الدولة السعودية الثانية، إلا عام [1904م] حين شعر عبد العزيز أن عليه أن يوسع صلاته مع دول كبرى مثل بريطانيا، وكانت منطقة نفوذ عبد العزيز تقع في مجال جغرافي تحتاجه بريطانيا، فالسعودية هي المنفذ للعراق وفي السيطرة عليها سيطرة عليه، وهي تصل المحيط الهندي بالبحر الأحمر الذي يطل في نهاياته على مصر وعلى القرن الإفريقي وينتهي بقناة السويس.

وكانت منطقة نجد واقعة بين مجالين للنفوذ البريطاني، يشرف على كل مجال مكتب للمخابرات:

أما الأول؛ فكان "مكتب القاهرة" الذي خرّج "لورنس"، وكان مسؤولاً عن انطلاق البيت الهاشمي.

وكان الثاني؛ "مكتب الهند" الذي كانت له السيطرة على الخليج العربي.

وعندما بدأ الصراع بين ابن سعود وابن رشيد بمساعدة وتأييد شيخ الكويت في بداية الصراع، تنبه "شكسبير" لأهمية ابن سعود، فكتب لرئيسه "بيرسي كوكس" - المعتمد البريطاني في الخليج - قائلاً: (إنه رجل واسع الأفق يمكن على الأرجح الوثوق به أكثر من معظم العرب).

كان ذلك الانطباع نتيجة أول اجتماع لـ "شكسبير" مع عبد العزيز عام [1910م] في الكويت مغتنماً فرصة زيارة عبد العزيز لأمير الكويت الشيخ مبارك، إذ ترك عبد العزيز انطباعاً "طيباً" في نفس "شكسبير".

وفي نفس الوقت أحب عبد العزيز؛ "شكسبير" لأنه وجد فيه الأمل المنشود للحصول على دعم بريطاني في حربه مع ابن رشيد، بحجة طرد الأتراك، مع أن جل همه كان التخلص من آل رشيد.

في ذلك الحين لم يكن الإنجليز على استعداد لمقارعة الأتراك وكانت اهتماماتهم الأوروبية أولى من العربية، لذلك لم يعيروا رسالة "شكسبير" أو "كوكس" بالذات أي اهتمام.

وكانت خطة الإنجليز؛ عدم الرد على ابن سعود، أو على ابن رشيد، فكلاهما - كالهاشميين - كان يخطب ود بريطانيا لمصلحة شخصية وآنية، وكانت الأوامر تصدر تباعاً لكل من "شكسبير" و"كوكس" بألا يعطيا جواباً قاطعاً، وألا يبدي أي ميل لأي من الطرفين.

وقد حاول عبد العزيز مرات عديدة الاتصال بالإنجليز محاولاً أن يبين لهم ضرورة طرد الأتراك من نجد والتخلص من ابن رشيد وجماعته، إلا أن "شكسبير" كان يثبط عزائمه شارحاً له خطورة التورط في معارك مع تركيا، كونها دولة عظمى.

انقضى اجتماع "شكسبير" مع ابن سعود الأول في شهر مارس [1910م] دون نتائج، وقام "شكسبير" بممارسة هوايته بالتصوير، فحفظ لنا صورة لابن سعود وأخوته والشيخ مبارك ،ولعلها أول صورة شمسية لابن سعود، وقدم لهم وجبة غداء إنجليزية، أعدها لهم طاهيه الشرقي خالد، ودون "شكسبير" انطباعاته عن ابن سعود قائلاً؛ مثنياً على شخصيته وملاءمتها لتنفيذ برنامج بريطانيا في المنطقة.

والتقى "شكسبير" بعبد العزيز مرة ثانية في شهر مايو [1913م] شمال نجد في موقع يقال له "المجمعة"، وحاول ابن سعود ثانية أن يحصل على تأييد بريطانيا لطرد الأتراك من المنطقة، فكتب "شكسبير" إلى حكومته يخبرها بلقائه بابن سعود ولكن الحكومة البريطانية - الخارجية - استغربت ذلك وعاتبته على القيام برحلة لم تأذن له مسبقاً بها، وأشارت إليه بوجوب أخذ الموافقة قبل السفر، وعدم زج نفسه في صراعات محلية بعيدة عن المصالح البريطانية.

ولكن عبد العزيز الذي شعر بخيبة أمل كبيرة بعد اجتماعه بـ "شكسبير" انطلق يجمع قواته ليهاجم الإحساء ويحتلها، ثم انتقل إلى الهفوف؛ حيث اخترق أسوار حصن الهفوف الذي استسلمت حاميته بعد قتال خفيف، وأمر القائد التركي حامياته البعيدة بالاستسلام حفاظاً على حياتهم.

