ابن الرومي ..
بات يدعو الواحدا الصمدا *** في ظلام الليل منفردا
خادم لم تُبْقِ خدمتُه *** منه لا رُوحاً ولا جَسدا
قد جفتْ عيناه غمْضَهما *** والخليُّ القلب قد رقدا
في حشاه من مخافته *** حُرُقاتٌ تلْذع الكبِدا
لو تراه وهو منتصب *** مُشْعِرٌ أجفانَه السُّهُدا
كلما مَرَّ الوعيدُ به *** سحَّ دمعُ العين فاطَّردا
ووهت أركانه جزعاً *** وارتقت أنفاسه صُعُدا
قائلٌ يا منتهى أملي *** نجني مما أخاف غدا
أنا عبدٌ غرّني أملي *** وكأنَّ الموتَ قد وردا
وخطيئاتي التي سلفتْ *** لستُ أحصي بعضَها عددا
فليَ الويل الطويل غداً *** ليت عمري قبلها نَفِدا
ويح عيني ساء ما نظرتْ *** ويح قلبي ساء ما اعتقدا
ليت عيني قبل نظرتها *** كُحِلَت أجفانُها رمدا
فإذا مرَّ الوعيد به *** كاد يُفني روحه كمدا
وإذا مرَّ الوُعود به *** شدَّ منه القلب والعضدا