(9)
هي لحظة ٌأعود اليها لأتنفس عبير أيامٍ مضتْ . أعود اليها كالهارب من الصقيع ليحتمي بجذوة نار الذاكرة . ما غيرها الذاكرة ، تحتلني من الوريد الى الوريد كلما أرهقتني صورتي المتعبة .
أقفُ أمامها متهالكاً حتى أخمص وجهي الشاحب ، وقد أخذته رمادية ظلي ، وأخفته في عرين حزنه الصاخب ، وطوته كالجريدة الفاشلة المهملة .
أقف أمامها كاليتيم ، أسألها هجعة ًللوجع المترب بالمسافة الخانقة . أسألها خبز أحلامي المتعثرة ، وحلوى أيامي المتناثرة على رصيف هواجسي المتآكلة .
كنتُ أرصد بوحها الرحيم ، المنتشر على سقف حزني كأوراق الخريف . وأدخل في طقس أوهامها كالصحاري المقفرة ، أحلم بمزن انهمارها واشتعالها لأعود من جديد ، وتهتز أغصانُ مهجتي المتفحمة .
ما سواها الذاكرة ، رغم ثقبها العنيد ، تقفل أبوابَ غربتي ، لأنهض كالعنقاء من رماد التعب المتشبث بأجنحتي ، وأحلق في سماوات انعتاقي وحريتي .
رغم ثقبها المائل على مرايا انكساراتي ، تميل عليّ بأثداء البقايا من بوح وجهي القديم ، لأعود ..... لأعود ...... .
يتبع...