كانت هجمات ابن سعود الناجحة هذه؛ محرجة لبريطانيا التي كانت قد عقدت معاهدة مع الترك في يونيو من عام [1913م].

ظن عبد العزيز أنه بتوسعه هذا سيجعل من البريطانيين أصحاب مصلحة في دعمه، وبما أن النتيجة جاءت عكس ما يرغب، فقد وجد أن الحل الأمثل هو في اعتماده على نفسه ونسيان المساعدات البريطانية، فأرسل رسالته الأخيرة إلى "بيرسي كوكس" منتقداً التجاهل البريطاني له ولقوته الجديدة، وإذ لم يتغير هذا الوضع وإن لم تكن "بريطانيا العظمى راغبة في الحفاظ على صداقتها السابقة، وهو الأمر الذي ننشده" فإنه يطلب أن يبلغ بهذا بصراحة، كي يقوم برعاية مصالحه بنفسه.

شعر "بيرسي كوكس" بأنه حان الوقت للتعاون مع ابن سعود، فأرسل إلى حكومته رسالة يطلب تفويضه بإجراء مباحثات مع ابن سعود، ولكن الخارجية البريطانية رفضت إجراء أي مفاوضات، نظراً للوضع في أوروبا و "الدردنيل" على الخصوص الذي يقع تحت السيطرة العثمانية.

عندما عجز ابن سعود عن تحقيق أي تفاهم أو إيجاد أي نوع من الحماية والدعم البريطاني له، وجد نفسه أمام خيارين؛ إما فتح جبهة مع الترك، وهو أمر لا يطيقه بمفرده، أو أن يرتبط بهم اسمياً.

استقر رأيه على الخيار الثاني؛ فاتصل بالعثمانيين، الذين اجتمعوا في ربيع عام [1914م] قرب الكويت وأعطوه لقب "والي نجد" ووقعوا معه اتفاقية - كشف البريطانيون عنها فيما بعد عند احتلالهم البصرة - فما كان من "شكسبير" - الذي أحب عبد العزيز ووجد فيه مجال منافسة للمكتب العربي في القاهرة ونداً قوياً لشريف مكة الهاشمي الذي هو عميل المكتب المذكور - إلا أن قام بزيارة إلى لندن في محاولة جادة ومباشرة لتحقيق حلم عبد العزيز الذي وجد فيه مأرباً شخصياً له ضمن صراعه مع المكتب العربي.

اختار أن تكون رحلته إلى بريطانيا عبر شبه الجزيرة العربية، مستكشفاً مناطق جرت العادة الإنجليزية على تسميتها دون أن تطأها قدما إنسان أوروبي من قبل، فسافر من الكويت إلى الرياض، ومنها إلى بريدة، ومنها إلى الجوف فمعان، وقد قدم الكثير من المعلومات عن هذه الرحلة للجمعية الجغرافية [3].

في لندن لم يجد "شكسبير" آذاناً صاغية في الخارجية البريطانية، وكانت الحرب العالمية الأولى قد بدأت، فوجد من الخير له الالتحاق بالقوات البريطانية المتواجدة في أوروبا، وعُهد إليه بتدريب مجموعة من المجندين من "أولارشت".

وفي تلك الأثناء أعلنت الدولة العثمانية دخولها الحرب لجانب ألمانيا وبدأت العمليات العسكرية في أوروبا، عند ذلك فقط تنبه الإنجليز لمشروع "شكسبير" ونصائحه، وأصبح الاتفاق مع ابن سعود مطلباً عاجلاً وملحاً، لأنه الوحيد المؤهل لفتح جبهة قوية في شبه الجزيرة العربية لتشتيت قوات الدولة العثمانية.

وفعلاً، تم إرسال "شكسبير" على عجل إلى ابن سعود لعقد الاتفاق معه.

وصل "شكسبير" إلى "الخضر" القريبة من "الأرطاوية" - [300] كيلومتراً شمال الرياض - وتم الاجتماع في [1914/12/31م]، ولكن فوجئ "شكسبير" بتبدل عبد العزيز أو برود حماسه بشأن العلاقة مع بريطانيا، وكان رده؛ بأن فتح جبهة على الأتراك كبير عليه في ظروفه الحالية.

أخذ "شكسبير" يشرح لابن سعود أهمية الموضوع لبريطانيا وما سيعود عليه هو نفسه من مصالح [4]، مبيناً له بأن ذلك يعطيه الحق في إنشاء دولة محمية ومدعومة من البريطانيين، وبعد إلحاح شديد استجاب ابن سعود بشرط أن تبرم معاهدة بينه وبين بريطانيا، يحدد بموجبها سائر شروط الاتفاق، بحيث يكون له حكم المناطق المحررة بدعم مادي وعسكري بريطاني.

