مراتب اليقين
لليقين ثلاث مراتب هي:
المرتبة الأولى: علم اليقين، وهي انكشاف المعلوم للقلب، بحيث يشاهده ولا يشك فيه كانكشاف المرئي للبصر.
المرتبة الثانية:عين اليقين، أي مشاهدة المعلوم بالأبصار.
المرتبة الثالثة: حق اليقين، وهي أعلى درجات اليقين، وهي مباشرة المعلوم وإدراكه الإدراك التام.
فالأولى: كعلمك بأن في هذا الوادي ماء، والثانية: كرؤيته، والثالثة: كالشرب منه([1]).
ومثال آخر: إيماننا الجازم بالجنة والنار هذا علم اليقين؛ فإذا أزلفت الجنة يوم القيامة للمتقين، وشاهدها الخلائق، وبرزت الجحيم للغاوين، ورأها الخلائق، فذلك عين اليقين، فإذا أدخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار، فذلك حينئذ حق اليقين([2]).
قال تعالى في سورة التكاثر: {كَلاَّ لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ * لَتَرَوْنَ الْجَحِيمَ * ثُمَّ لَتَرَوْنَهَا عَيْنَ الْيَقِينِ} ([3]) أي ترونها معاينة بالأبصار موقنين حقيقتها، ثم قال تعالى: {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنْ النَّعِيمِ} ([4]) أي لتسألن يوم القيامة عن نعيم الدنيا من صحة الأبدان والأسماع والأبصار والمكاسب وملاذ المآكل والمشارب، وغير ذلك هل أديتم شكرها على الوجه المشروع؟ أم كفرتم بها؟ ([5]).
ومما ينبغي أن يعلم أن اليقين يقوى ويضعف ويزداد وينقص، فهو درجات متفاوتة، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "للمؤمنين العارفين بالله المحبين له من مقامات القرب ومنازل اليقين ما لا تكاد تحيط به العبارة، ولا يعرفه حق المعرفة إلا من أدركه وناله"([6])، وقال عن اليقين في موضع آخر: "له درجات متفاوتة"([7])، وقال الشيخ محمد بن عبد الوهاب: "اليقين يضعف ويقوى"([8]).
([1]) انظر: مفتاح دار السعادة 1/233.
([2]) انظر: مدارج الساكلين 2/379، ومكاشفة القلوب ص251، 252.
([3]) سورة التكاثر: 5-7.
([4]) سورة التكاثر: 8.
([5]) انظر: تفسير القرآن العظيم 4/3086، وتيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان ص934.
([6]) مجموع فتاوى شيخ الإسلام 11/74.
([7]) الاستقامة 1/418.
([8]) كتاب التوحيد ص76.