رحم الله زمانا كان المعلم فيه قدوة يقتدى به، كلامه يسمع وأمره يطاع، نخشاه أكثر مما نخشى آباءنا، نحترمه ونبجّله، لدرجة أنه كان حينما يطلب من أحد التلاميذ محو السبورة، يشعر هذا الأخير بالفخر والاعتزاز، أما إذا أرسله إلى قسم آخر ( في مهمة خاصة) فإنه يشعر وكأنه سفير ( فوق العادة).
ذهب زمان لعبنا به وهذا زمان بنا يلعب، لم يكن للمعلم نقابة، ولا حقوق مثلما هي عليه الآن، كان المعلم يضطر لشراء الطباشير في بعض الأحيان خاصة (الملوّن)، غير أننا كنا نشعر بسعادته، يؤدي مهامه على أكمل وجه، وفي كثير من الأحيان يأخذ من حقنا في الراحة بعض الدقائق، ( يدق الجرس ) ويخرج تلاميذ بعض الأقسام ونبقى نحن نعدّ الثواني ونتمنى لو أن المعلم ( يحرّرنا مثل بقية الأقسام).
رحمة الله عليكم يا من غادرتم هذه الدنيا من المعلمين والأساتذة، ونتمنى طول العمر ودوام الصحة لمن هم على قيد الحياة، هؤلاء الذين علّمونا كيف نرسم الحرف العربي ( بالريشة والمداد البنفسجي) نرسم الحروف مثلما تُرسم ( النوتة الموسيقية).
هؤلاء المعلمون، أدوا الواجب وأكثر، ورحلوا في صمت ودون سابق إنذار، وربما من غير تكريم ولا اعتراف بالجميل، رحلوا مثلما رحل مالك وزينة وليلى ومصطفى ونورة وفريد، ويكفيهم فخرا أنهم أنجبوا جيلا تربّى على طاعة وبرّ الوالدين، والتحلي بالصدق والنزاهة والقناعة وحسن الخلق.