منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - موضوع مميز ۩☼◄ [[عبقات وقُطوف رمضانيّة دينيّة ❃ صَفوة النّفـس ❃ خيمة(01)]]►☼۩
عرض مشاركة واحدة
قديم 2015-06-12, 14:40   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
صَمْـتْــــ~
فريق إدارة المنتدى ✩ مسؤولة الإعلام والتنظيم
 
الصورة الرمزية صَمْـتْــــ~
 

 

 
الأوسمة
المشرف المميز المشرف المميز 2014 وسام التقدير لسنة 2013 وسام المشرف المميّز لسنة 2011 وسام أفضل مشرف وسام القلم الذهبي لقسم القصة 
إحصائية العضو










افتراضي



وممّا قرأت بـ كتاب الجرح والتّعديل



لمؤلّفه: الإمام الحافِظ شيخ الإسلام أبي محمّد عبد الرّحمن بن أبي حاتم
محمّد بن إدريس بن المنذِر التمّيمي الحنظلي الرّازي
،
اخترتُ لكم الآتي ذِكرُه بعونٍ من الله –مع اعتمادي على الإيجاز كون صفحاتُنا محدودَة بهذه الخيمة-

وقبلاً يهمّني تقديم نبذة عن كتاب تقدِمة المعرِفة للجُرح والتّعديل


فهو كتاب بِمنزلة الأساس أو التّمهيد لكِتاب الجُرح والتّعديل، افتتحَه المؤلّف ببيان
الاحتياج إلى السنّة وأنّها غي المبيِّنة للقُرآن، ثمّ بِبيان الحاجة إلى معرفة الصّحيح
من السّقيم وأنّ ذلك لا يتمّ إلّا بمعرِفة أحوال الروّاة، وأنّ معرفة الصّحيح والسّقيم
ومعرفة أحوال الروّاة إنّما يتمكّن منها الأئِمّة النّقاد، ثمّ أشار إلى طبقات الروّاة،
وذكر نبذةً في تنزيه الصّحابة وتثبيت عدالتهم، ثمّ بالثّناء على التّابعين،
ثمّ ذكر أتباعهم ومراتِب الروّاة، ثمّ ذكر الأئِمّة وسردَ بعض أسمائِهم،
ثمّ تخلّص إلى مقصود الكتاب وهو شرح أحوال مشاهير الأئمّة كمالِك بن أنس
وسُفيان بن عيينة وسُفيان الثّوري وشُعبة بن الحجّاج وغيرهم وساق لكلّ واحد
من الأئِمّة ترجمةً مبسوطةً تستمل على بيان علمه، وفضلِه، ومعرفته ونقدِه
وغير ذلك مِن أحواله، وجاء في ضِمن ذلك فوائد عزيزة جدّا في النّقد والعلل
ودقائق الفنّ لا توجَد في كتاب آخر، طبع عن ثلاثة أصول يأتي بيانها فيما بعد.


❃~ تقْـــــدِمة الكِتاب ~

الحمدُ لله الذي هيّأ لنا سلفَ صِدقٍ حفِظوا لنا جميعَ ما نحتاجُ إليهِ من الأخبارِ
في تفسيرِ كتابِ ربِّنا عزّ وجلّ،وسنّة نبيّنا صلّى الله عليه وسلّم وآثارِ أصحابه، وقضايا القُضاة،
وفتاوى الفُقهاءِ، واللّغة وآدابها والشّعرِ والتّاريخِ ..
والتزموا وألزموا مِن بعدهم سوق تلك الأخبارِ بالأسانيدِ، وتتبّعوا أحوالَ الرّواة
التي تساعد على نقدِ أخباهم، وحفظوها لنا في جملةِ ما حفظوا فميّزوا من الرواة
من يجب الاحتجاج بخبره ولو انفرد، ومن لا يجب الاحتجاج به إلاّ إذا اعتضد،
ومن لا يُحتجّ به ولكن يُستشهَد، ويُعتمد عليه في حالٍ دون أخرى،
وما دون ذلك من متساهلٍ ومُغفلٍ وكذّاب وانتقدوا وفحصوا الأخبار وخلصوا لنا منها ما ضمِنوه
❃ كُتب الصّحيحِ وتفقّدوا التي ظاهرها الصحّة وعرفوا بِسعةِ علمهم ودقّة فهمهم
ما يدفعُها عن الصّحة فشرحوا عِللها وضمنوها كتب العِلل،

