اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عثمان الجزائري.
من المعلوم و كما هو مسطر أن الكثير من مخالفي دعوة محمد بن عبد الوهاب بالغوا في تنزيه الحقبة التي عاشها الشيخ حتى قال أحدهم أنه لم يكن هناك لا شرك و لا كفر فلا ندري بأي عين رأى أو بأي عقل كتب هذا الكلام، يقول الشيخ محمد بن عبد الوهاب " فلما أظهرت تصديق الرسول صلى الله عليه وسلم فيما جاء به ، سبوني غاية المسبة ، وزعموا أني أكفر أهل الإسلام ، وأستحل أموالهم ، وصرحوا أنه لا يوجد في جزيرتنا رجل واحد كافر "
فالتعلم أخي أن في تلك الحقبة كان العلماء منهم من كانوا أشاعرة لا يرون أن عبادة القبور شركا و كانوا إخوانا للصوفية المقيتة التي أردد و أقول عنها كما قال الشيخ المبارك الميلي رحمه الله " أحمرة الإستعمار يركبونها متى شاؤوا" فقد جبلوا عن الخور و الخيانة و الجبن مداهنون رضوا بالمناصب و الجاه، و لا يمكننا أن ننفي أنه كان هناك علماء قبل و بعد دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب لكنهم لم يقوموا بالواجب بل تركوا الناس على ما هم عليه،و أين أسمائهم الآن فدعوة الحق بالغة آفاق الأرض لا محالة و أين البكري والأخنائي وابن مخلوف وزمرتهم ممن كانوا خصوم شيخ الإسلام إبن تيمية من منا لم يسمع بإبن تيمية؟ العاقل يعلم جيدا أن دعوة الحق محاربة في كل مكان و زمان، السلفية هي الدعوة الوحيد التي إجتمع عليها الأعداء و إتحدوا عليها من رافضة و صوفية والإباضية و قبورية و نصارى و يهود، فالمتتبع لأحوال نجد قبل دعوة الشيخ يعلم يقينا أن ما قيل عن تلك الحقبة ليس فقط محصورا في ما قاله محمد بن عبد الوهاب أو ابن غنام أو ابن بشر بل إنما هو رأي جميع الكتاب و المؤرخين الذين كتبوا عن تاريخ الشيخ و أنقل لك كلام من أحد المعاصرين و هو القرضاوي حول دعوة محمد بن عبد الوهاب حيث قال " فالإمام محمد بن عبد الوهاب في الجزيرة العربية كانت الأولوية عنده للعقيدة، لحماية حمى التوحيد من الشركيات والخرافيات التي لوثت نبعه، وكدرت صفاءه، وألف في ذلك كتبه ورسائله، وقام بحملاته الدعوية والعملية في هدم مظاهر الشرك". و إسمع إلى ما قاله الغزالي في كتابه (الدعوة الإسلامية تستقبل قرنها الخامس عشر –مكتبة وهبة – الطبعة الثالثة – 1410 هـ ص 52) " و مع أننا نعيب على العرب تقاعسهم في خدمة الثقافة الإسلامية الصحيحة إبّان هذه القرون الهامدة من الحكم التركي ، إلا أننا نذكر أن الحركة الوحيدة التي نهض بها العرب لإصلاح العقائد والعبادات ومحو ما شابها من زيغ وانحراف قاومتها الدولة بالسيف حتى أجهزت عليها . . نعني حركة الإصلاح التي قام بها محمد بن عبد الوهاب في جزيرة العرب ..." . و كما لا يمكن تغطية الشمس بالغربال كما يقال فقد ثبت من من عاصر الشيخ محمد بن عبد الوهاب أنه كان هناك من يتبع ابن عربي، وابن الفارض، يقول عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب: ( حالة الناس قبل هذا الدين: أكثرهم حالة، كحالة أهل الجاهلية الأولى، وكل قوم لهم عادة، وطريقة ، استمروا عليها ، تخالف أحكام الشرع، في المواريث، والدماء، والديات، وغير ذلك، ويفعلون ذلك مستحلين له) ويقول الإمام الشوكاني في وصف نجد، وغيرها ممن دخل تحت طاعة الشيخ محمد بن عبدالوهاب : ( وبالجملة: فكانوا جاهلية جهلاء كما تواترت بذلك الأخبار، ثم صاروا الآن يصلون الصلوات لأوقاتها، ويأتون بسائر الأركان الإسلامية على أبلغ صفاته ) و غيرهكذا تصريحات كقصيدة الصنعاني المشهورة عن بلاد نجد. يقال أن الحق ما شهدت به الأعداء فها هي أسماء بعض من أنصف الشيخ محمد بن عبد الوهاب من المستشرقين و غيرهم مثل: المستشرق كارل بروكلمان، المستشرق ستودارد، ويندر، هنري لاوست، المستشرق الهولندي كرستيان سنوك هود خرونيه، الدكتور طه حسين ،الجبرتي ، محمد رشيد رضا ، أحمد شاكر و غيرهم و كلهم أقروا بأنها دعوة جائت لإعادة الإسلام إلى صفائه الأول في عهد السلف الصالح
مما سبق يظهر جليا أن من رمى السلفية بالتكفير لا يخلو من إحدى هاته الأصناف: فإما أن ينقل من كلامهم ما ينتزعه من سياقه، فينزله في غير محله دون أخذ الإعتبار بخصوصية القول و ظروفه و معطياته أو ينقل مقاطع مبتورة أو ينقل الكلام بغير فهم أصلا.
إن العاقل ليعلم جيدا أن ما قامت به الدولة العثمانية من جهاد و حرب لا يدل بأي حال من الأحوال عن صلاح عقيدتها أو قوة دينها فالكفار يقاتلون و يحاربون من أجل مبادئهم فلا عبرة للقوة بالدين و لا مكان للإستدلال بالقوة لتبرير ما كان من مخالفات شرعية داخل الدولة العثمانية.
يتبع إن شاء الله إن كان هناك وقت كاف
|
جزاك الله خيرا أيها الأخ عثمان الجزائري