(5)
أتدحرجُ من أسفل الى أعلى غير مبالٍ بتلك الجاذبية وكأني بذلك استسلم لغوغائيةٍ بليدة ٍتجوس في داخلي كالكرة الزئبقية ، تلك المتنافرةُ المتماسكة .
أجل ربما أنا كذلك ، متنافرٌ متماسك ، متوحدٌ متهالك ، أهربُ من ظلي الى الشمس وأهرب من الشمس الى غيمةٍ مغامرة تهوى جنون الريح وعبث العاصفة .
أقفُ على بُعد أنملةٍ من نجمة ، وأستدير ، مُشغلاً روحي بليل القصيدة البهيم ، وأهيمُ في سماءٍ من ورق ، بحثاً عن صفحةٍ بيضاء ، أرسم عليها ما علق في ذاكرتي لوجهي القديم .
ما كنت أصدقُ أنني أنسى وجهي ، حتى رأيته مرةً في المرآة لا يشبهني ، كان مختلفاً ، اختفت منه أشياءٌ كثيرة ، وظهرتْ عليه تقاسيمٌ جديدة ، حدثتني يومها نفسي ، لربما سرق أحدٌ ما وجهي ، وتخيلتُ عصابة ًهمجية تقوم بسرقة الوجوه وتخبئها في مكان ٍ ما أو ربما ترتديها كالأقنعة .
قضيتُ وقتاً طويلاً أبحثُ فيه عن وجهي ، متوقعاً أن أصادفه يوماً ، مرمياً تحت نافذة ، أو معلقاً بغصن شجرة ، أو أن أجد أحداً ما يرتديه ، مدعياً ملكيته ، فأحاربه وأنتزعه منه بالقوة .
اقتنعتُ أخيراً وبعد طول بحث ، أنني أنسى وجهي أو أتناساه ، وربما أهرب منه أحياناً لأجده مختبئاً خلف قصيدة ، أو لوحةٍ جديدة ، وأحياناً لا أجده .
هل رأى أحدٌ منكم وجهي ؟؟ .
يتبع...