منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - الحضارة الفارسية
عرض مشاركة واحدة
قديم 2015-04-26, 13:46   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
فتاة مميزة
عضو مشارك
 
الصورة الرمزية فتاة مميزة
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

ب- فرقة الفيَّالة
تعتبر الفيَّالة فرقة أساسية في الجيوش الفارسية وتشكِّل عمادًا لنظامها العسكري، ويشير المسعودي إلى أنه كان "في مربط أبرويز ألف فيل. وقد صُفَّت له الجيوش والسلاح، وفيما صُفَّ له الف فيل"(33). ويبدو أن الأكاسرة إستقدموا الفيلة من الهند التي كانت "تتخدها في بلادها، وليس فيها وحشية وإنما هي حربية"(34)، وتمنُّوا كما جاء على لسان أبرويز "ليت أنّ الفيل لم يكن هنديًا وكان فارسيًا"(35).
وتؤدي الفيَّالة في حقل المعركة دور الدروع في معركة اليوم، ونجد مركزها في خطة عمليات الفرس كما أوردها ستروكوف في وصف لموقعة كافكامل العام 331 ق.م بين الفرس ومقدونيا: "تمركزت العربات والفيالة أمام الجبهة"(36)، بينما كانت تلي صفوف الفرسان في معركة القادسية، حيث "عبئ رستم في القلب ثمانية عشر فيلاً، عليها الصناديق والرجال، وفي المجنبتين ثمانية وسبعة، عليها الصناديق والرجال"(37). وكانت مهمة هذه الأفيال خرق صفوف العدو والالتفاف على قلبه لتذعر سلاح الفرسان كما أوْرَدَ الطبري: "وكانت حَمْلَة الفيلة على الميمنة والميسرة على الخيول، فكانت الخيول تحجم عنها وتحيد"(38).

‌ج- الرجّالة (بايكان)
كانت فرق الرجّالة أو المشاة تتألَّف من الوحدات التي يجمعها أصحاب الإقطاعات والذين "ألزموا رعاياهم دفع الضرائب وأداء الخدمة العسكرية تحت رياستهم...، وكانت هذه الفرق المكوَّنة من الحرّاثين، سيئة التكوين ومؤلَّفة من جند غير أكفياء"(39). والواقع أنّ هذه الصفات جعلت المهمات الموكلة إلى هذه الفرقة في ساحات الحرب تتناسب مع قدرات عناصرها، فكانوا يسيرون في الصفوف التي تلي الفرسان والخيَّالة في مؤخرة الجيش يهدمون الأسوار، ويخدمون الفرسان، ويحرسون الفيّالة على حد قول المسعودي: "كانت ملوك الفرس توقي الفيلة المقاتلة بالرجَّالة حولها"(40).

‌د- فرقة الحرس الملكي
كانت هذ الفرقة تحيط الملك بهدف الدِّفاع عنه وحراسته، ويفيد كريستنسن "أنّ رئيسهم يتمتَّع بأوسع جاهٍ في البلاط، وفي أيام كسرى كانت وظيفة "الهزاربد" رئيس الألف رجل ثم أصبح رئيسًا للحرس الملكي"(41). ويذكر ديورانت "أن هذه الفرقة كانت أم فرق الجيش وكانت مؤلفة من ألفين من الفوارس وألفين من المشاة كلهم من الأشراف"(42).

