هو رجل أتاه الله أياته فانسلخ عنها و اتبعه الشيطان فكان من الغاوين,, و لو شاء الله لرفعه بتلك الأيات ( ولكنه أخلد إلى الأرض ) أي : مال إلى زينة الدنيا وزهرتها ، وأقبل على لذاتها ونعيمها ، وغرته كما غرت غيره من غير أولي البصائر والنهى فشبهه الله بالكلب يلهث سواء حملته أو لم تحمله,,, وهكذا هم الناس الذين كذبوا بأيات الله,,, يعني إن يرو أيات الله أو لا يروها فهم مكذبون و كافرون مهما فعلنا لأنهم يريدون الدنيا و زينتها,,, هذا مثل الله واضح و لا يحتاج إلا للتفكر لفهمه و ربما قد غفلت عن شيء ما و لم أفهمه و لكن في العموم الأية واضحة المعاني ﴿ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ﴾
وانظري كيف فهمها رسول الله عليه الصلاة و السلام,, كما يفهما أي قاريء للأية,,,,
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن مما أتخوف عليكم رجل قرأ القرآن ، حتى إذا رؤيت بهجته عليه وكان ردء الإسلام اعتراه إلى ما شاء الله ، انسلخ منه ، ونبذه وراء ظهره ، وسعى على جاره بالسيف ، ورماه بالشرك " . قال : قلت : يا نبي الله ، أيهما أولى بالشرك : المرمي أو الرامي ؟ قال : " بل الرامي "
الفائدة في العبرة من القصة,, و هو أمر واضح,,,.
أما قصة هذا الرجل فلا فائدة منها إطلاقا ولو كانت ذا فائدة لذكرها الله أو رسوله,,, و اختلف العلماء جميعا في قصته,,, وسأدس لك في روايات الراوين رواية من صنعي و لعلك لن تعرفيها إلا إذا دخلت موقع هذه الروايات,,,
قال عبد الرزاق ، عن سفيان الثوري ، عن الأعمش ومنصور ، عن أبي الضحى ، عن مسروق ، [ ص: 507 ] عن عبد الله بن مسعود ، رضي الله عنه ، في قوله تعالى : ( واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها [ فأتبعه ] ) الآية ، قال : هو رجل من بني إسرائيل ، يقال له : بلعم بن أبر . وكذا رواه شعبة وغير واحد ، عن منصور ، به .
وقال سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة ، عن ابن عباس [ رضي الله عنهما ] هو صيفي بن الراهب .
قال قتادة : وقال كعب : كان رجلا من أهل البلقاء ، وكان يعلم الاسم الأكبر ، وكان مقيما ببيت المقدس مع الجبارين .
وقال العوفي ، عن ابن عباس [ رضي الله عنهما ] هو رجل من أهل اليمن ، يقال له : بلعم ، آتاه الله آياته فتركها .
وقال محمد بن إسحاق بن يسار عن سالم أبي النضر ، هو رجل من بني إسرائيل ، اسمه بلعام أو بلعم ، ويقال : ابن باعوراء بن قوشتم بن ماب بن لوط بن كهلان - ويقال : ابن حيران - بن آزر . وكان يسكن قرية من قرى البلقاء ، وهو الذي كان يعرف اسم الله الأعظم ، فانسلخ من دينه و تبعه الشيطان فكان من الغاوين في الأرض. و الله أعلم
وقال مالك بن دينار : كان من علماء بني إسرائيل ، وكان مجاب الدعوة ، يقدمونه في الشدائد ، بعثه نبي الله موسى إلى ملك مدين يدعوه إلى الله ، فأقطعه وأعطاه ، فتبع دينه وترك دين موسى ، عليه السلام .
وقال سفيان بن عيينة ، عن حصين ، عن عمران بن الحارث ، عن ابن عباس [ رضي الله عنهما ] هو بلعم بن باعر . وكذا قال مجاهد وعكرمة .
وقال ابن جرير : حدثني الحارث ، حدثنا عبد العزيز ، حدثنا إسرائيل ، عن مغيرة ، عن مجاهد ، عن ابن عباس [ رضي الله عنهما ] قال : هو بلعام - وقالت ثقيف : هو أمية بن أبي الصلت .
وقال شعبة ، عن يعلى بن عطاء ، عن نافع بن عاصم ، عن عبد الله بن عمرو [ رضي الله عنهما ] في قوله : ( واتل عليهم نبأ الذي آتيناه [ آياتنا ] ) قال : هو صاحبكم أمية بن أبي الصلت .
وقد روي من غير وجه ، عنه وهو صحيح إليه ، وكأنه إنما أراد أن أمية بن أبي الصلت يشبهه ، فإنه كان قد اتصل إليه علم كثير من علم الشرائع المتقدمة ، ولكنه لم ينتفع بعلمه ، فإنه أدرك زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وبلغته أعلامه وآياته ومعجزاته ، وظهرت لكل من له بصيرة ، ومع هذا اجتمع به ولم يتبعه ، وصار إلى موالاة المشركين ومناصرتهم وامتداحهم ، ورثى أهل بدر من المشركين بمرثاة بليغة ، قبحه الله [ تعالى ] وقد جاء في بعض الأحاديث : " أنه ممن آمن لسانه ، ولم يؤمن قلبه " ; فإن له أشعارا ربانية وحكما وفصاحة ، ولكنه لم يشرح الله صدره للإسلام .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا ابن أبي عمر ، حدثنا سفيان عن أبي سعيد الأعور ، عن عكرمة ، عن ابن عباس في قوله : ( واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها ) قال : هو رجل أعطي ثلاث دعوات يستجاب له فيهن ، وكانت له امرأة له منها ولد ، فقالت : اجعل لي منها واحدة . قال : [ ص: 508 ] فلك واحدة ، فما الذي تريدين ؟ قالت : ادع الله أن يجعلني أجمل امرأة في بني إسرائيل . فدعا الله ، فجعلها أجمل امرأة في بني إسرائيل ، فلما علمت أن ليس فيهم مثلها رغبت عنه ، وأرادت شيئا آخر ، فدعا الله أن يجعلها كلبة ، فصارت كلبة ، فذهبت دعوتان . فجاء بنوها فقالوا : ليس بنا على هذا قرار ، قد صارت أمنا كلبة يعيرنا الناس بها ، فادع الله أن يردها إلى الحال التي كانت عليها ، فدعا الله ، فعادت كما كانت ، فذهبت الدعوات الثلاث ، وسميت البسوس . غريب .
وأما المشهور في سبب نزول هذه الآية الكريمة ، فإنما هو رجل من المتقدمين في زمن بني إسرائيل ، كما قال ابن مسعود وغيره من السلف .
وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : هو رجل من مدينة الجبارين ، يقال له : " بلعام " وكان يعلم اسم الله الأكبر .
وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، وغيره من علماء السلف : كان [ رجلا ] مجاب الدعوة ، ولا يسأل الله شيئا إلا أعطاه إياه .
وأغرب ، بل أبعد ، بل أخطأ من قال : كان قد أوتي النبوة فانسلخ منها . حكاه ابن جرير ، عن بعضهم ، ولا يصح