وحولوا مع ذلك إماتة الأخبار الكاذبة فلم ينقُل أفاضلهم منها إلاّ ما احتاجوا إلى ذكره للدّلالة
على كذب راويه أو وهنِه، ومن تسامحَ مِن متأخّريهم فروى كلّ ما سمِع فقد بيّن ذلك
وكلّ النّاسِ إلى النّقدِ الذي قد مُهّدت قواعِدُه ونُصِبت معالِمه


فبِحقٍّ قال المستشرِق المحقّق (مرجليوث) لِيفتخِر المسلمونَ ما شاءوا بِعلمِ حديثِهِم (1)

(1)
انظُر المقالات العلميّة ص432 و 352



❃~ علم الجُرح والتّعديل ~

عِلــمٌ يُبحَثُ فيه عن جُرح الرّواة وتعديلهم بألفاظ مخصوصة وعن مراتب تلك الألفاظ،
وهذا العلم من فروع علم رِجال الأحاديث ولم يذكُره أحدٌ من أصحاب الموضوعات
مع أنّه فرعٌ عظيمٌ والكلام في كثيرٍ من الصّحابةِ والتّابعين فمن بعدهم،
وجوزِ ذلك تورّعا وصونا للشّريعةِ لا طعنا في النّاس، وكما جازَ الجرحُ في الشّهودِ
جازَ في أمر الدّين أولى من التّثبيت في الحقوق والأموال، فلهذا افترضوا
على أنفسهِم الكلامَ في ذلك (2)


(2)
كشف الظّنون ج1-ص.390



❃~ النّقــد والنقّــاد ~

ليس نقد الرّواة بالأمر الهيِّن، فلا بدّ أن يكون النّاقدُ واسعَ الاطّلاعِ على الأخبارِ المرويّةِ،
عارفا بأحوالِ الروّاة السّابقين وطُرُق الرّواية، خبيرا بعوائدِ الروّاة ومقاصدهم وأغراضهم،
وبالأسبابِ الدّاعيةِ إلى التّساهلِ والكذبِ، والموقعة في الخطأ والغلطِ، ثمّ يحتاج إلى أن
يعرِفَ أحوالَ الرّاوي متى وبأيِّ بلدٍ وُلِد؟

وكيف هو في الدّين والأمانة والعقل والمروءةِ والتحفُّظ؟ ومتى شرعَ في الطّلب؟
ومتى سمِع؟ ومع من سمِع. وكيف كتابه؟

ثمّ يعرف أحوال الشّيوخِ الذين يُحدّثُ عنهم وبلدانهم ووفيّاتهم وأوقات تحديثهم وعاداتهم
في الحديثِ ومرويّات النّاسِ عنهم ويعرض عليها مرويّات هذا الرّاوي ويعتبرها بها،
إلى غير ذلك ممّا يطولُ شرحُه، ويكونُ مع ذلك متيقّظا، مُرهفَ الفهمِ دقيقَ الفطنةِ مالِكا لنفسِه،
لا يستميله الهوى ولا يستفزّه الغضب، ولا يستخفّه بادرُ ظنٍّ حتى يستوفي النّظر ويبلغ المقرّ.

ثمّ يُحسنُ التّطبيقَ في حُكمه فلا يُجاوز ولا يقصّر، وهي مرحلةٌ لم يبلُغها إلاّ الأفذاذ.


❃~ أئمّــة النّقــد ~

اشتهر بالإمامةِ في ذلك جماعة كمالِك بن أنس وسفيان بن عيينة بالحجاز،
وبالعراق سُفيان الثّوري وشُعبة بن الحجّاج وبالشّام الأوزاعي، وآخرون قد ساق
ابن أبي حاتِم تراجِم غالبهم مستوفاة في كتابه
تقدِمة المعرفة لكِتاب الجُرح والتّعديل ¤"


وذلك أنه رأى أنّ مدار الأحكام في كتاب الجُرح والتّعديل على أولئك الأئمّة،
وأنّ الواجب أن لا يصِلَ النّاظر إلى أحكامهم في الرّواة حتى يكون قد عرفهم
المعرفة التي تُثبتُ في نفسه أنّهم أهل أن يُصيبوا في قضائهم،
ويعدلوا في أحكامهم، وأن يقبل منهم ويُستنَدَ إليهم ويُعتَمدَ عليهم.
ولِنحوِ هذا المعنى يجدر بنا أن نقدّم هنا ترجمة ابن أبي حاتم نفسه.


