في احدى القرى بمدينة جزائرية كانت تقع القرية التي كانت عائلتي تقطنها ابان الاحتلال الفرنسي للجزائر في الخمسينيات ، و قبل أن تنتقل لمدينة الجزائر العاصمة لتستقر فيها و لم أكن مولودة بعد أنذاك فأنا من جيل الاستقلال .
في احدى الليالي الحالكات بدأ القصف المجنون للطائرات الفرنسية الصفراء علي القرية التي تسكنها عائلتي بأعالي الهضاب العليا ، تكونت عائلتي يومها من أبي أمي وأخي .
زاد القصف في جنونه ،وما كان على سكان القرية الا الخروج فرارا بأرواحهم بحثا عن ملاذ آمن يختبؤون فيه من شدة النيران المتهاطلة على رؤوسهم .
كان أخي لايزال رضيعا وضعته أمى فوق ظهرها وربطته بخمار لها وأحكمت ربطته، وخرجت مع ابي يشق لها الأحراش بعصا خشبية يحملها بيده في ظلمة حالكة غاب فيها نور البدر .
مسك أبي يدها وهو يترجاها أن تسرع لأن الطائرات زادت من سرعة القصف
وا حسرتاه ....ماذا بامكان ام أن تفعله في مثل هذه الظروف لتنقذ ابنها الرضيع ؟
أدمت الأشواك قدمي أمي والطائرات الصفراء لاتكف عن قصفها، وأخيرا وجدوا مكانا آمنا لجؤوا إليه تحت احدى الأشجار، تنفست أمي الصعداء، لكن أخي الرضيع بدأ في البكاء فخافت أن يكتشف أمرهم ويتم قصفهم فقامت بضمه بقوة لصدرها لتكتم صراخه لكنه لم يفعل فمكان عليها إلا ارضاعه فهدأ قليلا ، وهدأ معه القصف العشوائي المجنون .
عادت عائلتي لقريتها كما كل سكانها ، وتفقدوا بيوتهم وزرعهم وماشياتهم ، وصدموا لكمية الدمار الهائل الذي خلفه القصف المجنون .
حفظ الله عائلتي تلك الليلة ونجاها والحمد لله إنه على كل شىءقدير ،لكن أخي الرضيع مرض بعد تلك الحادثة بمرض للأطفال بسبب تعرضه للبرد ، وتوفي بعدها بفترة قصيرة .
والمحير في الأمر كله أن أمي لم تذكر على أنها كانت مجاهدة ، لكني أقول لها نامي أيتها المجاهدة في قبرك ، وروحك الطاهرة ترفرف علينا لنستمد منها القوة ، فأنت أيضا مجاهدة رحمك الله واسكنك فسيح جنانه .
الاهداء : إلى روح أمي الطاهرة
قصتي الواقعية
بقلم ملك نور الايمان