هـ- فرقة المرتزقة
نُظِّمَت المرتزقة في الجيش الفارسي في فرق أُطْلِقَ عليها الفرق "الرديفة"، وكانت "تُجنَّد من جميع الأمم الخاضعة لسلطان الفرس، وكانت كل فرقة تتكلَّم بلغتها، وتقاتل بأسلحتها وتتبع أساليبها الحربية الخاصة"(43). ويشير كريستنسن إلى فرق رديفة "من السجستانيين، وفرق من الأمم الجبلية المختلفة في القوقاز"(44). وورد في "تاريخ الحضارات العام" أنه "كان يردف الجيش الإيراني وحدات من المرتزقة سوادهم من الأرمن"(45). وكان مما يلفت قيام ملوك ومرازبة الفرس بتجنيد المرتزقة اليونان نظرًا "إلى تفوق الجندي اليوناني التقني. وقد كوَّن بحارة شواطئ آسيا الصغرى الذين ينتمون إلى عنصر يوناني بالإشتراك مع البحارة الفينيقيين، رجال أسطول فارسي حسبوا له حسابًا"(46). ومن الفرق التي أردفت بجيوش الفرس كما يقول الطبري، كتيبتان جعلها ملك فارس مع ملك الحيرة بحكم تحالفهما "دوسر، وهي لتنوخ والشهباء وهي لفارس"(47). ويشير الألوسي إلى أنَّ هناك ثلاث كتائب إضافية، "الرهائن والصنائع والوضائع"(48).

ثالثاً: المبادئ العسكرية التكتيكية والإدارية
نظّم ملوك الفرس جيوشهم ووضعوا لها أسسًا إدارية وحربية فكانت محطَّ إعجاب وتقدير أعدائهم ملوك الروم وفق ما جاء في كتاب ملك الروم إلى سابور بن أزدشير: "أما بعد، فقد بلغني من سياستك لجندك وضبطك ما تحت يدك وسلامة أهل مملكتك بتدبير ما، أحببت أن أسلك فيه طريقتك وأركب مناهجك"(49).

‌أ- الإعداد والتدريب العسكري
إهتمت دولة الفرس باعداد "جيشها الامبراطوري" لتنفيذ سياستها الحربية من خلال تطبيق برنامج تربية عسكرية يشمل الفروسية والرمي، ويبدأ مع الأطفال منذ صغرهم. ويشير أربري إلى مراحل هذه التنشئة بقوله :"إنَّ الأبناء من سنّ الخامسة إلى سن العشرين يتعلَّمون ثلاثة أشياء فقط" ركوب الخيل، والصيد بالقوس وقول الحق. أما القتال في المعركة فكان يُعدّ أسمى صفات الرجل وكان يليه في الأهمية بناء أُسْرَة كبيرة من الأبناء، ثم يأتي بعد ذلك مَثَلُهُم الأعلى وهو تكوين الجندي الباسل"(50).
والواقع انّ مستويات التدريب في الجيش تتصل بتنوع الطبقات الإجتماعية التي يتكوَّن منها المجتمع الفارسي، فبينما نجد تكوين الجندي يعتمد على تقاليد وعادات الأُسر التي كانت تساهم في تكوين "الأمة المسلحة"، كان النبلاء الشبان "يُلَقَّنون فن الحرب قبل كل شيء"(51)، ويخضعون لبرامج يشرف عليها مؤدِّب الأساورة" الذي "كان يعمل على تعليم أبناء المحاربين في المدن والرساتيق حمل السلاح وآدابه"(52). ويحفظ لنا الطبري مراحل تربية "بهرام بن يزدجرد" لدى الملك العربي المنذر الذي "أتاه برهط من فقهاء الفرس ومعلِّمي الرمي والفروسية ليأخذ عنهم كل ما ينبغي التدرب به"(53). ويشير كريستنسن إلى "وجود أندية السباق خارج المدن حيث كان المدرّبون يعنون بالخيل وحيث يجري سباق الخيل وتمرينات الرماية بالسهم"(54). ولقد بلغت مهارة الفرسان وقدراتهم الفنيَّة والتقنية في الرماية مستوى رفيعًا جعلت أربري يصفهم في حربهم مع الرومان بقوله: "كانوا يرسلون عليهم سهامهم المميتة عن بعد، أمّا عن مهارتهم في رمي السهم إلى الوراء من فوق ظهر الجياد وهي تعدو بعيدًا عن العدو، فقد أكسبتنا هذه العبارة -رمية بارتية-"(55).










رد مع اقتباس