«*
حدّثنا عبد الرّحمن [حدّثني أبي. نا.عبد الرّحمن] بن عمر الأصبهاني قال:

سمعتُ عبد الرّحمن بن مهدي يقول:
أئِمّة النّاس في زمانِنا أربعة، سُفيان الثّوري بالكوفة، ومالك بالحجاز،
والأوزاعي بالشّام، وحماد ابن زيد بالبصرة.



❃~ مرتبة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم ~

قال عزّ وجلّ ») وما أنزلْنا عليكَ الكتاب إلاّ لتُبيِّنَ لهم الذين اختلفوا فيه- النّحل.64

فكان الرّسول عليه الصّلاة والسّلام هو المبين عن اللهِ أمره، وعن كتابه معاني
ما خوطِب به النّاس وما شرّع من معاني دينه وأحكامه وفرائضه وموجباته
وآدابه ومندوبه وسننه التي سنّها، وأحكامه التي حكم بها وآثاره التي بثّها.
فثبُت عليه الصّلاة والسّلام حجّة الله عزّ وجلّ على خلقه بما أدّى عنه من
محكمِ كتابهِ ومتشابهه، وخاصّهِ وعامّهِ، وناسخِه ومنسوخِه، وما بشر وأنذرَ
.


قال الله تعال:
رسُلاً مبشّرين ومنذرين لئلاّ يكونَ للنّاسِ على اللهِ حجّة بعد الرّسُل-النّساء.160
«(


~ معرفة السنّة وأئمّتِها ~

« إن قيلَ كيف السّبيلُ لمعرفة ما ذُكِرت من معاني كتابِ اللهِ عزّ وجلّ ومعالمِ دينهِ؟، قيلَ:
"الآثار الصّحيحة عن رسولنا الكريم صلّى الله عليه وسلّم وعن أصحابهِ النّجباء الألباء (1)
الذين شهِدوا التّنزيل وعرِفوا التّأويل- رضي الله عنهم
".

-(1): الأولياء.

« إن قيلَ كيف السّبيلُ لمعرفة الآثار الصّحيحة والسّقيمة؟، قيلَ:
"بِنقْدِ (2) العلماء الجهابذة الذين خصّهُم الله عزّ وجلَّ بهذه الفضيلة،
وررقهم هذه المعرفة، في كلّ دهرٍ وزمان
".


حدّثنا أبو محمّد عبد الرّحمن بن محمّد بن إدريس بن المنذر الحنظلي (نا) أبي قال
أخبرني عبدة بن سليمان المروزى قالَ قيل لابن المبارك:
هذه الأحاديثُ المصنوعة؟ قال: يعيشُ لها الجهابِذة
.

-(2): بِنقلِ.
-(نا) تعني (حدّثنا)

« إن قيلَ مالدّليلُ على صحّةِ ذلك؟ قيلَ له (3): اتّفاقُ أهلِ العلمِ على الشّهادةِ
لهم بذلك، ولم ينزلهم الله عزّ وجلّ هذه المنزلة إذ أنطقَ ألسنة أهل العلم
لهم بذلك إلاّ وقد جعلهم اعلاما لِدينِه، ومنارا لاستقامةِ طريقه وألبسهم لباس أعمالهم
.

(2): قُلنا.

