منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - // ** - هل أخطأ الإخوان ... ؟ - ** //
عرض مشاركة واحدة
قديم 2015-05-31, 21:58   رقم المشاركة : 12
معلومات العضو
قاهر العبودية
عضو محترف
 
الصورة الرمزية قاهر العبودية
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

.....تابع


دعاة لا قضاة

----------
ولقد رأى الإخوان- وكان ذلك بتوفيقٍ من الله عزَّ وجل- أنَّ مهمتهم ودورهم الحقيقي ليس محاكمةَ الناس أو إدانتهم، وإنما دورُهم أن يكونوا أطباءَ يشخِّصون العلة، ويساعدون المريض على تناول الدواء، إنهم لم يطلبوا من الناس أن يلتزموا بمستوى الصحابة، وإنما فتحوا عيونَهم على ما في حياةِ الصحابة من عظمةٍ وسموٍّ، وأسوة وقدوة وبساطة وصدق.

وهذا البعض حين يفعل ذلك إنما يُكلِّف الناسَ في الحقيقة بما لا يطيقون، لقد بُعِثَ- صلى الله عليه وسلم- في خير القرون، كما حدَّثنا هو عن نفسه- صلى الله عليه وسلم- حين قال: "بُعثتُ من خيرِ قرون بني آدم قرنًا قرنًا، حتى كنتُ من القرن الذي كنتُ فيه" (أخرجه البخاري).

ولقد كان في قرنه خير جيل من المسلمين، وفيهم قال- صلى الله عليه وسلم-: "لا تسبوا أصحابي، فلو أنَّ أحدكم أنفق مثل أُحدٍ ذهبًا ما بلغ مُدَّ أحدهم ولا نصيفه"، وعن الصحابةِ- رضوان الله عليهم- أخذنا الإسلامَ كُلَّه قولاً وعملاً، وبجهادهم وصبرهم وثباتهم قامت أركانُ الإسلام وأمةُ الإسلام ودولةُ الإسلام، ومع كل هذه الخصوصيات وهذا المستوى من الفضل كان- صلى الله عليه وسلم- يتخوَّلُهم بالموعظة مخافةَ السأم؛ لأنهم بشر..

وكان إذا أمَرَهم أمرَهم من الأعمال ما يطيقون؛ لأنهم بشر.. وليس معنى هذا تبرير الواقع المريض، أو التماس الأعذار له أبدًا لا، إنما العكس هو الصحيح، ومعناه: أنَّ الدعاة إلى الله عليهم أن يشقُّوا على أنفسهم، ويرفقوا بغيرهم.. أن يُبشِّروا ولا ينفِّروا.. أن ييسِّروا ولا يعسِّروا.. أن يفتحوا للناس جميعًا أبوابًا واسعةً في رحمةِ الله، حتى لا ييأس عاجزٌ أو ضعيفٌ مهما كان نصيبُه من الإيمان والعمل، وكان الداعية الأول- صلى الله عليه وسلم- يقول لأمثال هؤلاء: "يخرج من الناس مَن قال لا إله إلا الله وفي قلبه وزن شعيرة من خير، ويخرج من النار من قال لا إله إلا الله، وفي قلبه وزن برة من خير، ويخرج من النار مَن قال لا إله إلا الله وفي قلبه وزن ذرة من خير".

لم يجلس الإخوان في الأبراج بعيدًا عن الناس، وإنما ذهبوا إليهم في بيوتهم وكفورهم ونجوعهم، يعرضون عليهم هذه الرسالة، ويخاطبونهم بما يفهمون، يُذكِّرونهم ويعلِّمونهم من غير استعلاء ولا منٍّ ﴿بَلْ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلإِيمَانِ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ﴾ (الحجرات: من الآية 17).. هذا الذي نقوله يشهد به ويزكِّيه مئاتُ الألوف من الأتباع والأنصار والأحباب، الذين تزدحم به المدن والقرى ومعاهد العلم، تعرفهم بسيماهم، هم العنصر الحي في هذه الأمة، التي قتلها الاستعمار وأشقاها الجهل، وأضناها الفقر.

هم العقل الجديد والروح الجديد، وهم دعاة الحق والخير، وهم حملة النور الذين يزهدون في الدنيا بما فيها من متاعٍ وغرور، إنك تفتقدهم في دنيا اللهو وصالات السينما، وحانات الخمور، ولكنك تجدهم بسهولةٍ في المساجد والمحاريب، والتهجد، وحلقات القرآن، إنهم يكثرون عند الفزع ويقلون عند الطمع، عند كل نداءٍ صادقٍ يلبُّون، وكل مشروعٍ مفيدٍ يعطون ويساعدون، وصدق الله العظيم ﴿وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنْكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ (104)﴾ (آل عمران).

هذا جانب من منهجنا في الإصلاح والتجديد، وهذا هو طريقنا مع القريبِ والبعيد، والحاكم والمحكوم، صِدْقٌ في النصيحة وتجرَّدٌ في القولِ والعمل، وعطاءٌ دائمٌ، حتى يفتحَ الله بالحق وهو خير الفاتحين.



......انتهه