وبحكم صداقة الرجلين؛ قام "شكسبير" وعبد العزيز بصياغة بنود المعاهدة، لاعتبار الصياغة مشروعاً قابلاً للنقاش مع البريطانيين، ولم يكن ابن سعود أو "شكسبير" ليثقا بأن بريطانيا ستعطي مثل تلك المعاهدة ضوءاً أخضر في تلك الظروف.

أرسل "شكسبير" طلبات ابن سعود لرؤسائه، واغتنم فرصة قيام ابن سعود بهجوم على العجمان في المناطق القريبة، وطلب مرافقة ابن سعود الذي حاول ثنيه عن عزمه، ولكنه فشل، وحاول منعه من الظهور في ملابسه الغربية التي ستدفع العجمان لاعتباره هدفاً رئيساً، إلا أن "شكسبير" رفض أن يلبس الزي العربي ورفض حتى خلع خوذته الأوروبية الملونة، وأبى أن يستبدلها بالعقال العربي.

والمعتقد أن "شكسبير" شارك في المعركة بتوجيه قذائف المدفعية ضد العجمان، ولكن تغلب العجمان، وكان "شكسبير" من ضحايا هجومهم، فقد أصيب بعدة رصاصات اخترقت جسمه ورأسه، وقُطع بالسيف، ثم أرسلت خوذته إلى الحاكم التركي في الحجاز، الذي علقها على أحد أبواب المدينة المنورة شاهد إثبات على تعاون ابن سعود مع الكفار الإنجليز.

كان لـ "شكسبير" دور في تمكين ابن سعود، فلولا جهوده وتخطيطه لما استفاق الإنجليز على وضع ابن سعود، ولا منحوه مساعداتهم وحمايتهم فيما بعد.

مات "شكسبير"؛ وبموته حرك جهود "بيرسي كوكس" الذي أتم إنجاز مهامه من بعده إلى أن قامت المملكة العربية السعودية.

إن أكثر من عرف مكانة وأهمية وقدر "شكسبير" على المملكة هو ابن سعود نفسه، الذي كان لا يترك مناسبة إلا ويمتدح "شكسبير" ويبدي حبه وإعجابه به، وقد سأله "غلوب باشا" فيما بعد - عام [1918م] - من هو أروع شخص غير مسلم تعرفت عليه، فكان رد ابن سعود؛ "شكسبير"، وقد عرف قدر "شكسبير"؛ "غلوب باشا" و"بيرسي كوكس" و "عبد الله فيلبي" وغيرهم.

صحيح أن "شكسبير" أحب عبد العزيز الذي كان يبادله حباً بحب، إلا أن نظرة "شكسبير" لعبد العزيز كانت نظرة مصلحة وإعجاب، إذ كان يرى ما يقوم به ابن سعود وكأنه هو شخصياً يقوم به، إلا أنه كان يرفض أن يأكل أو يلبس أو يشرب مع العرب، بل كان يطلب منهم أن يتعاملوا بحضوره وكأنهم إنجليز، فكان يفرض عليهم الطعام الإنجليزي والشوكة والسكين، وكان يقبع في خيمته يتناول الويسكي بينما "الإخوان" [5] في الخيم الأخرى يقيمون الصلاة ويقرأون القرآن، وهو غير مبال.

ظلت ذكرى "شكسبير" في شبه الجزيرة العربية والكويت لعشرات السنوات والناس تذكر أعماله، وطباخه خالد ظل يذكره حتى مات، وكان البدو يذكرونه أيضاً، إضافة لعبد العزيز وأبنائه.

ويبدو أن قلة من الإنجليز سمعوا عنه، ولا نجد إسماً له في أي من الموسوعات البريطانية أو كتب الأعلام، مثله مثل كثير من الشخصيات التي مرت وأثرت في منطقتنا على شاكلة "سايكس" و "بيكو" وسواهم.

ونجد أن "هـ. وينستون" الذي دون حياة "شكسبير"، في كتاب بعنوان؛ "الكابتن شكسبير" قد صرف عامين يحاول أن يجمع عنه مادة، ولكنه لم يجد إلا القليل، إلى أن التقى قدراً مع أحد إخوة "شكسبير" الذي كان قد جمع بعض أوراقه ورسائله التي أرسلها له "شكسبير" حتى عام [1915م]، فكانت مادة الكتاب.









 


رد مع اقتباس