«فإن قيلَ: ذكرت اتّفاق أهل العلم على الشّهادة لهم بذلك وقد علِمتُ بما كان
بين علماء أهل الكوفة وأهل الحجاز من التّبايُن والاختلاف في المذهب

فهل وافق أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمّد بن الحسن جماعة من ذكرت
من أهل العلمِ في التّزكية لهؤلاء الجهابذة النقّاد أوَ وجدنا ذلك عندهم؟


قيلَ: نعم- قال سفيان الثّوري: ما سألت أبا حنيفة عن شيء،
ولقد كان يلقاني ويسألني عن أشياء. فهذا بيّن واضحٌ إذا كان صورة الثّوري
عنده هذه الصّورة أن يفزعَ إليه في السّؤالِ عمّا يشكل عليه
.


* وأمّا محمّد بن الحسن فحدّثنا محمّد بن عبد الحكَم قال: سمعتُ الشّافعي يقولُ
قال لي محمّد بن الحسَن: أيّهما أعلم صاحبنا أم صاحبكم؟-يعني أبا حنيفة ومالك بن أنس-
قلتُ: على الانصافِ؟ قال: نعم. قلتُ: فأنشدك الله من أعلم بالقرآن- صاحبنا أو صاحبكم؟
قال: صاحبكم- يعني مالِكا. قلتُ فمن أعلمُ بالسنّة- صاحبنا أو صاحبكم؟
قال: اللهم صاحبكم، قلتُ: فأنشدك الله من أعلمُ بِأقاويلِ أصحابِ رسول الله
صلّى الله عليه وسلّم والمتقدّمين-صاحبُنا أو صاحبكم؟ قال: اللهمّ صاحبكم، قال الشّافعي:
فقلتُ لم يبقَ إلاّ القياس، والقياسُ لا يكون إلاّ على هذه الأشياء فمن لم يعرِفِ الأصول
فعلى أيِّ شيءٍ يقيس؟

قال عبدُ الرّحمن فقد قدّم محمّد بن الحسَن مالِك بن أنس على أبي حنيفة
وأقرَّ له بفضلِ العلمِ بالكتابِ والسنّةِ والآثار وقد شاهدهُما وروى عنهُما
.



~ التّمييز بين الروّاة ~❃
ولمّا كان الدّين هو الذي جاءنا عن الله عزّوجلّ وعن رسوله صلّى الله عليه وسلّم
بنقل الرّواة حقّ علينا معرفتهم ووجب الفحص عن النّاقلة والبحث عن أحوالِهِم،
وإثبات الذين عرفناهم بِشرائِطِ العدالة والثّبت في الرّواية ممّا يقتضيهِ حُكمُ العدالةِ
في نقل الحديث ورِوايتِهِ
بِأن يكونوا أُمناءَ في أنفُسِهم، علماء بدينهم،
أهلَ ورعٍ وتقوى وحِفظٍ للحديثِ وإتقانٍ به وتثبت فيه، وأن يكونوا أهل تمييز وتحصيل،
لا يشوبهم كثيرٌ من الغفلات، ولا تغلِب عليهم الأوهام فيما قد حفِظوهُ ووَعوه
ولا يُشبه عليهم بالأغلوطات.

وأن يُعزل عنهم الذين جرحهم أهل العدالة وكشفوا لنا عن عوراتهم في كذبهم
وما كان يعتريهم من غالِبِ الغفلة وسوءِ الحفظِ وكثرة الغلط والسّهو الاشتباه.
ليعرف به أدلّة هذا الدّين وأعلامِه...


❃~ طبقات الروّاة ~❃

ثمّ احتيج إلى تبيين طبقاتهم ومقاديرِ حالاتهم وتبايُنِ درجاتهم ليُعرف من كان منهم
في منزلة الانتقاد والجهبذة والتّنقير والبحث عن الرّجال والمعرفة بهم-
وهؤلاءِ هم أهل التّزكية والتّعديل والجُرح.


وُعرف من كان منهم عدلا في نفسِه من أهل الثّبت في الحديث ةالحِفظ له
والاتقانِ فيه- فهؤلاء هم أهلُ العدالةِ.

ومنهم الصّدوق في روايتِه الورِع في دينِه الثّبت في الذي يهمّ أحيانا
وقد قبله الجهابذة النقّاد- فهذا يُحتَجُّ بحديثِه أيضا.

ومنهم الصّدوق الورِع المُغفل الغالِب عليه الوهم والخطأ والسّهو والغلط
- فهذا يكتب من حديثِه التّرغيب والتّرهيب والزّهد والأداب ولا يُحتَجُّ بحديثِه في الحلالِ والحرام.


❃~ الصّحابة ~

فأمّا أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فهم الذين شهِدوا الوحي والتّنزيل
وعرفوا التّفسير والتّأويل وهم الذين اختارهم الله عزّوجلّ لصُحبة نبيّه صلّى الله عليه وسلّم
ونُصرتِه وإقامة دينه وإظهار حقّه فرضيهم له صحابة، وجعلهم لنا اعلاما وقُدوة
فحفظوا عنه صلّى الله عليه وسلّم ما بلغهم عن الله عزّوجلّ وما سنّ وشرّع وحكم
وقضى وندب وأمرَ ونهى وحظر وأدّب، ووُعوه وأتقنوه، ففقهوا في الدّين
وعلموا أمر الله ونهيِه ومرادِه- بمعاينة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم،
ومشاهدتهم منه تفسير الكتاب وتأويله ولقفهم منه واستنباطهم عنه،
فشرّفهم الله عزّوجلّ بما منّ عليهم وأكرمهم به من وضعه إيّاهم موضِع القُدوة،
فنفى عنهم الشكّ والكذِب والغلط والرّيبة والغمز وسمّاهم عدول الأمّةِ
فقال عزّ ذِكرُه في محكم كتابه (وكذلك جعلناكم أمّة وسطاً لتكونوا شُهداءَ على النّاس-البقرة:143)
ففسّر النبيّ صلّى الله عليه وسلّم عن الله عزّ ذكره قوله (وسطا) قال: عـدلاً،
فكانوا عُدول الأمّة، وأئمّة الهدى وحجج الدّين ونقلة الكتاب والسنّة.


وندب الله تعالى إلى التمسّك بهديِهم والجري على منهاجهم والسّلوك لسبيلهم
والاقتداء بهم، فقال: (ومن يتّبع غير سبيل المؤمنين نولّه ما تولّى –النّساء: 110)


ووجدنا النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قد حضّ على التّبليغ عنه في أخبار كثيرة ووجدناه يخاطب
أصحابه فيها، منها إن دعا لهم فقال نضر الله امرءا؟ سمع مقالتي فحفؤظها
ووعاها حتى يبلّغها غيره. وقال صلّى الله عليه وسلّم في خُطبتِه:
فليبلّغ الشّاهد منكم الغائب. وقال: بلّغوا عنّي ولو آية وحدّثوا عنّي ولا حرج.


ثمّ تفرّقتِ الصّحابة رضِي الله عنهم في النّواحي والأمصار والثّغور وفي فتوح البُلدان
والمغازي والإمارة والقضاء والأحكام، فبثّ كلّ واحد منهم في ناحيته
وبالبلد الذي هو به ما وعاه وحفِظه عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم
وحكموا بِحكم الله عزّ وجلّ وأمضوا الأمورَ على ما سنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم
وأفتوا فيما سئلوا عنه مما حضرهم من جواب رسول الله عن نظائرها
من المسائل وجرّدوا أنفسهم مع تقْدِمة حسن النيّة والقربة إلى الله تقدّس اسمه
لِتعليم النّاس الفرائض والأحكام والسُّنن والحلال والحرام حتّى قبِضهم الله عزّوجلّ
رِضوان الله ومغفرته ورحمته عليهم أجمعين.


❃~ التّابــعون ~

فخلف بعدهم التّابعون الذين اختارهم الله عزّوجلّ لإقامة دينه وخصّهم بحِفظ فرائضه
وحدودِه وأمره ونهيه وأحكامه وسُنن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وآثارُه
فحفظوا عن صحابةِ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ما نشروه وبثّه من الأحكام
والسُّنن والآثار، وسائر ما وصفنا الصّحابة به رضي الله عنهم فأتقنوه، وعلموه،
وفقهوا فيه فكانوا من الإسلام والدّين ومراعاة أمر الله عزّوجلّ ونهيه
بحيث وضعهم الله عزّوجلّ ونصّبهم له إذ يقول الله تعالى:
[والذين اتّبعوهم بإحسان] (رضي الله عنهم ورضوا عنه) –التّوبة (100)


فصاروا بِرضوان الله عزّوجلّ لهم وجميلِ ما أثنى عليهم بالمنزلة التي نزّههم الله بها
عن أن يلحقَهم مغمز أو تدركهم وصمة لِتيقّظهم وتحرزهم وتثبّتهم، ولأنّهم البررة الأتقياء
الذين ندبَهم الله لإثباتِ دينه وإقامةِ سنّتِه وسُبُلِه.


❃~ أتبــاعُ التابِـعين ~

ثمّ خلفهم تابعوا التّابعين وهم خلف الأخيار وأعلام الأمصار في دين الله عزّوجلّ
ونقل سنُن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وحفظه وإتقانه والعلماء بالحلال والحرام
والفقهاء في أحكام الله عزّوجلّ وفروضه وأمره ونهيِه فكانوا على مراتب أربع.


❃~ مراتِـب الــروّاة ~

/*فمنهم الثّبت الحافظُ الورع المتقِنُ الجهبذ (1) النّاقد للحديثِ-
/*فهذا الذي لا يُختلف فيه، ويُعتمَد على جُرعِه وتعديلهِ، ويُحتَجّ بحديثِه وكلامه في الرِّجال.


/*ومنهم العدْلُ في نفسه، الثّبِتُ في روايته، الصَّدوقُ في نقله، الورِعُ في دينِه،
الحافظُ لحديثه، المُتقِنُ فيه، فذلك العدْلُ الذي يُحتَجُّ بحديثه، ويوثَقُ في نفسِه.


/*ومنهم الصّدوقُ الورِع الثّبِت الذي يهمّ أحيانا وقد قبِله الجهابذة النقّاد- فهذا يُحتَجُّ بحديثِه.

ومنهم الصّدوقُ الورِعُ المُغفلِ الغالب عليه الوهم والخطأ والغلط والسّهو-
فهذا يُكتَبُ من حديثه التّرغيب والتّرهيب والزُّهد والآداب ولا يُحتَجُّ بحديثِه في الحلالِ والحرامِ.


/*ومنهم من قد ألصق نفسَه بهم ودلّسها بينهم- ممن قد ظهر للنّقاد العُلماء
بالرّجالِ منهم الكذب- فهذا يُترَكُ حديثُه ويُطرحُ روايتُه ويُسقَط ولا يُشتغَلُ به.


/*وخامسٌ قد ألصقَ نفسَه بهم ودلّسها بينهم ممّن ليس من أهلِ الصّدقِ والأمانةِ،
ومن قد ظهر للنقّاد العلماء بالرّجال أولى المعرفة منهم الكذب-
فهذا يُترَكُ حديثُه ويُطرَح روايته.

-(1)المجتهد

❃~ الأئِــــمّة ~

فمِن العلماء الجهابذة النقّاد الذين جعلهم الله علما للإسلام وقُدوةً في الدّينِ،
ونقّادا لِناقِلةِ الآثار من الطّبقة الأولى بالحِجاز مالِك بن أنس وسُفيان الثّوري
وشُعبة بن الحجّاج عبد الرّحمن وحمّاد بن زيد وبالشّام الأوزاعي.


حدّثنا عبد الرّحمن [حدّثني أبي، (نا) عبد الرّحمن بن عُمر الأصبهاني قال.
سمعت عبد الرّحمن بن مهدي يقول أئمّة النّاس في زماننا أربعة،
سُفيان الثّوري بالكوفة، ومالِك بالحِجاز، والأوزاعي بالشّام، وحمّاد ابن زيد بالبصرة.


حدّثنا عبد الرّحمن (نا) أبي (نا) حمّاد بن زاذان قال سمعت عبد الرّحمن ابن مهدي يقول:
شُعبة بن الحجّاج إمام في الحديث.


حدّثنا عبد الرّحمن قال وسمِعتُ أبي يقول: الحجّة على المسلمين الذين ليس فيهم
لبسُ سفيان الثّوري وشُعبة وحمّاد بن زيد وسُفيان ابن عيينة وبالشّام الأوزاعي. فمنهم بالمدينة.










آخر تعديل صَمْـتْــــ~ 2015-06-18 في 07:13.
رد مع اقتباس